في الذكرى الـ49 ليوم الأرض الفلسطيني الخالد، الذي كرسه أبناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة بدماء الشباب المتوهج انتماءً وعطاءً في 30 آذار/مارس 1976 من أبناء سخنين وعرابة البطوف ودير حنا، وجاء تتويجًا لكفاح متواصل على مدار عقود ما بعد نكبة عام 1948 للدفاع عن الأرض والهوية والحقوق الوطنية السياسية والقانونية، ورفضًا للظلم والعنصرية والتهويد والمصادرة للأرض وقوانين الغطرسة والاستعلاء الاستعمارية، وتزييف التاريخ ونهب الموروث الحضاري، وسرقة التراث الوطني، وفي هذه الذكرى وقف ويقف الشعب الفلسطيني في بقاع الأرض المختلفة، في داخل الداخل والضفة بما فيها القدس العاصمة وقطاع غزة والشتات والمهاجر ليعلي كلمة الأرض، والتجذر فيها، ولحمايتها من الضياع والتهويد والمصادرة، رغم كل القوانين الجائرة والعنصرية، والإبادة الجماعية ومشاريع التهجير القسري ومحولات تبديد الكيانية الفلسطينية، وإقامة إسرائيل النازية الكاملة على أرض فلسطين التاريخية بدعم من الولايات المتحدة الأميركية ومن يدور في فلكها من الغرب الرأسمالي وأذنابهم في الإقليم.
نعم يوم الأرض عمده أبناء شعبنا المنغرسون في تراب الوطن، ولم يستسلموا أمام خيار التهجير عام النكبة الكبرى 1948، وواصلوا البقاء والتخندق في تراب الوطن الفلسطيني الأغلى، رغم كل الانتهاكات وجرائم سلطات الاستعمار الإسرائيلي الوحشية السياسية والعسكرية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتربوية الثقافية والسيكولوجية، إلا أن أبناء الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة تحدوا الموت، وصهروا بإرادتهم الفولاذية كل أشكال القهر والظلم القومي من يهود الخزر الصهاينة، أداة الغرب الامبريالي بقيادة واشنطن، عاصمة الإرهاب العالمي، وتماهوا مع أرض وطنهم التي لا تشبه أحدًا غيرهم، وبقوا كالمخرز في عين الصهيونية وقاعدتها الإسرائيلية المأجورة واللقيطة.
يتعاظم اليوم أكثر من ذي قبل احتفاء الشعب بذكرى يوم الأرض، مع تعاظم مؤامرة التهجير القسري الإسرائيلية الأميركية من كل أرجاء الوطن الفلسطيني، والتي تلازمت مع الإبادة الجماعية على الشعب في قطاع غزة، وتتوسع بخطى حثيثة في الضفة الفلسطينية عمومًا والقدس العاصمة تحديدًا، عبر عملية تشريع البؤر الاستيطانية، ومضاعفة عمليات النهب والتهويد والمصادرة للأرض، التي فاقت العام الماضي 2024 كل ما سبقها من عمليات تهويد واستيطان استعماري على مدار عقود الاستعمار الصهيوني ما بعد هزيمة عام 1967، فضلاً عن فرض التهجير على المخيمات الفلسطينية في محافظات الشمال، أسوةً بما شهدته مخيمات قطاع غزة في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وقامت آنذاك بتهجير الفلسطينيين إلى المدن المصرية في العريش ورفح والشيخ زويد وغيرها من المناطق، لكن مشروعهم باء بالفشل، كما سيبوء الآن وغدًا وإلى ما شاء الله إلى أن تتحرر فلسطين وتعود لشعبها دولة مستقلة ذات سيادة، وتستعيد دورها ومكانتها كمنارة للعالم العربي وإقليم الشرق الأوسطي وللعالم أجمع كونها أرض الرسالات السماوية.
وعبقرية وجمالية هذا العام 2025، أنه جمع في شهر آذار/مارس الحالي كماً من المناسبات الزمانية والدينية والوطنية والاجتماعية الجندرية: فبدأ شهر رمضان المبارك والصوم الكبير لاتباع الديانة المسيحية مع مطلع الشهر، وكان الثامن منه يوم المرأة العالمي، والحادي والعشرون منه عيد الأم والثلاثين منه يضم عيدين في يوم واحد، عيد الأرض وعيد الفطر السعيد المبارك، وعيد إضافي للصمود والدفاع عن الحقوق الوطنية، وانتفاضة الحراك الشعبي في 25 منه ضد انقلاب حركة حماس على الشرعية الوطنية في قطاع غزة، والمطالبة الشعبية بتنحي الحركة الانقلابية عن الحكم، وتسليم الراية الوطنية للممثل الشرعي والوحيد للشعب، لمنظمة التحرير الفلسطينية والدولة والحكومة، لإعادة الاعتبار للقضية والأهداف والوحدة الوطنية وللنظام السياسي الواحدة، والقانون الواحد والسلاح الواحد، وكف يد الاخوان المسلمين عن تمزيق الشعب وتهديد مصالحه الوطنية العليا.
نعم مجموعة الأعياد والمناسبات زخر بها الشهر الحالي، ليُشكل مع ذكرى يوم الأرض وعيد الفطر السعيد تتويجًا لجمالية وأهمية هذا الشهر تاريخيًا، رغم الإبادة والموت والفاجعة، شكل الشهر بما حمله من مناسبات وأعياد بارقة أمل، ونقطة ضوء في سيرورة الكفاح الوطني التحرري، نعم عيد الفطر المتلاحم مع يوم الأرض ومع الحراك الشعبي المجيد في غزة ضد حكم الإخوان وفرعهم الفلسطيني (حماس)، وفشل التهجير القسري، وافتضاح مكانة إسرائيل كدولة إبادة جماعية، وتعرية الإدارة الأميركية أكثر فأكثر ومن يدور في فلكها من عرب وعجم، هو عيد الأعياد، وعلى أبناء شعبنا أن ينهضوا من زحمة وطوفان الموت والإبادة ليتحفوا بالمناسبات كلها، كما يليق بالفرح، ويترحموا على شهداء شعبنا، ويزوروا الجرحى حيثما كانوا لشد أزرهم، ولمنحهم الأمل في الحياة، وليرمموا معالم حياتهم، لتجسيد وتعميق البقاء والعودة لأرض الوطن الفلسطيني. وكل عام والشعب الفلسطيني بخير، وشعوب الأمة العربية والإسلامية والعالم ككل باستثناء الأعداء بخير.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها