حلت أمس الجمعة (29 تشرين الثاني/نوفمبر 1977) الذكرى الـ47 ليوم التضامن العالمي مع الشعب العربي الفلسطيني، وهو اليوم ذاته في العام 1947 الذي حمل قبل 77 عامًا أخطر لحظة على مستقبل الشعب الفلسطيني ووحدة أراضيه، وكرس تمزيق وحدة الأرض والشعب الفلسطيني، وخلق الشرط الموضوعي لإقامة دولة لقيطة من مرتزقة العالم الخزر الصهاينة، عبر تكريس مشروع الغرب الرأسمالي الذي دشنه مؤتمر كامبل نبرمان 1905- 1907، وعمقته اتفاقية سايكس بيكو 1916، وتجلى بشكل لا أخلاقي ولا قانوني في وعد بلفور المشؤوم عام 1917.
يعود يوم التضامن العالمي للمرة الثانية في زمن الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني من قبل أعداء السلام والتعايش والتسامح، غلاة الإرهاب والجريمة المنظمة والحروب بصنوفها وأشكالها المختلفة، الأعداء الإسرائيليين الأميركيين ومن يدور في فلكهم، ومع تصاعد وتعاظم التضامن العالمي مع الشعب والقضية والأهداف الوطنية، تعالت تلك الحناجر والأصوات التي هتفت، وما زالت تهتف بحياة فلسطين واستقلالها وسيادتها على بعض أراضي ترابها الوطني، وتنادي بوقف الحرب فورًا وبشكل دائم، وإنقاذ الأبرياء العزل من الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة من فاجعة وكارثة الإبادة والنكبة الأخطر على حياة ومستقبل الشعب المنكوب بدولة الإبادة الإسرائيلية فوق النازية، وصدحت بأصواتها المجلجلة أمام البيت الأبيض والإليزيه و10 دوان ستريت والبوندستاغ في برلين وروما وغيرها من عواصم الغرب النيو ليبرالية المتوحشة وتحدت بمواقفها النبيلة والشجاعة قيود وإجراءات وانتهاكات تلك الأنظمة المعادية للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والمتغولة على شعوبها وشعوب العالم قاطبة عمومًا والشعب العربي الفلسطيني خصوصًا، دفاعًا عن دولة الأبرتهايد والعنصرية والاستعمار الاحلالي الإجلائي الإسرائيلية غير الشرعية.
هذا التضامن العظيم من دول وشعوب العالم كان من أهم العوامل الداعمة للشعب الفلسطيني، الذي يباد على مرأى ومسمع العالم نتاج استباحة الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها إسرائيل القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي ومعاهدات جنيف الأربع وروما وميثاق هيئة الأمم المتحدة والمحاكم الأممية، محكمتي العدل والجنائية الدوليتين، وسقط منه حتى يوم التضامن العالمي الـ47 على مدار 14 شهرًا متوالية من حروب الإبادة والتجويع والأمراض والأوبئة نحو 160 ألف شهيد وجريح جلهم من الأطفال والنساء والدمار الشامل والهائل، الذي دمر ما يزيد على 85 % من الوحدات السكنية والمدارس والجامعات والمعابد الإسلامية والمسيحية وإخراج الغالبية العظمى من المستشفيات والمركز الصحية من الخدمة والبنى التحتية، وتقليص المساعدات الإنسانية المختلفة إلى الحد الأقصى.
وتمكن التضامن العالمي من إحداث تأثيرات إيجابية في لجم العديد من الأنظمة السياسية عن سياساتها المفضوحة، وأرغمتها على تقنين خياراتها العدائية الإجرامية على الشعب الفلسطيني، وشكل رادع نسبي هام لغلاة النيو ليبرالية والعولمة الأميركية الهمجية المنفلتة من كل عقال قانوني وأخلاقي وإنساني، وعزز السردية الفلسطينية وحاصر الرواية الإسرائيلية الصهيونية المزورة والملفقة في تلك الدول والمنابر الأممية المختلفة، ورفع العلم الفلسطيني والكوفية التي أمست رمزًا لتضامنهم، وبات رفعها في عدد من الدول العربية والعالمية تهمة يحاكم عليها أولئك الأبطال من الأمميين باعتبارها رموز الكذبة الإسرائيلية الأميركية في "معاداة السامية"، وعدم الحيادية في محاكاة الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، حتى أن اتباع الصهيونية العالمية اعتبروا الإعلاميين الذين تزينوا بالكوفية في إذاعة البي بي سي البريطانية أول أمس الخميس استجابة لدعوة اتحاد العمال، أنهم منحازين وغير محايدين، وغيرها من النماذج في دول العالم بهدف تكميم الأفواه وفرض الإرهاب بذرائع الالتزام بالحيادية تجاه ما يجري في قطاع غزة خصوصًا وفلسطين عمومًا، وكأن الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني قضية خلافية بسيطة تتطلب الحيادية والصمت عليها.
مردود التضامن المتعاظم في العالم يحتاج من القيادة الفلسطينية والجاليات الفلسطينية والعربية وأنصار السلام في العالم توحيد الجهود الأممية، وتنظيمها وتعزيز دورها في دول العالم كافة ودول الغرب الإمبريالي خاصة لتشكيل لوبي عالمي ضاغط لإحداث التحول المطلوب لوقف الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، وإدخال المساعدات الإنسانية بمشتقاتها كافة للمواطنين لتأمين سد رمق بطون الجوعى والعطشى في القطاع، ودعم الحل السياسي بعقد المؤتمر الدولي للسلام ومنح دولة فلسطين استقلالها الناجز، وعزل إسرائيل فوق النازية عالميًا وفرض العقوبات الأممية عليها.
بفضل هذا التضامن الدولي انكشف ظهر ومكانة إسرائيل اللقيطة ومعها الإدارة الأميركية الراحلة عما قريب، كدول إبادة جماعية، ومعادية للسلام والحرية والكرامة الإنسانية واستقلال دولة فلسطين، وعلى القيادة الفلسطينية تحديد يومًا وطنيًا للاحتفاء بتضامن شعوب العالم مع فلسطين وشعبها، وتكريم رواد التضامن في دول العالم قاطبة بأوسمة تليق بمكانتهم الريادية العالمية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها