عادت "حماس" تعلن أنها بصدد مناقشة مقترح المبعوث الأميركي للشرق الأوسط "ستيف ويتكوف". الناطق بلسانها، عبد اللطيف القانوع، أعلن ذلك، وبصيغة لا توحي بغير موافقتها على هذا المقترح، وهي في الواقع لم تكن قد رفضته قبل هذا اليوم، بل كانت قد قبلت به، شرط بقائها على كرسي الحكم في قطاع غزة وهذا ما اعتبره "ويتكوف" التفافًا على مقترحه، ورفضًا له في المحصلة، وهو ما تلقفه "نتنياهو" كذريعة ليعود إلى حربه الفاشية ضد فلسطين، وقضيتها، وشعبها، سواء في القطاع، أو في الضفة الغربية المحتلة.
لا يبدو أن حماس في وارد التعلم حتى من تجاربها، ولا يبدو أنها تدرك بأنها لم تعد في موقع القادر على فرض شرط بقائها حاكمًا للقطاع المكلوم، ولو أنها أدركت ذلك تمام الإدراك، لما سلحت نتنياهو بالذريعة التي أباحت له ارتكاب المزيد من المذابح ضد أهل القطاع، والتي طالت أيضًا العديد من مسؤولي أجهزتها هناك.
لم تتعلم من تجربة السابع من أكتوبر، ولم تعرف شيئًا عن خفايا الهدنة، وغاياتها الإسرائيلية، حيث الاحتلال استغلها ببحث استخباري، عن بقايا مسؤولي بعض الأجهزة الحمساوية، وهذا ما يفسر اغتياله للعديد منهم في هذه الجولة من عدوانه الحربي، لم تكن حماس تدرك ذلك ولم تعرف عنه شيئًا، فقد انشغلت باستعراضات دعائية لمسلحيها الملثمين على منصات تسليم المحتجزين الإسرائيليين.
ستقبل حماس بمقترح ويتكوف كما هو، وعبد اللطيف القانوع، أعلن أن مطلب حماس البقاء على كرسي الحكم في قطاع غزة لم يعد مطروحًا، غير أنه لا ينسى أن يضع ما يرضي إسرائيل نتنياهو حين لا يأتي على ذكر الخطة العربية لإعادة الإعمار، ولا السلطة الوطنية بصفتها المرجعية، والأساس الناظم لكل ما يتعلق باليوم التالي في قطاع غزة، وبلسان ناطقها القانوع تواصل لغتها المخادعة عن جاهزيتها لأي ترتيبات بشأن إدارة غزة تحظى بالتوافق الوطني، وبزعم أن حماس معنية بهذا التوافق ومخرجاته ولكنها لن تكون جزءًا من هذه الترتيبات.
لطالما سمعنا من حماس هذا الكلام الذي لم يكن يومًا بالنقاط على حروفه، كل ما يتعلق بغزة تريده عبر وفاق وطني دون أي كلمة عن الشرعية الفلسطينية، وكل ما يتعلق بالضفة دعوات لتصعيد المقاومة وبلا أي وفاق وطني، ولا بأي كلمة من الكلمات.
والسؤال: ألم تدرك حماس بعد السابع من أكتوبر 2023، والذي جلب كل الويلات على قطاع غزة وعلى فلسطين بأسرها، وأنّ المقاومة في القطاع بصواريخها الـ1111، وقذائف الشواظ لم تردع الاحتلال ولا بأي حال من الأحوال، حتى واصل عدوانه الحربي بالغ العنف، طوال خمسة عشر شهرًا وما زال يواصله، والضحايا باتوا بمئات الآلاف؟ أي تصعيد تريده حماس في الضفة، بأي سلاح وأبواقها تطالب الشعب الفلسطيني، أن يقاتل بلحمه، وبأطفاله. وغازي حمد يريد الضحايا الشهداء، ورقة يساوم بها على طاولة التفاوض.
الحقيقة الموجعة، هي أن "حماس" على ما يبدو، ولسان حالها هو هذا اللسان، تسعى لأن تضحي بالضفة، لعل ذلك يرضي إسرائيل "نتنياهو" ليعيد صياغة شروط بقائها على كرسي الحكم في قطاع غزة، فماذا يمكن أن نسمي ذلك؟.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها