مقترحات عدة يتم وضعها على الطاولة بالتزامن مع إراقة دماء شعبنا، وتبقى المخططات الإسرائيلية سيدة الموقف. مشهد مخضب بدماء الأطفال والنساء، وإبادة تتواصل وسط إخلاءات جديدة وتوسيع للعدوان البري. وللبحث في آخر التطورات، أجرت الإعلامية مريم سليمان مداخلة هاتفية عبر قناة فلسطيننا، مع المحلل السياسي السيد عبد الكريم أبو عرقوب.

بدايةً أكَّد أبو عرقوب، أنَّ الاحتلال الإسرائيلي يسعى لإعادة احتلال قطاع غزة والتمركز فيه بشكل دائم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال توسيع العدوان وفرض واقع جديد يتمثل في تقسيم القطاع، وفرض مناطق عازلة تقتطع أكثر من 20% من أراضيه، بما يشمل فصل رفح عن خانيونس، والوسط عن الشمال، والسيطرة على محور فيلادلفيا وساحل غزة على البحر المتوسط الذي سيكون منطقة عازلة. الهدف من ذلك هو إحكام السيطرة ومنع أي تراجع عن هذا الواقع المفروض.

وتابع، الاحتلال ينفذ موجات تهجير متتالية، آخرها إجلاء سكان رفح إلى مناطق معزولة في دير البلح، ضمن خطة لتقليص المساحات السكانية وتحويلها إلى مناطق ضيقة ومحاصرة. يستخدم الاحتلال هذه الإجراءات، إلى جانب الضغط العسكري، كوسيلة لدفع سكان غزة نحو القبول بالتهجير خارج الأراضي الفلسطينية، سواء طوعًا أو بالإكراه.

وحول الحديث عن مقترح جديد لإتمام صفقة علق عبد الكريم، أنَّ هذا المقترح هو رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي طرحه على نتنياهو خلال زيارته الأخيرة، مشددًا، على أنَّ هذا المقترح لا يلبي التطلعات الإسرائيلية بالكامل، ولكن الإرادة الأميركية طالبة إسرائيل بإنهاء عملياتها العسكرية في غضون أسابيع قليلة في قطاع غزة، والعودة إلى مسار تفاوضي، يتم فيه إطلاق سراح المحتجزين والأسرى الفلسطينيين، والبحث عن هدنة أو وقف دائم لإطلاق النار باتفاق سياسي يضمن تنفيذ بعض مما كان متفقًا عليه حول انسحاب إسرائيل من القطاع. مؤكدًا أنَّ  بنود هذا المقترح لا زالت غامضة، وستكشف الأيام القليلة القادمة عن هذه التفاصيل.

معلقًا، أما الاقتراح المصري الذي تم طرحه، لإيجاد صيغة توافقية ما بين الاحتلال وحماس من أجل استمرار عملية الهدنة، ووقف إطلاق النار، والذهاب إلى المراحل التي كان متفق عليها، يحظى بإجماع أكثر، ويُلامس التطلعات الفلسطينية بإنهاء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ووقف حرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا.

وأكَّد، أنَّ الاحتلال يواجه ضغوطًا دولية متزايدة، تمثلت في مواقف الاتحاد الأوروبي وتصريحات الرئيس الفرنسي حول الاعتراف بدولة فلسطينية قريبًا، إلى جانب التحضيرات لمؤتمر دولي لحل الدولتين تقوده فرنسا والسعودية في حزيران المقبل. كما تلقى الاحتلال صفعة بإعادة تعيين فرانشيسكا ألبينيز، المعروفة بدفاعها القوي عن الحقوق الفلسطينية وفضحها لجرائم الاحتلال. هذا الحراك الدولي يتصاعد، وسيزداد تأثيره خلال الفترة المقبلة.

وأضاف، أنَّ رغم الخلافات داخل إسرائيل حول نتنياهو وسياسته، إلا أن هناك إجماعًا على استمرار العدوان ضد الشعب الفلسطيني. مشددً على أنَّ احتجاجات الجيش والشارع الإسرائيلي تعكس رفضًا لسياسات نتنياهو، خصوصًا في ملف تبادل الأسرى وتعيين قادة الأمن، لكنها لا تعني دعمًا لحقوق الفلسطينيين أو توجهًا نحو حل سياسي يحقق تطلعاتهم بإقامة دولتهم المستقلة، مضيفًا،  أنَّ هذه الخلافات تُضعف الموقف الإسرائيلي، وتوضح للعالم كيف أنَّ الاحتلال في الداخل لا يمثل الرؤية الشاملة للإسرائيليين بشكل كامل.

 وقال: " لو فتحت كل دول العالم أبوابها للفلسطينيين، يبقى القرار بيد الشعب الفلسطيني بين الصمود أو اللجوء. لا يمكن للاحتلال أن يصمد أمام إرادة الفلسطينيين ودعم الأحرار حول العالم. ورغم أنَّ الولايات المتحدة تسعى لمصالحها التي قد تختلف أحيانًا مع مصالح الاحتلال، إلا أن الرهان الحقيقي هو على الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه ووطنه".

وأوضح أنَّ المواقف الدولية الرافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة لم تعد سياسية فقط، بل أصبحت إنسانية بالدرجة الأولى. فزيارة ماكرون لمستشفى العريش ولقاؤه بجرحى غزة تركت أثرًا عميقًا، خاصةً بعد أن رأى بنفسه ضحايا العدوان من الأطفال والنساء وكبار السن.

تابع، أنَّ المواقف الدولية لم تعد بحاجة لتفسيرات حول جرائم الاحتلال، فهي تُبث مباشرةً يوميًا منذ أكثر من عام ونصف، وهذا ما حرّك الشارع العالمي، خاصة في أميركا، رغم الإجراءات والقوانين التي سُنَّت للحد من معارضة الاحتلال والخروج بمظاهرات مناهضة له. مشددًا أنَّ الصور والمشاهد القادمة من غزة حفزت كل أصحاب الضمير، والداعين للحرية والسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان أن يعارضوا سياسة الاحتلال.

وختم حديثه قائلاً : "عندما تحدث ممثل الاحتلال في الأمم المتحدة،  تحدث لنفسه بعدما انسحب الحاضرون من كلمته، في دليلاً على سقوط روايته اليوم، باتت الحقيقة واضحة، والفلسطيني لم يعد بحاجة لتبرير نضاله، فالجرائم تتحدث عن نفسها".