أكَّد الباحث في العلوم السياسية والقانون الدولي الدكتور رائد موسى في حوار هاتفي أجرته الإعلامية زينب أبو ضاهر عبر قناة "فلسطيننا"، أنَّ إصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولوزير دفاعه السابق يوآف غالانت، يمثل إنجازًا قانونيًا، دبلوماسيًا، سياسيًا، وفلسطينيًا غير مسبوق، مشددًا لأول مرة في تاريخ المحاكم الدولية، يتم إصدار قرار مذكرات جلب لقادة دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولهذا الأمر أهمية كبيرة من الناحية السياسية وحتى القانونية.

وتابع موسى: "وأنَّ تعذّر تسليم المطلوبين للعدالة الدولية، فهذا القرار وضع رأس حكومة الاحتلال في زاوية مجرم الحرب المطلوب للعدالة الدولية، وهذا ما يشير أن الشعب الفلسطيني يستحق في أقرب وقت حماية دولية من الإجرام الإسرائيلي". وأكد موسى أنَّ القرار لم يصدر بشكلٍ سهلٍ إنما هو نضال قانوني دبلوماسي فلسطيني لسنوات طويلة، وإنجاز قانوني تاريخي لشعبنا في ظلِّ هذه المضايقات والضعوطات التي تعرض لها، حتى استطاع أن يكون عضوًا في المحكمة الجنائية، وثم باثبات ولاية المحكمة الجنائية الدولية في فلسطين، ومن ثم توثيق جرائم الاحتلال وتوفير كل ما يلزم للمدعي العام، ليثبت بأن هناك جرائم حرب تُرتكب في فلسطين، فكل ذاك يعني أن هذه الجهود حصلت خلال سنوات طويلة من العمل حتى تم الوصول بنجاح لقرار محكمة العدل الدولية بحق قادة الاحتلال، الذين اصبحوا مطلوبين وعبئًا حتى على مشروع دولتهم.

وحول ما الذي ينتظر نتنياهو وغالانت بعد هذا القرار، أكَّد موسى أنَّ الدول المئة وأربعة وعشرين الموقعة على ميثاق روما، ملزمة أن تحترم إنضمامها للميثاق، واعتقال أي من المطلوبين للجنائية في حال حطت أقدامهم في أي دولة منهم، بالإضافة إلى ذلك ستتعطل العلاقات بين إسرائيل وجميع الدول المنضمة للميثاق. وفي هذا السياق كانت أول خطوة من الناحية الديبلوماسية عندما رفضت دولة الاحتلال زيارة وزير الخارجية الهولندي لإسرائيل نتيجةً لقرار المحكمة، أما من الناحية السياسية فأي دولة تنوي عقد أي اتفاقيات استراتيجية أو اتفاقيات دولية حتى طموحات دولة الاحتلال بإجراء تطبيع مع بعض الدول الإسلامية كل ذلك سيصطدم ويتعثر بقرار المحكمة الجنائية.

وأضاف موسى: أنَّ نتنياهو الآن ضعيفًا سياسيًا وسيلجأ لحلفائه الأميركان، كون أميركا دولة غير منضمة لميثاق روما، وهذا خياره الوحيد الذي يوفر له القوة السياسية، أما في معظم دول الاتحاد الأوروبي، ودول العالم سيكون نتنياهو ضعيف سياسيًا ما يشكل ضغط عليه لمحاكمته داخليًا في اسرائيل أو عزله، أو اقالته من منصبه، وهذا المتوقع لمصيره. 

وتابع موسى، أنَّ على المحكمة الجنائية مواصلة تحقيقاتها لمحاكمة مجرمين من قادة الاحتلال سواء رئيس الأركان في الجيش، وقائد القوات الجوية، ووزراء الاستيطان، وغيرهم من المشاركين في الإبادة الجماعية والتجويع والاستيطان، فقرار الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت يجب أن يكون فاتحة للجنائية الدولية لمحاسبة آخرين من الاحتلال إن كان سياسيين أو عسكريين.

وحول تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للمحكمة بأنها ستلقى ردًا قويًا في يناير المقبل، أكد موسى أن هناك في الميثاق مواد قانونية تنص على أنَّ  أيّ تهديد لأعضاء يعملون في المحكمة الجنائية الدولية، يمثل خرق وجريمة تستحق المحاكمة في محكمة الجنائيات الدولية، لذلك تهديداتهم تلك تسمح للمحكمة بمقاضاتهم وإصدار مذكرات جلب لمن يهددون أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، وحتى إن كانت الولايات المتحدة ليست عضوًا في ميثاق روما. 

وأكَّد موسى أنَّ بعد خطوة المحكمة الجنائية، أصبح لدولة فلسطين القدرة للتوجه بشكل أقوى للجمعية العامة، لمطالبة مجلس الأمن بتجميد أو طرد عضوية إسرائيل من الأمم المتحدة كونها دولة مجرمة، وللمطالبة أيضًا بتوفير الحماية لشعبنا كونه يعيش تحت احتلال رئيسه مطلوب للعدالة، فكل ذاك يعزز المطالب الفلسطينية في الساحة الدولية في الأمم المتحدة. وشدد موسى على واجب العالم بالضغط بشكل فعال لأخذ قرارات تتضمن فرض عقوبات ومقاطعة بحق إسرائيل، وصولاً إلى المطالبة بتفعيل الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة باستخدام الضغط العسكري على دولة الاحتلال كي تنهي احتلالها لفلسطين.

وفي الختام، أشاد موسى بمواصلة فلسطين مسارها الديبلوماسي بمطالبة الدول بمقاطعة علاقاتها مع مجرمي الحرب، في سبيل تضييق الخناق حول إسرائيل في المحافل الدولية، وأكد أن دولة فلسطين مع حلفائها من أشقائها العرب والدول الصديقة يجب أن يشكلوا حلفًا دوليًا عالميًا لإنهاء الاحتلال ولإسقاط نظام الإجرام والفصل العنصري، فقرار الجنائية الدولية والذي سبقه قرار محكمة العدل بضرورة إنهاء الاحتلال خلال عام، تلك قرارات تدفع فلسطين إلى الأمام نحو الحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال بشكل كلي.