من يغدر المملكة الأردنية الهاشمية عليه أن يدرك أن طعنته تدمي قلب فلسطين. فكل الشعارات واليافطات والادعاءات الفئوية، الخادعة بمظهرها ومضمونها، ساقطة حتمًا، أمام المصالح الوطنية العليا للشعبين: الأردني والفلسطيني، ونحن على يقين أن المتآمرين الإرهابيين الذين خططوا لضرب الأمن الوطني الأردني وتخفوا بيافطات، استخدم فيها اسم فلسطين زورًا وبهتانًا، يعلمون أن فلسطين تتنفس برئة المملكة الأردنية الهاشمية، وأن المملكة تتنفس برئة دولة فلسطين، وأن استهداف الأردن ونشر الفوضى، إنما يستهدف فلسطين، والحق الفلسطيني.
أثبت الأشقاء في المملكة قدرة عالية ومتميزة في "إفشال المؤامرة على الدولة الأردنية بكل كفاءة واقتدار تحت قيادة الملك عبد الله الثاني بن الحسين" كما جاء في بيان الرئاسة الفلسطينية أول أمس بعد إعلان المملكة السيطرة التامة على عناصر خلية (16 شخصًا) شاركوا في تنفيذ خطة منظومة الإرهاب وراء ستار مسميات (إسلاموية)، وعلى أسلحة ومتفجرات، ومصنع لإنتاج قذائف صاروخية، مزود بأحدث وأدق آلات (خرط المعادن). ونشرت أجهزة أمن المملكة اعترافات بالصوت والصورة، وأخذ الشعب الأردني علمًا، بحقيقة ارتباط هذه الخلية الإرهابية بجماعة الإخوان المسلمين، وعلاقاتهم المباشرة مع (حماس) الفرع المسلح للجماعة في فلسطين، وتدرب بعضهم لدى جماعات وتنظيمات على الأراضي اللبنانية.
أما الأسئلة المطروحة، والمنتظر إجابات عليها بعد تقديم الخلية الإرهابية للمحاكمة وفقًا للقانون الأردني الذي ينص على منع ومكافحة الإرهاب، فهي كثيرة، أهمها: لصالح من عملت هذه الخلية؟ هل وراءها دولة إقليمية، وأذرعها المسلحة في المنطقة؟ الأهداف الحقيقية لتصنيع قذائف صاروخية، رأى مواطن أردني أنها مخصصة للاستخدام داخل الأردن، نظرًا لمداها المحدود، فالحقائق التي ستتجلى بالتحقيقات، بعد قرار الحكومة اللبنانية التعاون وتبادل المعلومات مع الحكومة الأردنية، ستبين للشعبين الأردني والفلسطيني تفاصيل المؤامرة على فلسطين، ومحيطها العربي، وتحديدًا على المملكة الهاشمية ومصر العربية، وكذلك سوريا ولبنان، لعلنا في هذا السياق نستذكر حديث سيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن عام 2010 مع صحافيين أردنيين في العاصمة عمان، حيث نبه ودعا لليقظة تجاه مؤامرة وضربة مزدوجة تستهدف أمن واستقرار المملكة وفلسطين، وكتبنا حينها مقالاً في هذه الزاوية بعنوان: تحذيرات الرئيس أبو مازن، حيث سلطنا الضوء حينها عن معادلة الاستقرار في المملكة وفلسطين فكتبنا: "إن عملاً مسلحًا ما من الأراضي الأردنية سيعني بداية العد العكسي لحالة الأمان والاستقرار في الأردن". وكتبنا أيضًا: "يحاول اليوم قادة (حماس) مع المملكة الأردنية الهاشمية بعد فشلهم في تهريب أسلحة وأموال كانت مهيئة لإشعال صراعات داخلية، تمهد لفوضى لا يخرج منها الأردن إلا أنقاضًا".
وكتبنا في مثل هذه الأيام السنة الماضية 2024 تحت عنوان ضرب استقرار المملكة الأردنية لمنع استقلال فلسطين التالي: "لقد انكشف مخطط حكام طهران، وبدت سوأة أدواتهم التنفيذية: جماعة الإخوان المسلمين، وفرعهم المسلح (حماس) ومعهم جماعة (الجهاد الإسلامي) بعد الإعلان جهارًا عن مقر غرفة أركان عملياتهم في طهران، فالهدف النهائي لما يسمى (فيلق القدس) السيطرة على عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية، واستباحة الضفة الشرقية لنهر الأردن، واغتيال المشروع الوطني الفلسطيني".
وفي الأسبوع الماضي كتبنا: "إن ساسة حماس ينتقمون من دول عربية مجاورة، ويسعون لتوريطها في حروب، بإيعاز من قيادة جماعة الإخوان المسلمين".
الضربة القاضية التي حققتها المؤسسة الأمنية الأردنية للخلية الإرهابية، ستظهر لنا أبعاد مخطط- تحدثنا وكتبنا عنه مرارًا- لإعادة تشكيل الاحتلال والاستعمار الاستيطاني في كامل فلسطين التاريخية والطبيعية، يرافقه تغييرات جذرية سياسية وديمغرافية على حساب سيادة وشعوب وأراضي دول عربية مجاورة، على رأسها المملكة الأردنية، الموضوعة تحت خانة الوطن البديل، ومصر مقصد التهجير القسري لملايين الفلسطينيين من قطاع غزة وتوطينهم في سيناء، وأن 7 أكتوبر 2023 وما سمي طوفان الأقصى كان الذريعة، للبدء بتنفيذه. وسيعرف كل عربي أن نزعة الانتقام لدى تيار الإخوان المسلمين- بما فيهم حماس- من الدولة الوطنية المانعة لانتشار مشروعهم الفئوي المدمر، ورفع شأن الفعل العبثي، على حساب منهج السياسة العقلانية الواقعية محرضهم، وليس أي قضية وطنية، أو عربية أو إسلامية، ففلسطين ودماء شعبها للاستثمار السياسي، وعنوان للتمويه على انخراطهم في تنفيذ مؤامرات، والعمل لصالح أجندات خارجية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها