الآن ينفذون مهمة تهجير الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية، ممثله الشرعي والوحيد، بعد ارتداد صفقاتهم وخططهم إلى وجوههم، فالخاسؤون الذين أرهصوا لتنفيذ مخطط تهجير ملايين من الشعب الفلسطيني قسرًا من أرض دولتهم في قطاع غزة والضفة الفلسطينية، ومن أرض وطنهم التاريخي والطبيعي فلسطين، ينتقلون للمرحلة الأخيرة من المؤامرة، بعد 30 سنة، لم تتوقف خلالها عمليات استنزاف الشعب الفلسطيني، ومحاولات إقصاء قيادته الشرعية الوطنية، فمنذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، كنواة للدولة الفلسطينية، بدأت أطراف المؤامرة التي انخرطت فيها جماعات فلسطينية فئوية، على رأسها فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين المسمى (حماس)، ومعها مجموعات وأفراد ممن لا يرون ضيرًا، في تقديم أنفسهم كوكلاء لتنفيذ أجندات دول وقوى خارجية، لم يكن في برامج عملها المتعلقة بفلسطين، سوى كيفية كسر القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وتفريغه من مضمونه، كمقدمة لمنع بلورة الشخصية الوطنية الفلسطينية، من بلوغ ذروتها بتجسيد استقلال دولة فلسطين، وتحقيق الأهداف والثوابت الوطنية، وعلى رأسها حل قضية اللاجئين وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، في مقدمتها القرار 194 عام 1949.

فالخاسؤون وأدواتهم – بمسميات فلسطينية للأسف – يدركون جيدًا، أن منع قيام دولة فلسطينية مستقلة، وإلغاء حق اللاجئين الفلسطينيين المقدس بالعودة والتعويض، وقطع آمال الشعب الفلسطيني مع فكرة التحرر، بسيف الإبادة، والمجازر، والحروب والمعارك ذات الأهداف، والمكاسب، وحصاد المصالح الخاصة منها، على حساب مئات آلاف الشهداء والجرحى، ودمار البلاد، ما يعني حتمًا – وفقًا لمؤامراتهم - انسداد الآفاق أمام مستقبل الأجيال الفلسطينية القادمة، سيؤدي في النهاية الى تآكل عقد منظمة التحرير الفلسطينية، مع الشعب الفلسطيني، وتلاشي عقد الشعب الفلسطيني مع ممثله الشرعي والوحيد، وبذلك تتحقق أهداف دول وقوى خارجية ومحلية، ترى الوطنية الفلسطينية، بمثابة عدو يجب القضاء عليه.

لذا نظمت عملية توريث المؤامرة، وانتقالها وفقًا لمراحل، يتم الإرهاص لها، إلى دول وقوى معادية للوطنية كالإخوان المسلمين، والعروبة كإيران، ومستترة بالقومية كنظام عائلة الأسد في سوريا، وجماعات تدعي احتكارها الأفكار التقدمية، رغم تعفن جذورها وجفاف فروعها، ولا يتسع المقام الآن لسرد محطات المؤامرة المتنقلة، منذ إعلان القائد أحمد الشقيري عن تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، بعد مشاورات مع قوى وطنية وشخصيات فلسطينية مشهود لها بالمصداقية، والإخلاص في العمل الوطني، حتى خرج المؤتمر العربي الفلسطيني الأول الذي انعقد بالقدس عام 1964 بميثاق وطني، جسد فكرة (الوطن المعنوي) بوضوح في المادة الرابعة من المبادئ العامة للنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية المصادق عليه من المجلس الوطني في جلسته المنعقدة في 2 حزيران 1964، التي نصها: "الفلسطينيون جميعًا أعضاء طبيعيون في منظمة التحرير الفلسطينية يؤدون واجبهم في تحرير وطنهم قدر طاقاتهم وكفاءاتهم والشعب الفلسطيني هو القاعدة الكبرى لهذه المنظمة".

والسؤال الآن للذين يحاولون - عبثًا - إعادة عجلة التاريخ إلى نقطة الصفر: ألا تعلمون أنكم تتشاركون تفاصيل مؤامرة التهجير القسري عن قصد أو عن جهل؟ مؤامرة تستهدف بالدرجة الأولى اللاجئين الفلسطينيين، الذين من أجل حقوقهم المقدسة في العودة، تأسست منظمة التحرير، وأنكم بمحاولاتكم اصطناع بدائل (للوطن المعنوي) بالتزامن مع حملة الإبادة، ومؤامرة التهجير القسري، وتداعيكم للارتهان لأجندات خارجية، هو شراكة مؤكدة في جريمة طمس حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، فمكان الولادة، والاسم واسم العائلة، ليست معيارًا لقياس الانتماء لفلسطين، أما وقد تركتم حقكم كأعضاء طبيعيين في المنظمة، أو في مؤسسات هيكلها التنظيمي، وغادرتم أرض وطنكم، واتجهتم بعكس المؤشر نحو القدس على بساط ريح (إصلاح) مزعوم، بات معروفًا بانعدام قدرته على التحليق، حسب تجربتنا مع سابقيكم، فقد عطلناه، بكشف نوايا راكبيه، الذين أسقطهم شعب منظمة التحرير، رغم النفخ المتعدد الجنسيات، والمدفوع الأجر، لتمكينهم من التحليق ولو لبرهة.

أي إصلاح هذا؟ فأنتم تلصقون بأيديكم على جباهكم، شبهة التبعية لمن وضعوا حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، بقواها الوطنية والتقدمية، في مقام الهدف الأول  والأخير، واستثنوا منظومة الاحتلال الإسرائيلي من قائمة أهدافهم، وأعمى كل من لا يرى تقاطع والتقاء أهدافهم مع صفقات القرن المستحدثة، فأنتم وإياهم في هذه اللحظة، في كابينة أركان واحدة، تخططون وتعملون على منع قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية بأي ثمن، وعليكم أن تعلموا أنكم تغرسون خنجر الغدر في ظهر شعب وقيادة منظمة التحرير، في لحظة أحوج ما يكون فيها الكل الفلسطيني يدًا واحدة، لإنقاذ شعبنا من مؤامرة التهجير، وإيقاف الإبادة الجماعية بحق أطفاله، ونسائه، ووجوده.