خلفت حرب الإبادة على غزة دمارًا هائلاً في كل ركنٍ وزاوية، فقد مسحت الصورة الجغرافية للقطاع، وأكلت النيران من فيه بشرًا وحجر، ورغم المآسي زخف الصابرون إلى منازلهم الممسوحة عائدين غير نازحين، وعلى وقع كل ذاك يجب السعي نحو كيفية تثبيت وقف إطلاق النار وعدم العودة للإبادة، لأن القرار من ناحية المنحى السياسي كان أميركيًا، وهذا يعني أنَّ كلا طرفي الاتفاق لا يريدان ذلك، وهما يحاولا التملص من هذه الضغوط، لذلك الاتفاق يتضمن الكثير من الغموض والفجوات، وعدم وضوح للآلية مراحل التهدئة، هذا ما أكده الباحث في المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية والمختص في الشأن الإسرائيلي د.خليل أبو كرش، خلال حوار هاتفي أجرته الإعلامية مريم سليمان في سياق تغطية قناة فلسطيينا للتطورات المتواصلة والمتلاحقة في الوطن.

وحول التصريحات التي تؤكد نية الاحتلال باستئناف الحرب، أكَّد أبو كرش، أنَّ نتنياهو يوجه رسالة واضحة للجمهور اليميني ولشركائه في هذا الائتلاف الذين يعارضون بشكل واضح الاتفاق ويهددون بالانسحاب من الحكومة، وعلى وقع ذاك كل ما يهم نتنياهو البقاء في السلطة، لأن غالبية استطلاع الرأي لن تمنحه إمكانية تشكيل اتئتلاف والبقاء في السلطة هذا من جهة، أما من جهة أخرى نتنياهو حاليًا لا يريد أن يقف بوجه ترامب، وهذا يدل أنه في موقف مربك ويحاول قدر الإمكان تهدئة مخاوف يمينه وتمرير رسائل لهم بأن الحرب ستستمر، ووقف النار مؤقت، وأن في جعبته ضمانات أميركية للعودة للقتال، وشدد أبو كرش، أنَّ هذه المؤشرات لا تطئمن، وعودة الحرب هي تعني المزيد من الخسائر للطرف الفلسطيني.

وفي سياق متصل شدد أبو كرش، أنَّ الغموض القائم حول المرحلة الثانية والثالثة يشير أنَّ هناك توافقات غير معلنة، وحماس حللت الاتفاق أنه وقف دائم للعدوان، وأنها ستبقى في السلطة، وتابع أنَّ عودة الحرب لن تكون في غزة فحسب بل في الضفة أيضًا، وإسرائيل اليوم مرغمة على المضي بالاتفاق، ورجح على أنه في الأيام المقبلة نتنياهو سيذهب إلى الرئيس ترامب لمصارحته بأنه دفع جزء من هذا الاتفاق ووافق على كل ما طُلب منه، ولكن بات الإئتلاف مستنزف، ولضمان بقائه في السلطة ومواصلة لتنفيذ الاتفاق سيطلب نتنياهو بعض التنازلات والذهاب لرؤية أوسع وأشمل قد تصل للضفة الغربية.

وحول الاستقلات في الائتلاف، أكَّد أبو كرش، أنها حتى اللحظة غير مؤثرة بشكل كبير على مستقبل الائتلاف، ولكن كل المعطيات والأحداث ليست لصالح اليمين، وهذا ما نشاهده في المشهد الإسرائيلي، لذلك الائتلاف اليوم يضغط على نتنياهو لتحصيل المزيد من المكاسب المرتبطة بالتشريع والقوانين والاصلاح القضائي والضغط على مستقبل الضفة.

وختم أبو كرش بالتطرق الى ما ينتظر الضفة بعد غزة، حيث أكَّد أنَّ الاحتلال يعتبر وفقاً لمعتقداته، أنَّ جغرافيا الضفة تقع في قلب الدينية اليهودية واليمين يعتبر هذه الأرض يهودية خالصة، وبالتالي عملية الاستيطان وطرد شعبنا هي الهدف والمكون الأساسي، لكن شعبنا بتوحده خلف منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد يستطيع صد الاحتلال وإفشال مخططاته.