تحت أنقاض منازل قطاع غزة تقبع مواثيق حقوق الإنسان التي يتفاخر بها الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية. سياسة تجويع، وحصار مطبق، ومجازر تُرتكب بحق المدنيين العزّل، هكذا هو الواقع في قطاع غزة. وللبحث في تطورات هذا المشهد، أجرت الإعلامية مريم سليمان مداخلة هاتفية عبر قناة فلسطيننا، مع الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور أسعد العويوي.

بدايةً أكَّد العويوي، أنَّ ما يحدث في غزة جريمة حرب لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنساني، وفي تاريخ الحروب على الإطلاق أن يُستخدم التجويع ضد المدنيين، وخاصة ضد الأطفال والنساء والشيوخ. مشددًا على أنَّ كل القوانين والشرائع الدولية تؤكد أنها جريمة حرب، ويجب أن يُقدَّم مرتكبوها للمحاكم الدولية ليُحاكموا على ما يقترفونه من حرب إبادة جماعية، لأن التجويع سوف يؤدي إلى موت جماعي، وخاصةً للأطفال الذين لا يقدرون على الصمود أمام هذه العملية اللا إنسانية على الإطلاق.

وحول إعلان الاحتلال ضم رفح إلى المنطقة العازلة واحتلال ثلث القطاع، علق العويوي، أنَّ السياسة والاستراتيجية للحكومة اليمينية الفاشية التي تحكم كيان الاحتلال اليوم، هي سياسة القدم والهضم والضم والإلحاق للأراضي الفلسطينية. وتأتي هذه العمليات في سياق، السيطرة بشكل كامل على قطاع غزة، بحيث تقوم قوات الاحتلال بإعادة احتلال قطاع غزة من خلال تقطيعه إلى مناطق منفصلة عن بعضها البعض، لتسهيل عملية السيطرة المباشرة العسكرية، ولمنع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقال: "إنَّ الشعب الفلسطيني سوف يُحبط هذه المحاولات على الإطلاق، ولا يمكن أن يتخلى عن حقوقه وعن ثوابته الوطنية في إقامة دولته المستقلة، التي أقرّها واعترف بها كل المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية واليمين الإسرائيلي".

وأضاف، أنَّ أهداف ترامب لم تتغير، هو يريد أن يُبرّد الجبهات في المنطقة، وأن يقوم بعملية تطبيع للكيان الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط. وهذا لا يمكن أن ينجح بالنسبة للأميركي إلا إذا أقرّت إسرائيل بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني. وأوضح، أنَّ هناك تصريحات من الدول العربية الوازنة، وخاصة المملكة العربية السعودية، أنه لا يمكن القبول بإدماج إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط والتطبيع معها كدولة طبيعية دون الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة حسب ما أقرّته الأعراف والقوانين الدولية.

مشددًا، على أنَّ الولايات المتحدة الأميركية لها أيضاً أجنداتها ومصالحها الخاصة، التي تريد من خلالها تنقذ اقتصادها المترهّل. وبالتالي، الولايات المتحدة الأميركية بحاجة إلى تهدئة الجبهات لكي تتفرغ لإنقاذ الأزمات التي تعيشها.

قائلاً: إنَّ الاستقرار والهدوء والسلام في منطقة لا يمكن أن يكون على حساب الشعب الفلسطيني، ولا على حساب تهجيره من أرضه، وإنما بالاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني حسب ما أقرّته الأعراف والقوانين الدولية.

وتعليقا عما يحدث في الصفة الغربية، أكَّد العويوي، أنَّ الضفة الغربية ومنذ ما قبل السابع من أكتوبر، تعاني من السياسة الإسرائيلية التي حوّلت حياة الفلسطينيين إلى جحيم، من خلال الإجراءات القمعية، وشق الطرق، وزيادة الاستيطان بشكل غير مسبوق، بحيث أنَّ عدد المستوطنين في الضفة أصبح يلامس المليون شخص، وهذا عدد كبير جداً.

وختم حديثه مشددًا، أنَّ لا يمكن للفلسطيني أن يترك أرضه على الإطلاق، مهما بلغت الصعاب والأهوال التي يُمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد هذا الشعب العظيم، الذي يُكافح منذ أكثر من 75 عاماً من أجل استرداد حقوقه الوطنية، ولا يمكن له أن يتخلى عن هذا الثابت المهم، وهو التحرر، والعودة إلى أرضه التي هُجّر منها.