خلصت دراسة طبية أجريت مؤخراً إلى أن النوم الجيد والهانئ يؤدي إلى تقوية الذاكرة طويلة المدى، لتضاف هذه النتيجة إلى الفوائد المذهلة المعروفة للنوم، حيث يُعتبر الحصول على نوم هانئ ليلاً من أهم عناصر اتباع نمط حياة صحي، كما أن العلماء يؤكدون أن النوم الجيد يقي من الأمراض، ويُخفف التوتر، ويُعزز الوظائف الإدراكية.
وبحسب التقرير التي نشرته مجلة "ديسكفر" Discover على موقعها الإلكتروني، فإن الباحثين وجدوا أن النوم الجيد والهانئ يؤدي إلى "تنشيط قدرة الدماغ على فرز الذكريات".
وأضاف الفريق البحثي، في دراسة أجريت مؤخراً، أن النوم العميق المُستدام لا يحمي من تدهور الذاكرة فحسب، بل يُعزز أيضاً قدرة الدماغ على معالجتها.
ومن المعروف منذ زمن طويل أن جودة نومنا ترتبط ارتباطاً مباشراً بوظائفنا الإدراكية، لكن هذه النتائج الجديدة تُعزز هذه الصلة، وهي الأولى التي تكشف أن النوم لا يُساعد فقط في تكوين الذكريات، بل يُمكنه أيضاً تعزيزها.
ويُعرف تعزيز الذاكرة الذي كشفت عنه هذه الدراسة باسم "الذاكرة التسلسلية"، وهذا يعني تذكر أحداث حياتنا بالترتيب الصحيح لوقوعها، إضافة الى تعزيز القدرة على تذكر تفاصيل مثل يوم زفافك أو تذكر لقاءٍ عصيب مع صديقٍ.
ووفقاً للباحثين، فإن ليلة نومٍ عميقة واحدة فقط يمكن أن تُحدث آثاراً طويلة الأمد على "الذاكرة التسلسلية".
وصرح برايان ليفين، كبير العلماء في معهد روتمان للأبحاث، التابع لأكاديمية بايكريست للأبحاث والتعليم: "فوائد النوم على الذاكرة هائلة؛ ليلة واحدة فقط تُحدث فرقاً يدوم لأكثر من عام".
وغالباً ما تتضمن دراسات الذاكرة التقليدية مطالبة المشاركين بحفظ عناصر، مثل الكلمات والصور، ضمن بيئة مختبرية مُراقبة. وقد اختلفت هذه الدراسة الجديدة، التي أجراها ليفين بمساعدة طلاب الدراسات العليا في روتمان، عن المعتاد وتضمنت نهجاً فريداً لدراسة الذاكرة.
وبدلاً من حفظ بطاقات التلميحات للكلمات والصور، انغمس المشاركون في تجربة واقعية، حيث أُتيحت لهم جولةٌ إرشاديةٌ صوتيةٌ مدتها 20 دقيقةً للأعمال الفنية المعروضة في بايكريست، وهو مستشفى بحثيٌّ وتعليميٌّ يقع في تورنتو، كندا.
وبعد انتهاء الجولة، خضع المشاركون لاختبارٍ لذاكرتهم عن الجولة، حيث طُرحت عليهم أسئلةٌ حول السمات المادية للعمل الفني وترتيب عرضه، وطُرحت هذه الأسئلة خمس مراتٍ مختلفةٍ على مدى ساعةٍ واحدةٍ إلى 15 شهراً بعد الجولة.
ثم كُررت التجربة بأكملها على مجموعةٍ ثانيةٍ من المشاركين، مع بعض التعديلات، حيث قُسِّمت المجموعة الجديدة عشوائياً إلى مجموعتين فرعيتين، تُعرفان باسم "مجموعة النوم" و"مجموعة اليقظة". وأكملت مجموعة اليقظة الجولة واختبار الذاكرة الأول في الصباح، ثم كررت الاختبار نفسه في المساء بعد يومٍ من الأنشطة المنتظمة.
وبالنسبة لمجموعة النوم، أكملت الجولة واختبارها الأول في المساء، ثم خضعت لاختبار الذاكرة الثاني في الصباح بعد ليلةٍ من النوم باستخدام تخطيط كهربية الدماغ (EEG) في مختبر النوم. وشاركت المجموعتان أيضاً في نفس اختبارات الذاكرة بعد أسبوع، وشهر، و15 شهراً من الجولة الأولى.
ووجد الباحثون أن أداء مجموعة النوم في "الذاكرة التسلسلية" كان أعلى بشكل واضح من مجموعة اليقظة، حتى بعد 15 شهراً، وهو ما يشير إلى أن ليلة نوم واحدة تُحسّن بشكل كبير وظائف الدماغ طويلة المدى واستعادة الذاكرة.
وتُساعد نتائج هذه الدراسة على ترسيخ أهمية النوم الجيد، ويمكن أن تُسهم في فهم السبب المُحتمل لتغيرات الذاكرة لدى مرضى الخرف.
وقال ليفين: "بينما تتراجع ذاكرتنا لخصائص مثل حجم الأشياء ولونها بمرور الوقت، يُمكن للنوم أن يُحسّن ذاكرتنا لتسلسل الأحداث. تُعمّق هذه الدراسة فهمنا لأهمية النوم في دمج التجارب في الذاكرة".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها