رئيسنا، رأس شرعيتنا الوطنية هو اليوم في واشنطن, في البيت الابيض، في لقاء مفصلي وتاريخي مع الرئيس الاميركي باراك اوباما, وهو في هذا اللقاء المفصلي مدعوم بأوسع تأييد ودعم من شعبه الفلسطيني على امتداد فلسطين وعلى امتداد الشتات القريب والبعيد وهذا التأييد والدعم الشامل يأتي من خلال الاطارات الشرعية الفلسطينية القائمة، من خلال التكوينات الاجتماعية والثقافية والتعددية والوطنية الاخرى، كما ان هذا الدعم والتاييد الفلسطيني الشامل للاخ الرئيس ابو مازن يستند الى تاريخ طويل من التجارب الناجحة، لأن رئيس الشعب الفلسطيني قادم في الاصل من اصلاب الوجع الفلسطيني والحق الفلسطيني، وهو من مؤسسي فتح ومطلقي الثورة الفلسطينية المعاصرة وصانعي القيامة الفلسطينية ومن سدنة السر الاول, اي انه محصن بالايمان والخبرة والدراية العميقة، ومؤتمن بالمطلق بانه يستحيل ان يعثر على بارقة امل ويتركها تضيع هباء, ويستحيل ان يجد لشعبه منفعة فيضحي بها حتى لو كان خرط القتال, وقد كرس لنفسه مصداقية ربما تكون هي الاعلى في زماننا المعاصر لقائد وطني وزعيم سياسي، مصداقية قائمة على ان مصلحة الشعب الفلسطيني هي اقدس المقدسات.

وليس هذا كله فحسب، بل ان الرئيس الفلسططيني ابو مازن لم يختبئ في كل حياته ومشواره الطويل وراء الرفض السلبي, بحثا عن التطهر الذاتي الفردي، بل ان كل ما يرفضه عن حق وقناعة قدم بديلا عنه بدائل شجاعة وعميقة وحقيقية وقابلة للتنفيذ، وان هذه البدائل جميعها تقع تحت سقف الشرعية الدولية وقراراتها، وتحت سقف الايمان العميق بالسلام وفوائده للجميع, وتحت سقف الثقة بان حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية في حدود الرابع من حزيران، هو نفس حق الشعب الفلسطيني في المساهمة كشريك قوي في المسؤولية عن امن واستقرار هذه المنطقة, وحقه في المساهمة في اثراء الحضارة الانسانية.

على الجانب الاخر، فان اسرائيل بقيادة نتنياهو وقفت منذ بدأت المفاوضات الحالية في الثلاثين من تموز العام الماضي موقفا عدائيا سافرا، ولجأت الى التاأزيم السياسي الى حد التفجير والاستفزاز في قضايا الاستيطان والتهويد والاستهانة والقتل بدم بارد، بل ان هناك من يقول –وانا واحد من هؤلاء –ان اسرائيل منذ بدات جولة المفاوضات الحالية المتعثرة تركت كل معايير الدولة وتراجعتت وانكفأت الى كل معايير العصابة هل يعقل لرجل دولة في موقع نتنياهو ان يترك هذا المهووس الحاخام "غليك "يصعد الى سطح مسجد قبة الصخرة؟

اعتقد ان نتنياهو اصيب بخيبة امل عندما لم يتعرض هذا الحاخام المحقون بالحقد والخرافة لرصاصة في رأسه حتى تكون ذريعة الانفجار المطلوب !!! بل ان نتنياهو ذهب لتسول واستدراج التصعيد العسكري والعنف الدموي في قطاع غزة, ولقد وجد من يستجيب لهذا الاستدراج ولكن قوانين اللعبة كانت قد تغيرت فالذي اخذ المبادرة بشكل حقيقي هي حركة الجهاد الاسلامي وليس حركة حماس, وكان هذا اول درس لحماس بعد تورطها بعداوة ثبت انها مجانية مع الدولة المصرية, ومشكلة حماس الان استدراج العنف ليس كما يريدها نتنياهو، بل اعادة التأكيد بانها ما زالت اللاعب الرئيسي وليس حركة الجهاد الاسلامي، وهكذا وجد اصحاب الانقسام ان الانقسام اصبح عبئا عليهم، يلتهم رصيدهم ولا يبقي منه شيئا سوى الذكريات السوداء، اي ان حماس فعليا خرجت من المعادلة، وهي ترتكب المزيد من الاخطاء عبر محاولة تأكيد الدور باستمرار المتاجرة بآلام الشعب الفلسطيني ودمائ خارج حدود المعادلة الوطنية.

في هذا الاشتباك السياسي الكبير مع الاحتلال الاسرائيلي، كنا امناء مع التزاماتنا، وكنا شجعان بالوفاء بها، وكنا صادقين جدا، ولذلك وجدنا نتنياهو خلال لقائه مع الرئيس باراك اوباما في واشنطن قبل ايام، يهرب بشكل ممل وبائس من الحقائق السياسية الى الحكايات التي لا يصدقها احد، ويدعي ما لم يفعل، ويحول الهواجس المختلقة الى خوف شامل، حتى انهم في "الايباك "نفسه لم يستطيعوا قبول تلك الحكايات عن رقة قلب الجيش الاسرائيلي الذي يعالج النازحين من سوريا ويعالج المرضى من قطاع غزة!! ونسي نتنياهو انه حتى الصحافة الاسرائيلية كانت قد قدمت للرأي العام الاسرائيلي والعالمي كشوفا باسماء الاطفال الذين اعدمهم جيش نتنياهو.

كل هذه الافتعالات الكبرى لم تستطع ان تشوش على الزيارة، ما اعظم ان نكون على حق ففي نضالنا الطويل، ما اعظم ان نكون قد زرعنا من اجل موسم وفير للحصاد، نحن نعرف ان قضيتنا قضية كبرى، والمهم ان لا نفقد الرؤية وان لا يتوه من تحت اقدامنا الطريق.