تواجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" خطر التصفية، في إطار مخطط جهنمي (إسرائيلي- أميركي) يهدف إلى إنهاء دورها كشاهد على النكبة الفلسطينية لعام 1948، وشطب حق اللاجئين في العودة وفق القرار الأممي 194.
هذا الاستهداف يضع أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني أمام أزمة مصيرية، حيث يواجهون مخاطر التهجير القسري من فلسطين، والتوطين القسري في المجتمعات المضيفة خاصةً الأردن وسوريا ولبنان والعراق ومصر، وحرمانهم من الخدمات الأساسية التي تقوم بها وكالة الأونروا، والتي تضمن الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة من غذاء وتعليم وصحة وتشغيل للفلسطينيين.
- تعتمد خطة تصفية "الأونروا" على ثلاث خطوات رئيسية تهدد حياة اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم:
1- حظر عمل الوكالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس، ما يعني حرمان اللاجئين من الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية التي توفرها الوكالة.
2- وقف التمويل الدولي، حيث سحبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الدعم المالي سابقًا ولاحقًا، وضغطت على دول أخرى عديدة مثل سويسرا لوقف مساهماتها، مما يُعمّق العجز المالي للوكالة ويهدد إمكانية استمراريتها في أداء مهامها.
3- إنهاء عمل "الأونروا" تدريجيًا، من خلال نقل خدماتها إلى مؤسسات فلسطينية أو دولية، وهو ما يؤدي فعليًا إلى إلغاء صفة اللجوء عن الفلسطينيين وإنهاء أي التزام دولي تجاههم.
إن وقف خدمات "الأونروا" سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة والضفة الغربية ومخيمات اللجوء في لبنان وسوريا والأردن.
ففي ظلّ الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، فإن حرمان اللاجئين من الدعم الإغاثي والخدمات الأساسية قد يدفع بالكثيرين إلى خيار الهجرة القسرية أو القبول بمشاريع توطين تُفرغ القضية الفلسطينية من مضمونها وخاصةً إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذي يحميه القرار 194.
سياسيًا، إن إنهاء "الأونروا" يعني محاولة فرض واقع جديد يُلغي حق العودة، ويُحوّل اللاجئين الفلسطينيين إلى مجرد قضية إنسانية بدلاً من قضية سياسية ترتبط بحقوق مشروعة وفق القانون الدولي، وعلى رأسها القرار 194.
فبوجود هذا الوضع الخطير، الذي يهدد استمرارية عمل وكالة الأونروا ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين، يجب أن يكون هناك سُبل للمواجهة تقتضي بوجود استراتيجية وطنية وعربية ودولية لحماية "الوكالة".
- إن مواجهة هذا المخطط الجهنمي، لا بد أولاً من تبني استراتيجية وطنية وعربية تعتمد على محاور رئيسية عدة:
1. الدفاع عن "الأونروا" سياسيًا وقانونيًا، عبر تعزيز مكانتها في الأمم المتحدة، ومنع أي محاولات لتقليص دورها أو نقل خدماتها إلى جهات أخرى.
2. رفض التوطين أو التهجير القسري، والتأكيد على أن الحل الوحيد لقضية اللاجئين هو عودتهم إلى ديارهم التي هُجروا منها في 1948، وفق القرارات الدولية، وخاصةً القرار 194.
3. العمل على تمويل "الأونروا" وتحويلها إلى التزامات ثابتة وحددة، عبر مطالبة الأمم المتحدة بدمج ميزانيتها ضمن موازنتها السنوية العامة، لضمان استمراريتها بعيدًا عن الضغوط السياسية التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على الدول المانحة.
4. تعزيز الحضور الفلسطيني في الساحة الدولية، لضمان أن تبقى قضية اللاجئين في صلب الاهتمام العالمي، وعدم السماح بتجاوزها أو تصفيتها.
5. رفض أي حلول جزئية، مثل نقل خدمات "الأونروا" إلى أي جهات أخرى، لأنها ستُستخدم كأداة لإنهاء القضية تدريجيًا.
إنها معركة بقاء وحقوق لا يجب أن يستهان بها، إن
توقيف خدمات "الأونروا" ليس مجرد أزمة مالية أو إدارية عابرة، بل هو جزء من مخطط لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وإسقاط حق عودتهم.
إن الدفاع عن "الأونروا" يعني الدفاع عن حق العودة، والحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية. لذلك، فإن المطلوب هو تحرك فلسطيني وعربي ودولي عاجل، لضمان استمرار الوكالة في أداء دورها المعهود إلى أن تتحقق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ومدنهم وقراهم، ومنع الاحتلال من فرض أجندته الرامية إلى إنهاء قضية اللاجئين وشرعنة تهجيرهم ودمجهم في الدول والمجتمعات المضيفة لهم، سواء في الدول العربية أو غيرها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها