يقول الرئيس الأميركي ترامب في تصريح له مطلع الشهر الحالي في إطار دعمه لإسرائيل حول احتجاز جثامين رهائن إسرائيليين من قبل حركة حماس، والذين قُتلوا بسبب الغارات الإسرائيلية العشوائية أثناء حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة. واعتبر ترامب أيضًا أن من يحتفظ بجثث الموتى هم مرضى ومنحرفون. هذا التصريح مر مرور الكرام ولم تقم الجهات ذات العلاقة فلسطينيًا أو عربيًا بالترويج لما أدلى به السيد ترامب بهذا الخصوص، واعتباره نقطة مفصلية في قضية حجز الجثامين وخاصة أن إسرائيل تحتجز مئات الجثامين لشهداء فلسطينيين، ينتظر ذويهم الإفراج عنهم ودفنهم وفق الأصول الشرعية، لأن دفن الشهداء والأموات جزء أساسي من كرامة الإنسان وحقوقه الإنسانية. أن يمر تصريح بهذا الحجم من رئيس الولايات المتحدة الأميركية دون أن يتم استغلال هذا السبق الإعلامي هو تقصير كبير.
وكان الرئيس ترامب قد وصف الذين يحتجزون الجثامين بأنهم مرضى ومختلين عقليًا. للانصاف اطلعت على تصريح للدكتور مصطفى البرغوثي يعلق على الموضوع، لكن وللأسف قطع الاتصال في هذا الموضوع ولم يتم استغلاله بما يجب حسب معرفتي وعلمي المتواضع. لذا من المهم أن تثار هذه القضية في كل المرافق وكل المواقع التي من الممكن أن تتحدث عنها وتتناول محتواها. الإعلام إذا ما أراد أن يسوق أمورًا معينة يضخ تلك المعلومات في سياقات تصل إلى الجمهور وتشبعها تحليلاً، خذ على سبيل المثال القضية التي فجرها الإعلام أمس بخصوص التكهنات حول دور رجل الأعمال الفلسطيني ذو الجنسية الأميركية السيد بشار المصري والكشف عن دوره المستقبلي في إدارة الشأن العام الفلسطيني سواء في غزة أو في الضفة أو كلاهما معًا، فقد امتلأت وسائل الإعلام بما يدور في أروقة السياسة الأميركية، وجاء ذلك في إطار علاقته وصداقته مع مبعوث الرئيس ترامب للشرق الأوسط.
أليست قضية الجثامين المحتجزين لدى الاحتلال والتي مضى عليها عقودًا وعقود وتحتفظ بها إسرائيل تستحق أن نقف ورائها إلى أن يتم الإفراج عنهم. إسرائيل ما زالت تحتفظ بجثامين 665 فلسطينيًا أو أكثر في "مقابر الأرقام" السرية والثلاجات وبعضهم منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
تلك الأعداد من جثامين المقابر لا تتحدث عن الأعداد التي استجدت بعد حرب غزة. وتضمن المجموعة القديمة أطفالاً تقل أعمارهم عن 18 عام ونساء ورجال. و"مقابر الأرقام" هو اسم رمزي لمئات من المقابر تضم جثامين فلسطينيين ومصريين وعرب آخرين ارتقوا على يد الجيش الإسرائيلي في معارك عسكرية على مدى عشرات السنوات، ما زال الاحتلال يرفض تسليمهم لذويهم لاعتبارات سياسية.
أعتقد وفي خضم هذا الصراع المفتوح يجب أن نعيد للإنسانية كرامتها، واستعادة تلك الجثامين ودفنها وفق الأصول التي يدفن بها الأموات. لأن ذاك التصريح للرئيس ترامب وإن كان موجهًا لحركة حماس، إلا أن تفاصيله تنطبق على احتجاز الاحتلال لجثامين الشهداء العرب والفلسطينيين في مقابر مجهولة وسرية وثلاجات تحتفظ إسرائيل بها، وهذا يتطلب إعادة الكرة إلى الرئيس ترامب لإزالة اللثام عن احتجاز جثامين الشهداء العرب والفلسطينيين من قبل الاحتلال، لعله يوجه ذات الكلام إلى الاحتلال أيضًا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها