لا يوجد فلسطيني على وجه الأرض إلا ومرّ بذكريات طويلة، حلوة ومرة، لكن الذكريات المريرة هي الأكثر أما الحلوة فلها مذاق يبقى صامدًا لقلّتها!
وأهم ما علق بذهني وما يزال حتى اللحظة وكان له التأثير القوي على مسيرة حياتي هو مأساة الهجرة في العام 1948م حين كان عمري لا يتجاوز السنوات الست.
كان للهجرة تأثير كبير على اتجاهي السياسي فيما بعد..
كنت أرى الأفواج القادمة من أنحاء فلسطين إلى مدينتي نابلس بالشاحنات مهاجرة إلينا وعقلي الصغير يتساءل لماذا جاءت هذه الأفواج وتركت منازلها، وفي المقابل أرى سيارات الجيش العراقي وهي متجهة شمالاً والناس على جانبي الطريق تهتف لها وأهتف معهم، ولكن أتساءل ما الذي يجري؟
المعروف أن الكبار يدّعون أن الاطفال في مثل سني لا يستوعبون أو يفكرون فيما يجري حولهم، ونعامل أطفالنا بهذا الاسلوب! ولكن أطبق ذلك على نفسي وأقول إن للطفل تفكيره ورؤيته وهذا ما أثر في مسلكي فيما بعد!
سيارات كبيرة تأتينا يوميًا، شاحنات أو ما كان يطلق عليها (تركّات) مليئة بالأطفال والنساء والشيوخ والشباب، كنت أسكن وأسرتي أمام مدرسة اسمها مدرسة النجاح الوطنية على درج عند المنشية التي أصبحت فيما بعد بلدية نابلس ثم تحولت إلى مكتبة، امتلأت المدرسة باللاجئين، ورأيت ساحة المدرسة وقد امتلأت بالخيام.
قادتني قدماي الصغيرتان إلى داخل المدرسة، فحب الاستطلاع لدى الطفل قوي، كان اللاجئون يفصلون ما بين الأسرة والأخرى بفاصل من الشاش أو البطانية التي كانوا يتغطون بها أو يلتحفونها، ولم تكن البطانيات تكفيهم، الأسرة من الزوج والزوجة والأولاد في مكان واحد يفصلهم عن أسرة أخرى شرشف أو بطانية! يا إلهي كم كان المنظر بالنسبة لطفل في سني مؤلماً، ما جعلني أفكر بعمل أي شيء، هذا التفكير كان في عقلي الباطني تفجر فيما بعد عند بلوغي.
ومما زاد في ألمي أن حصل في نفس عام الهجرة عاصفة ثلجية أهالت الخيام فوق ساكنيها، ورايت أمام ناظري طفلاً يخرج من الروضة التي أمام منزلنا قرب "مدرسة النجاح" وقد بهره كما بهرني منظر الثلج الأبيض الذي يغطي الأرض وكأنه سجادة بيضاء كبيرة. فتح الطفل، وأنا أراقبه، باب الروضة وهو مذهول مما يرى، ومشى خطوة باتجاه البساط الأبيض خطوة خطوتين وثلاث خطوات وهو حافي القدمين ثم وقف وبدأ بالصراخ من ألم الثلج، هذا المنظر ما زال في مخيلتي حتى اللحظة.
وبدأنا السنة الدراسية ودخلت الصف الأول الابتدائي في مدرسة الخالدية في نابلس وصارت لنا علاقة حب وجوار مع أسرة هذا الطفل، وأذكر انني كنت عائداً مرة من مدرستي فوجدت باب منزلي مغلقاً حيث لا أحد في البيت، وكانت شقيقة ذلك الطفل تنتظرني حسب وصية والدتي لها التي كانت قد غادرت البيت لأمر ما، وأطعمتني تلك السيدة رغيف خبز وفجلة، وما زال طعمها اللّذيذ في فمي حتى الآن! وتشاء الأقدار أن نلتقي في عمان وقد أصبح الطفل رجلاً وشقيقتة امرأة عجوزاً -رحمها الله -.
كان جدي الحاج سعيد فارساً من فرسان مدينة نابلس وكان له أراض كثيرة بعضها في قرية قريبة من نابلس هي عصيرة الشمالية وقد سكن القرية وتزوج منها. وأثناء ركوبه فرسه في أحد الأيام وقع عن ظهرها وانكسرت رجله، فأصبح لا يقوى على ركوب الخيل، فبدّل الفرس بركوبة أصغر هي حمارة بيضاء، وكم هو صعب على الفارس أن يفعل ذلك.
كان جدي يذهب يومياً لصلاة الظهر إلى الجامع الكبير في نابلس وكان يحب أن يرافقه واحد من أحفاده ليساعده في الركوب والنزول عن حمارته البيضاء وكنت واحداً منهم، أذهب معه إلى الجامع وأستمع إلى حديث الكبار ونقاشاتهم وكلي آذان صاغية، ومذهول مما أسمع! وعقب الصلاة نرى عدة حلقات من الدروس، حلقة هنا وحلقة هناك ومع مرور الوقت تتنازع هذه الحلقات فيما بينها وتكاد أن تضرب بعضها بعضاً وعقلي الصغير يتساءل مستنكراً لماذا يفعلون ذلك أليسوا كلهم مسلمين؟! أين أخلاق الإسلام؟ علمت فيما بعد أن هذه الحلقة تتبع جماعة الإخوان المسلمين وتلك تتبع حزب التحرير الاسلامي، من هنا صار بيني وبين الفئتين حاجز بسبب ذلك.
في تلك الفترة وأنا أسير في أزقة نابلس كنت أستمع من خلال مذياع بعض المحلات التجارية ما تقوله إذاعة القاهرة أيام الملك فاروق، وكنت أسمع أحاديث الشارع أن الملك فاروق ملك فاسد وأنه في آخر أيامه، وعندما كنت ذات مرة عند الحلاق سمعت أن الثورة المصرية قامت وعمّ الفرح الشارع النابلسي مما انعكس عليّ أيضاً بالرغم من عدم معرفتي بما يجري لكنني أحسست بالفرح الغامر حيث أن الملك الفاسد فاروق قد انتهى حكمه، وهذا قادني فيما بعد ليكون اتجاهي ناصرياً، وأن أكمل دراستي في مصر، وكان أيضاً للسينما المصرية تأثير كبير في حبي لمصر، واذكر أن أول فيلم مصري شاهدته كان في سينما على مسرح المنشية (مكتبة البلدية حالياً) من بطولة أسمهان ويوسف وهبي.
بدأت علاقتي مع أطفال اللاجئين في المدارس، كانت مدارسهم في خيام قبل أن تبني لهم الاونروا مدارسهم الخاصة وتوزع عليهم الحليب الساخن، ويطلق عليه بالعامية (حليب البودرة). وهنا تذكرت طفل الثلج الذي مشى عليه، وربما كان يتصوره حليب أطفال، خاصة أن الأطفال كانوا بحاجة إلى الحليب في بداية الهجرة.
كان الطالب الذكي والمتقدم في دراسته حينها يكافأ بنقله من مدرسة الخيمة إلى المدرسة الحكومية ليرفع من مستوى المدارس الحكومية. أذكر يوماً ونحن في الصف الرابع الابتدائي أن جاءنا مدير المدرسة بصحبة طالب طويل القامة أُدخل مدرستنا الخلدونية لتفوقه وانشدنا بصوت قوي وجميل وحزين أنشودة أبكتنا جميعا يقول مقطعها الأول: "عليك مني السلام يا أرض أجدادي ففيك طاب المقام وطاب إنشادي...!؟" نسمعها ونجهش بالبكاء، كيف ضاعت الأرض واحتلت مدن فلسطين! وهذه أيضاً كانت حافزاً شديداً وقوياً عندي لاتجه اتجاهي الوطني وأعمل أي شيء من أجل مقأومة المحتلين.
كنت كما ذكرت سابقاً استمع إلى بعض الإذاعات أثناء مروري في أزقة وشوارع نابلس أو عند الحلاق، وكان عند جدي الحاج سعيد راديو كبير بحجم الخزانة عبارة عن موبيليا خشبية جميلة أطول مني بمرتين في تلك الفترة. وكان يحضر إلى ديوانه الجيران والاصدقاء كل مساء وكنت أحشر نفسي بينهم واستمع إلى ما يبثه ذاك الجهاز الجميل وكنت أتصور أن المذيع يجلس داخل هذه الخزانة الخشبية فأتسلل وراء المذياع لأبحث عنه فلا أجد سوى لمبات كهربائية وبطارية كبيرة وشناكل تمسك بالبطارية التي تشبه بطارية السيارة في هذه الأيام.
في إحدى الجلسات ضحك جدي وقال، عندما كان مطرب سوداني يغني في (محطة ركن السودان من القاهرة): هدول قرايبك يا سيدي! كنت أسمر اللون نتيجة تحركي تحت الشمس كثيراً وانا صغير ما أضحك جدي واعتبرني سودانيا.
راديو جدي شجعني لمتابعة الإذاعات وأخبارها مما اضطرني الالحاح على والدي لشراء راديو خاص بنا، وكان والدي موظفا (على قد حالو)، وأسعدني يومًا بإحضاره راديو مستعملاً ليس جديدا ولكنه كان شغلي الشاغل، انتقل من محطه إلى أخرى على الموجة المتوسطة وعلى الموجات القصيرة من ضمنها محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية (فيما بعد محطة لندن)، ومرة توقفت إبرة الإذاعة على محطة تيرانا وهي عاصمة (البانيا) كان يحكمها "أنور خوجه" زعيم الحزب الشيوعي هناك، يذكر أن اهلها غالبيتهم من المسلمين. لذلك أصبح عندي حس العمل الإذاعي والرغبة في ذلك إضافة إلى رغبتي الكبيرة في العمل الوطني من أجل التحرير.
كان والدي يعمل في عمان ونحن نسكن نابلس، حيث كان يزورنا كل خميس وجمعة ثم يغادرنا فجر السبت إلى عمله.
غياب والدي عنا ساعدني للتحرك خارج البيت بعيداً عن رقابته خاصة أن الاطفال عادة ما يتمتعون بالحيوية والنشاط فوق الطبيعي، فزاد احتكاكي بالناس وكيفية التعامل معهم والاستفادة من تجاربهم.
بعد العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956م حيث اشتركت كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في الهجوم على مصر للقضاء على نظام الرئيس جمال عبد الناصر الذي أممّ قناة السويس وتحدى الاستعمار الغربي، ما جعل والدي -رحمه الله -يفكر في نقلنا إلى عمان حيث عمله وخوفاً أن تنقطع الصلة بيننا نتيجة الحرب. وهذه الحرب العدوانية جعلتني أتابع المحطات الإذاعية بشغف خاصة صوت العرب الذي تعلمت منه الكثير.
وصلنا إلى عمان وكنت قد أنهيت الصف الأول الإعدادي (السابع حالياً) من مدرسة الجاحظ في نابلس إلى مدرسة رغدان في عمان ودخلت الصف الثاني الإعدادي (الثامن)، جو الدراسة في عمان يختلف عما كنا فيه في الجاحظ.
وأحسست في البداية، بالغربة! حيث تركت مسقط رأسي وشعرت أن قلبي بقي هناك عند زملائي في المدرسة وأبناء حارتي والجيران. كان هذا إحساسي حتى أن أحلامي وما كنت أراه في المنام كلها تكون هناك وتأكدت من مدى حبي وتعلقي بمدينتي وحارتي!
في عمان تعرفت على زملاء جدد في المدرسة، والمرحلة الإعدادية هي مرحلة نمو الوعي لدى هذا الجيل، وشاءت الأقدار أن أحد زملائنا وإخواننا الطلبة الذين كانوا يدرسون في الخيام بداية الهجرة ينتقل أيضاً إلى عمان و إلى نفس المدرسة ونفس الصف الدراسي! وكان دائما في المركز الأول في الصف وبقينا أصدقاء سوياً حتى ذهابنا إلى مصر للدراسة الجامعية حيث لم يكن في الأردن بعد جامعات، واستمرت علاقتنا حتى الآن.
أثناء الدراسة في مدرسة رغدان التحق بنا زميل جديد في العام 1957م من اللاجئين الذين يسكنون مخيم الحسين وكان تأثير إخواني اللاجئين عليّ تأثيراً كبيراً، بسبب معاناتهم وشعوري الحاني تجاههم، ولحسن الحظ تقربت من الطالب الذي لم أره منذ ذلك الحين واسمه عبد الرحمن الشلختي، كنا ندرس سوياً طلب مني ذات يوم أن ندرس في بيته، رحبت فوراً وذهبت إلى المخيم فوجدته يسكن في بيت من الزينكو مكون من غرفه واحدة وأرضية ترابية هو ووالدته وأخوته الاطفال مما كان له الأثر المؤلم جداً علي.
عبد الرحمن هذا هو أول من فاتحني بالكفاح المسلح ضد إسرائيل، وهنا تظهر ولأول مرة حركة فتح قبل الإعلان عنها، حدثني عبد الرحمن عما يجب أن نقوم به وأنه لا بد أن نتحرك وان نأخذ زمام أمورنا بأيدينا، لكن في ذلك الوقت كان عبد الناصر ملئ وجداني وأذكر أنني قلت له: عبد الناصر سيحرر فلسطين ولا أحد غيره، فقطعت عليه الطريق، وتشاء الأقدار أن التحق فيما بعد بحركة فتح لكنني ولم أره منذ ذلك الحين، إلا في العام 2014 في عمان، وكان لقاء حارا جدّدنا خلاله ذكرياتنا، بعد ذلك بعامين توفاه الله. رحمه الله رحمة واسعة.
في تلك الفترة عمّت عمان المظاهرات الحاشدة التي تقودها الأحزاب ضد حلف بغداد، خاصة أثناء حكومة سليمان النابلسي: حزب البعث والقوميون العرب، والشيوعيون، والإخوان المسلمون وحزب التحرير. عندما كنت أصحب جدي الحاج سعيد إلى الجامع في نابلس تعرفت على الاخوان وحزب التحرير وحسمت أمري معهم وابتعدت عنهم. أما في عمان فهناك شيء جديد اسمه البعثيون والقوميون والشيوعيون. عرفتهم من خلال الجبهة الوطنية التي كانت تخوض الانتخابات في نابلس وكان عادة من يترشح عنهم عبد القادر الصالح وكان صديقاً لوالدي ويعطيه صوته. كنت أحتج على والدي، كيف تنتخب حزباً كافراً؟ فيجيني -رحمه الله -هدول يابا وطنيين. لكنني بقيت بعيداً عنهم بحكم تديّني.
أما البعثيون والقوميون العرب فكان لهم نشاط قوي في المدرسة هم والإخوان المسلمون، وكانوا يتسابقون على جذبنا إلى أحزابهم ويوزعون علينا بطاقات العضوية التي كانت تساعدنا في دخول السينما بتذكرة مخفضة!
كانت معظم المدارس تخرج في مظاهرات صاخبة ضد حلف بغداد وتتجمع كلها في ساحة المسجد الحسيني الكبير وسط البلد، وهناك للأسف كانت تحدث مشادات بين أفراد الأحزاب تتطور إلى اشتباكات بالسكاكين (وكل حزب بما لديهم فرحون) مما أقنعني بالابتعاد كلياً عن هذه الأحزاب التي ترفع شعارات هامة ضد الاستعمار ومن أجل تحرير فلسطين ولكنها لا تفعل شيئاً ملموسا لصالح فلسطين، القضية المركزية لكل هذه الأحزاب!
لكن في الواقع، كنت أحس بانتمائي للقوميين العرب الذين لم أكن اعتبرهم حزباً، خاصة أن "أحمد سعيد -صوت العرب" كان يدافع عنهم، وكان جيلي متأثراً جداً بصوت العرب.
في العام 1959م أنهيت دراسة "المترك" في كلية الحسين بعمان وهي نهاية الفترة الثانوية في تلك الأيام وعليّ إكمال دراستي الجامعية خارج الأردن، كانت مصر ما تزال في مخيلتي وهي بلد عبد الناصر. وكان والدي-رحمه الله -يريدني أن أذهب إلى دمشق فهي قريبة ومصاريفها أقل.
ذهبت مرتين إلى دمشق وهاجسي أنهم قوميون عرب (بعثيون) وأول ما رايته على الحدود في الرمثا العلم الفلسطيني بألوانه الأربعة يرفرف فوق المباني الحكومية السورية، مما شرح صدري واعتبرت أن حبّهم لفلسطين وتحريرها جعلهم يرفعون العلم الفلسطيني ولم أكن اعلم أن هذا العلم هو علم الحزب ليس إلا! كنت أرى شباب الحزب في الصالحية يومياً يتسكعون ويعاكسون الفتيات وصعقني أحدهم عندما رأيته يلبس قميصا يزينه العلم الاميركي! كيف هذا؟ تساءلت وأنا مذهول! كيف من الممكن أن تحتوي منظومة مكونة من حكومة بعث وقوميين عرب وعلم فلسطين ومهاجمة أميركا والإمبريالية الأميركية، تضم شابا يتبختر وعلى ذراعه علم أميركا؟! كانت صدمة بالنسبة لي ما شجعني للذهاب إلى مصر لإكمال دراستي هناك.
كانت مصر في وجداني منذ الطفولة، إذاعة القاهرة ثم صوت العرب والأفلام المصرية عندما كنا نخرج من المدرسة الخلدونية عند العصر فنسارع إلى سينما العاصي أو غرناطة والتذكرة بقرشين ونصف القرش! كنت أحلم بالقاهرة ومصر عبد الناصر فوافق والدي وسافرت إلى قاهرة المعزّ وفيها توسعت مداركي حيث انها المرة الأولى التي أعيش فيها وحيداً بعيدا عن والدتي وأهلي حيث الراحة والمأكل وعدم المسؤولية.
وهنا بدأت معركة جديدة وحياة جديدة.. حتى أدخل الجامعة كان لا بد من الحصول على التوجيهي (الثانوية العامة المصرية) حيث أن شهادة المترك الأردنية لا تكفي، لذلك دخلت إحدى المدارس الحكومية المصرية وهي مدرسة الفسطاط في مصر القديمة، هنا لاحظت بكل وضوح الاختلاف والفارق الكبير في التعليم بين نابلس وعمان والقاهرة.
في نابلس، كل الاحترام للمعلم الذي كان يتفانى في تعليم الطلاب والانضباط الكامل في المدرسة، بعكس مدارس عمان ولكن الكارثة كانت في القاهرة حيث لا احترام للمعلم ولا للنظام وكان التعليم في فلسطين يتميز عن التعليم في غيرها.
بعد حصولي على الثانوية العامة في القاهرة كان قبولي في كلية التجارة في جامعة الاسكندرية، يومها جاءني صديق طفولتي (صدّيق السيد) الذي كان يدرس في الأزهر الشريف واقترح عليّ دخول كلية المعاملات والإدارة في جامعة الأزهر بعد التطوير، والسكن في المدينة الجامعية هناك واسمها مدينة البعوث الإسلامية والحصول على منحة دراسية ولكن بفارق سنة دراسية زيادة عن جامعة الإسكندرية، وافقت فوراً حتى أخفف عن والدي عبء مصاريفي. التحقت بالمدينة الجامعية التي كانت تضم أكثر من 73 جنسية وكنت وكأنني أعيش بين الأمم من آسيا وإفريقيا وأميركا وأميركا اللاتينية والكثير من الجنسيات المختلفة من الدول الإسلامية وغير الإسلامية.
في هذه الفترة ونحن في سن الدراسة صار الحديث عن تحرك ما في رابطة الطلاب الفلسطينيين وأن هناك عملا يتبلور لم تظهر فية ملامح " الفتح" بعد. شكلنا نحن مجموعة من الطلاب في الأزهر وجامعة القاهرة (15 طالبًا) تجمعاً نبحث خلاله عما يجب (علينا فعله). كنا نجتمع كل أسبوع عند واحد منا ونذهب في رحلات داخلية، ولاحظت من خلال تحركنا هذا أن أجهزة المباحث المصرية كانت تتابعنا، كنا نشعر بهم ولكن لا نهابهم لأننا لم نبلور بعد شيئا ما. كل ما في الأمر أننا نناقش ما كان الحديث يجري عنه حول تحويل مجرى نهر الأردن وروافده، الذي بحثته القمة العربية وصدر عقبها قرار بانشاء منظمة التحرير الفلسطينية. وهنا أردنا التوجه نحو الشقيري، ولكننا صرفنا النظر عن ذلك خاصة وكنا نعتقد أن الشقيري الذي كان يمثل بعض الدول العربية في الامم المتحدة فكان إحساسي أن إنشاء المنظمة هو لعبة من الأنظمة العربية ولكن لم نقنع أنفسنا أن تكون هذه اللعبة من الرئيس جمال عبد الناصر لأنني كنت وما زلت أعتقد أن عبد الناصر ما زال الأمل في تحرير فلسطين.
أسقط في أيدينا بعد هزيمة حزيران 1967م. فبعد أن كان عبد الناصر هو الأمل الوحيد بتحرير فلسطين، هزم عبد الناصر ولم نر أثراً لصواريخ الظافر والقاهر. فوجئنا بالفجيعة وكانت نكبة جديدة لنا نحن الفلسطينيين ناهيك عن العرب كلهم، ولكنا عندما سمعناه يعلن تحمل المسؤولية عن الهزيمة ويستقيل في خطاب متلفز ومذاع مباشرة صرخت في وجه المذياع والدموع تنهمر من عيني (وين رايح وتاركنا؟!). يومها خرجت المظاهرات الحاشدة في القاهرة خاصة حتى يتراجع عبد الناصر عن قراره ويستمر في تحمل مسؤولية تحرير ما احتل من الأرض العربية، فلسطين كلها احتلت بالإضافة إلى سيناء في مصر والجولان في سوريا.
هنا حسمت أمري بالالتحاق بحركة " فتح " التي انتشرت أخبار عملياتها الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي وخاصة من جهة نهر الأردن، كمقاتل مع مجموعة من الشباب في مدينة البعوث الإسلامية من ضمنهم أحد زملائنا الذي تبوأ فيما بعد موقعاً متقدماً في قوّات الجولان كقائد كتيبة، ثم نائب قائد القوات وهو الأخ سليم أبو علي (سعد نجيب شاكر) بعد أن ترك دراسته الجامعية والتحق بدورات عسكرية في مصر.
أما أنا فبقيت بالتنظيم الحركي في مدينة البعوث مع الطيب عبد الرحيم وخالد شريم وعبد الله حجازي وبكر مؤنس، وفي تلك الأثناء فازت فتح بقيادة رابطة الطلاب الفلسطينيين في القاهرة، ثم جرت معركة الكرامة في 21/3/1968م، والانتصار العظيم والكبير الذي تحقق على أيدي فدائيي فتح وقوات التحرير الشعبية والجيش العربي الأردني.
بعد النصر في معركة الكرامة التي رفعت معنويات الجيوش العربية المنهزمة في حزيران ورفعت معنويات شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية زحف الشباب الفلسطيني والعربي للالتحاق بالعمل الفدائي وأعلنت حركة فتح ناطقاً رسميا باسمها هو ياسر عرفات ونشرت صورته في العالم وفي الصحف المصرية، وكنا فخورين في ذلك وخرجنا من تحت الأرض دون خوف وأعلنا عن أنفسنا خاصة بعد أن دعت مصر أبو عمار لزيارة القاهرة لأول مرة وأصر عبد الناصر يومها أن يصطحبه إلى المواقع العسكرية المقابلة لقوات الاحتلال الاسرائيلي ليظهر للقوات المصرية جرأة الفدائي الفلسطيني حامل قاذف الآر بي جي الذي يفجر الدبابة عن بعد أمتار قليلة فقط. ما أعطى المعنويات العالية للجيش المصري. وقد عمل عبد الناصر على تغيير بنبة الجيش وفرض التجنيد على الطلاب الجامعيين وتحسن أداء هذا الجيش وانقلب حاله إلى الأصلح.
كانت إذاعة منظمة التحرير ما زالت تعمل وهي التي أنشئت مع إنشاء المنظمة التي فشلت باستقطاب الجماهير الفلسطينية لعدم قيام جيشها بالعمل ضد المحتل الصهيوني كما تفعل قوات الفدائيين، لذلك استقال الشقيري فيما بعد ودعا عبد الناصر الفدائيين إلى تسلم زمام المنظمة.
قلت بأنني أكملت دراسة الثانوية العامة في مصر قبل التحاقي بالجامعة هناك وكانت العادة أثناء حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن تنظّم رحلات للمتخرجين من الثانوية العامة سنوياً إلى المحافظات المصرية وخاصة في جنوب البلاد كالأقصر وأسوان حيث الاثار الفرعونية القديمة.
ركب الخريجون زملائي من مدرسة الفسطاط في مصر القديمة قطار الرحلة وكان قطاراً قديماً استغرق وصولنا إلى هناك (18) ساعة مرهقة، ولكنها رائعة رأيت خلالها مالم أره في مصر من القرى والمدن والحقول الخضراء الغناء مما خفف من تعبنا.
كانت وسيلة التنقل ما بين الاقصر وأسوان وآثارهما هي الحافلة وكان الطلاب يحبون المرح والفكاهة في معظمهم، مما أبهج القلوب وانسانا طول الرحلة وتعبها. إلا أن أحد الطلاب كان هادئاً على غير عادة الطلبة المصريين المشاغبين في كثير من الأحيان.
جلسنا في الحافلة استعداداً لتقلنا إلى الآثار الفرعونية و الهرج والصخب والغناء يعم الحافلة التي ما زالت متوقفة فاذا بأحد الطلاب المشهور عنهم اللهو والمشاغبة يصرخ من شباك الحافلة على أحد الصعايدة المارّين في الشارع هو وجواميسه ينادي عليه بكلمة جعلت الصعيدي يستشيظ غيظاً ويتقلّب كانه قطّ على صفيح ساخن يريد أن ينتقم ممن ناداه بتلك الكلمة، فأخذ يبحث عن شيء يقذف به الحافلة التي خرج منها ذاك الصوت، فلم يجد غير روث الجاموسة الطازج وبكل قوة وعزيمة قذف الروث الساخن فدخل من شباك ذلك الطالب الهادئ فأصابه في وجهه وامتلأت الرائحة التي تزكم الأنوف كلّ الحافلة..
حزنت على ذلك الطالب الهادئ الذي أخذ يمسح الأذى عن وجهه والكل يقهقه لما حصل! واصلنا رحلتنا إلى معبد "ابو سمبل" الشهير والأعمدة العملاقة التي تمّ فيما بعد نقلها من أماكنها عند البدء ببناء السدّ العالي.
بعد تسلّم الفدائيين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.. طلبت حركة فتح من الحكومة المصرية إنشاء إذاعة للفدائيين تقودها حركة فتح، وافق عبد الناصر فوراً ودون مقابل، كلفت القيادة أحد قادتنا الإعلاميين المختصين في هذا المجال وهو الأستاذ فؤاد ياسين (ابو صخر) والذي يملك خبرة عشر سنوات في إذاعة دمشق ثم أبعد عن سوريا وعمل في إذاعة صوت العرب في القاهرة وإذاعة فلسطين من القاهرة كلف بالإعداد لإذاعة الثورة.
كان تفكير الأخ أبو صخر اختيار مجموعة جديدة من الإذاعيين الجدد الذين لم يسبق لهم أن عملوا في هذا المجال، وأن تخرج أصوات جديدة تعطي المصداقية بعد أن ظهر كذب الإذاعات العربية أثناء المعركة التي أصبحت عنوانا للهزيمة حتى المذيع القدير أحمد سعيد، ولم يعد المواطن العربي يثق بهم وبما يذيعون.
عمّم الأخ فؤاد ياسين على التنظيم لاختيار عدد من الدراسين للغتين العربية والانجليزية في مصر للعمل في الإذاعة الجديدة، ولما سألته فيما بعد عن سبب اختيار المتخصص في اللغة الإنجليزية كان جوابه أن من يتقن الإنجليزية لا بد أن يتقن العربية.
اختار التنظيم أكثر من 15 عضوا من الطلاب الدارسين في مصر وكان معظمهم من الأزهريين من كلية اللغة العربية وكنت الوحيد المتخصص في دراسة اللغة الإنجليزية.
اصطحبنا الأستاذ فؤاد ياسين والأخ أبو الهول (هايل عبد الحميد)، وكان معتمد الإقليم لحركة فتح في مصر، إلى مبنى الماسبيرو حيث إذاعة صوت العرب ليختبروا أصواتنا، وبعد التصفية تم اختيار أربعة هم، بالإضافة لي، عبد الشكور التوتنجي وكان يدرس الطب في جامعه القاهرة، والطيب عبد الرحيم (الازهر) ويحيى العمري (الازهر-لغة عربية) وكما قلت سابقاً تخصصي في اللغة الإنجليزية.
نجحنا كخامة صوتية بحاجة إلى صقل، وكانت مسؤولية الأستاذ فؤاد ياسين الخبير الوحيد في هذه المجموعة التي اعتبرت الخلية الأولى للإذاعة ومن ثم القاعدة الأولى للإعلام الفلسطيني.
لم تكن هذه المجموعة تعلم شيئا عن الإذاعة أو الميكروفون سوى شغفي الشخصي وحبي للإذاعة والعمل الاذاعي، ما ساعد على سرعة تدريبي فيما بعد.
بدأ أبو صخر يدربنا، ولكن لا أحد منا يعرف طريقة الأداء في الإذاعة، كنا نقرأ الخبر أو التعليق كما نقرأ النصوص في المدرسة، ثم أخذنا الأخ أبو صخر إلى الأستاذ أحمد حمزة كبير المذيعين في "صوت العرب"، طلب الأخ أبو عمار والقيادة من الأخ فؤاد ياسين أن يبدا البث في 1/5 قبل ذكرى النكبة 15/5، وبدوره طلب الأخ أبو صخر من الأستاذ أحمد حمزة تجهيزنا خلال أسبوع! فوجئ حمزة بهذا الطلب وقال: مش ممكن، هذا جنون. أن أي مذيع يحتاج إلى ستة أشهر من التدريب حتى يسمح له أن يقول على الهواء: هنا القاهرة فقط دون أن يقدم شيئا غير ذلك، لكننا أظهرنا للأستاذ حمزة استعدادنا للتعلم بسرعة لحماستنا لهذا العمل. وخلال الأيام الاربعة التي كانت أمامنا تدربنا عدة ساعات فقط بشكل سري، حتى أن مدربنا الأستاذ أحمد حمزة لم يعرف هوية الإذاعة أو اسمها حتى يدربنا على كيفية نطقها، ولم يخبره الأخ أبو صخر بعنوان الإذاعة إلا يوم انطلاقتها، فأخذ يدربنا على كيفية نطقه ونحن نصعد درج ماسبيرو دون أن يسمعنا أحد: صوت العاصفة، صوت فتح، صوت الثورة الفلسطينية. ليس أمام أستاذنا فؤاد ياسين (أبو صخر) إلا أن يكمل بنا المشوار ويستمر في صقل خاماتنا، كنت أسجل الآية القرانية التي سنفتتح بها الإذاعة عدة مرات بل عشرات المرات إلى أن ننجح في ذلك.
كان الأخ أبو الهول معتمد الاقليم -رحمه الله- يراقبنا مع الأخ أبو صخر وطلب مني أن أعطي الكلام قوة أكثر، وقال: تخيل نفسك في معركة الكرامة وتصفها للمستمعين بما فيها من بطولة وشهادة وإقدام وفعلاً نجحت في ذلك وكاني مشارك فيها: قوة في الصوت -دون صياح- هدوء ولكن بقوة وآخراج الكلام من البطن وليس من الحنجرة كما يطلب منا الأخ أبو صخر.
انتقلنا إلى مبنى الشريفين حيث الإذاعة في شارع الشريفين في القاهرة، وكانت إذاعة منظمة التحرير الفلسطينية في الطابق الذي يعلونا وتحتنا كانت وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ.ش.أ) الوكالة الرسمية المصرية. يومها دخل علينا في مبنى الإذاعة شاب عادي من شباب فتح ولكن لا أعرفه يلبس (سترة كاكي) متواضعة وسأل الأخ أبو صخر هل أنتم جاهزون؟ أجابه أبو صخر بالإيجاب وسننطلق الليلة. وسأل هل أرسل خبراً إلى (أ.ش.أ) حول هذا؟ قال: نعم! فتساءلت متعجباً ومستنكراً: من هذا وما دخله فينا؟ حيث أننا نعمل بسرية تامة ولا أحد يعرف ما يجرى عندنا...؟!
فقال الطيب: ألا تعرفه.. أنه أبو جهاد أحد قادة فتح الرئيسيين. كانت قيادتنا شابة ومتواضعة في كل شيء حتى في لبسها.
عملنا الخبر وأرسل إلى "أ.ش. أ" أن إذاعة صوت العاصفة ستنطلق اليوم 11/5/1968 في الساعة السابعة والنصف مساءً على الموجه كذا.. الخ. وخرجنا من المبنى نحن كادر الإذاعة الجديدة مع الأخ أبو جهاد والأخ أبو اللطف مشياً على الأقدام إلى ميدان التحرير (وهل القيادة تمشي اليوم على الاقدام؟!)، كنا نسمع رأيهم وكان الطيب أثناء ذلك يوجز لي معلومات عن الأخ أبو جهاد الذي لم أكن أعرفه. ثم ركب كل واحد منا مواصلته وذهب إلى وجهته.
وفي المساء انطلقت الإذاعة في 11/5/1968 وكان شيئاً رائعاً.
انطلقت في شهر النكبة التى حلت بفلسطين وشعبها حيث قررت القيادة الثورية الفلسطينية، قيادة حركة" فتح" أن تعلن عن ذلك أي بعد حوالي ثلاث سنوات من انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة حركة"فتح" وبعد أقل من شهرين على الانتصار العظيم في معركة الكرامة الخالدة التي جرت في 21/3/1968 حيث حقق الفدائيون الفلسطينيون وبتلاحمهم مع الجيش العربي الأردني أعظم وأروع انتصار على الجيش الصهيوني " الذي لا يقهر " بعد هزيمة مدوية للأمة العربية في حزيران العام 1967م وفي إشارة واضحة من قيادة " فتح " سنحول ذكرى النكبة إلى عمل ثوري يعيدنا إلى فلسطين من خلال الكلمة الامينة المعبرة عن الطلقة الشجاعة.
ودائما إذا كانت البداية ناجحة فالعمل يكون ناجحا على المدى البعيد، وكان الفضل بعد الله يعود لأستاذنا الكبير فؤاد ياسين (أبو صخر) الذي علّمنا ألف باء الإعلام، والذي لم تنصفه الحركة طيلة سنيّ عمله المتواصل حتى وفاته رحمه الله عندما بلغ الثمانين من عمره، ولم يتجاوز موقع السفير في حين أن تلامذته حصلوا على مواقع حركية متقدمة ومواقع متقدمة في السلطة الوطنية فيما بعد.
تعلمنا منه أصول الكتابة السياسية والوجدانية بل أن شعراءنا كانوا ينصاعون لملاحظاته الفنية في إضافة أو حذف بعض الكلمات من أناشيد الثورة قبل أن يتم بثها عبر الأثير الاذاعي، فقد كان الإعلامي الوحيد بيننا وكان في البداية يكتب كل شيء من مواد الإذاعة اليومية وكنا كمذيعين نتسابق على قراءة ما يكتب لرشاقة فقراته وكلماته ولجمال خطه، فكتابته رشيقة ومرتبة ومنمقة، حتى التنقيط والتقطيع وموقع الفاصلة لها فنيتها عنده..!
كان يجلس مع الشاعر ساعات طوالا حتى يخرج النشيد على أصوله كالشعراء (فتى الثورة) أبو هشام المزين، وأبو الصادق الحسيني، ومحمد حسيب القاضي، الذين كانت أناشيد الثورة في بدايتها بأقلامهم، وكان يطلب منهم ألا يتعدى النشيد الدقيقة الواحدة كما التعليق أو المنطلق الثوري، وكانت كل فقرات الإذاعة قصيرة لكنها تفي بالغرض المطلوب.
وقبل أن يخرج النشيد على الهواء يتناقش مع الملحنين في كيفية خروج اللحن، أمثال الملحن والموسيقار الكبير محمود الشريف وكامل الشناوي وطه العجيل ومهدي أبو سردانه، فالنشيد الذي لا تتجاوز فترة بثه الدقيقة الواحدة كان وراءه مجهود كبير وسهر الليالي حتى خرجت على الهواء إذاعة جديدة ومادة إذاعية جديدة وأناشيد ثورية وكلمات كالرصاص كانت تخرج من حناجر أربعة شباب بقيادة المايسترو أبو صخر، في زمن بث إذاعي مدته نصف ساعة تحوي كلاماً جديداً ومغايراً لكل كلام سابق واصواتاً عالية ومميزة، وبعد فترة وجيزة التحق بنا الأخ عماد شكور من داخل الـ48 وأضاف برنامجا باللغة العبرية، التي يتقنها موجهة إلى المستمع الاسرائيلي بلغته. وكان قبل عماد الاخ حمدان بدر ثم مكرم يونس.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها