كرّست ندوة أميركية متخصصة نظمتها مؤسسة الشرق الأوسطللدراسات في واشنطن، اهتمامها لمناقشة دور حركة حماس في ظل المعطيات السائدة والمتغيرة،فلسطينياً وعربياً ودولياً، وخلص المشاركون فيها والذين قدموا مداخلاتهم، إلى عدم توافرالمصلحة الحزبية لدى "حماس" لقبول إجراء الانتخابات التشريعية مرةً أخرىعلى الأقل في المدى المنظور، لسببين، أولهما: الحفاظ على نتائج انتخابات عام 2006 أطولمدى زمني ممكن لأنها حققت خلالها الأغلبية البرلمانية مما أهلها لإدارة المجلس التشريعيوتشكيل حكومة من لون واحد، وثانيهما: بسبب تراجع شعبيتها في منطقتي الضفة والقطاع،وبالتالي لا مصلحة لها في إجراء الانتخابات الآن، وستعمل على التسويف والمماطلة، وتتهربمن استحقاقات الانتخاب حتى ولو كان ذلك على حساب إجراءات وخطوات المصالحة. 

المشاركون روب مالي، رئيس منظمة مجموعة الأزمات الدولية،ومارك بيري صحافي ويشغل موقع نائب منظمة هيئة العمل الأميركية من أجل فلسطين، وغيثالعمري مفاوض فلسطيني سابق، وفيليب ويلكوكس دبلوماسي متقاعد؛ وجدوا في حركة حماس حركةًسياسيةً واقعيةً، أثبتت تبدلات مواقفها وحفاظها على علاقات مستقرة مع أنظمة مواليةللغرب مثل قطر ومصر وتركيا وبلدان الخليج العربي عموماً، أنها تتصرف بروح براجماتيةغير متزمتة، وذات طابع عقلاني، تتوسّل الاعتراف والدعم المالي لتبقى في صدارة القرارالسياسي الفلسطيني، أو شريكة من موقع القوة في هذا القرار. 

كما وجدوا أن لديها المصداقية في الالتزام بوقف إطلاقالنار مع الجانب الإسرائيلي عبر الوساطة المصرية، وأنها لا تتردد في القيام بإجراءاترادعة ضد خصومها الأكثر تطرفاً، إذا خرقوا اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار مع الإسرائيليينوذلك بهدف تحقيق غرضين، الأول الحفاظ على مكتسباتها في إدارة قطاع غزة منفردة، والثانيلتحاشي ردود الفعل الإسرائيلية العنيفة ضد قطاع غزة. 

ودللت حركة حماس من وجهة نظر المداخلات أن مرجعيتهاالسياسية والحزبية هي حركة الإخوان المسلمين كحركة سياسية عربية عابرة للحدود، تملكالأولوية في التأثير على قرار حركة حماس السياسي، بدلالة تراجعها عن العلاقة مع دمشقالتي احتضنتها طوال السنوات الماضية ووفرت لها المظلة والحماية، ومع ذلك تخلت حركةحماس عن أهم حليف سياسي لها وهو النظام السوري نزولاً عند قرار ورغبة حركة الإخوانالمسلمين، التي اتخذت قراراً بالعمل على الإطاحة بنظام حزب البعث في دمشق، مما دفعحركة حماس إلى الرضوخ لقرار الإخوان المسلمين، وبالتالي غلّبت مرجعيتها الحزبية والفكريةعلى مصلحتها السياسية، وأخرجت كوادرها وقيادتها من دمشق وتوزعت بين قطر والقاهرة وغزةواليمن والسودان. وخلص أكثر من باحث منهم إلى أن علاقة حركة حماس مع طهران، تقوم علىالمصلحة، فهي تقترب وتبتعد عن طهران بمدى ما تستفيد سياسياً ومالياً من الدعم الإيراني،نظراً لوجود تباينات أيديولوجية بين الطرفين، وكذلك ثمة حساسية بين تركيا وبلدان الخليجالعربي من طرف وإيران من طرف آخر، تنظر لها حركة حماس بعيون مفتوحة حتى لا تتأثر سلباًبهذه الحساسيات وتضارب المصالح بينهم. 

وفي ضوء استخلاصات الندوة الأميركية المتخصصة، وجد الباحثونأن المستقبل مُبشر لمواصلة حماس خياراتها المرنة والواقعية والبراجماتية، بل والتقدمخطوات إلى الأمام، مشروطة بانفتاح أوروبي عليها والتقدم باتجاه تحقيق خطوات ملموسةفي مسار التسوية، مع إدراكهم أن حركة حماس لن تستجيب للشروط الأميركية وشروط الرباعيةطالما أن خطوات التسوية تصطدم بمعيقات جدية تحول دون تحقيق تسوية تستجيب لمصالح الطرفينالفلسطيني والإسرائيلي. 

محاولات القراءة الأميركية لحركة حماس، ليست ترفاً أكاديمياً،بقدر ما تسعى هذه القراءة إلى دراسة المعطيات، وخلق بيئة حاضنة، وبعث رسائل متعددةالعناوين، فقد تم التفاهم الأميركي مع حركة الإخوان المسلمين على مجمل قضايا المنطقةالعربية باستثناء حركة حماس والموقف من حل القضية الفلسطينية الذي بقي معلقاً، ممادفع حركة الإخوان المسلمين وخاصة المرشد العام إلى تقديم النصح إلى خالد مشعل بضرورةالتوصل إلى اتفاق مع حركة فتح، ودخول حماس إلى صفوف الشرعية الفلسطينية ومؤسسات منظمةالتحرير والعمل من خلالها بعد فشل حركة حماس في تحقيق هدفين، الأول أن تكون بديلاًعن منظمة التحرير، والثاني أن تكون نداً لمنظمة التحرير، وقد استجاب خالد مشعل لطلبالمرشد العام أو نصيحته وهذا ما يُفسر إسقاط حركة حماس شروطها السابقة في دخول منظمةالتحرير، وقبوله أن يكون بمفرده عضواً في الهيئة التنظيمية القيادية الانتقالية لمنظمةالتحرير والمشكلة من رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني وإضافة ممثللكل من الجهاد والصاعقة والجبهة الشعبية القيادة العامة وثلاثة من المستقلين لعضويتها.