حين تعترض وتنتقد الشرعية الفلسطينية، على ما فعلت، وتفعل حركة حماس، التي لم تخلف للشعب الفلسطيني، وقضيته الوطنية، حتى الآن، سوى الكارثة النكبوية تمامًا، خاصةً بعد السابع من أكتوبر 2023، وحين تندد الشرعية بتابعية "حماس" الإقليمية، والإخونجية اللاوطنية، وتكشف عن خطورة هذه التابعية، وضرورة التخلص منها، حماية للمصالح الوطنية الفلسطينية العليا، حين تكرس الشرعية الفلسطينية هذا الموقف الوطني، والأخلاقي المسؤول في جوهره، فهذا يعني حتى مع الكلمات القاسية، أن الشرعية تريد من "حماس" صحوًا يعيد لها الرشد الوطني لكي تكف عن خوض دروب المراهنات الخاسرة، والمغامرات المدمرة، وأن تخرج من أحضان عواصم الحسابات الإقليمية، التي لا علاقة لها بالحسابات الوطنية الفلسطينية، ومشروعها التحرري.
الشرعية بسلطتها الوطنية، وإطارها الجامع منظمة التحرير الفلسطينية، لطالما عضت على الجراح، التي خلفها الانقلاب الحمساوي العنيف، وما أنتج من انقسام بغيض، وذهبت إلى حوارات ماراثونية مع حركة "حماس" من أجل المصالحة الوطنية، ولسبع عشرة سنة، جعلتها "حماس" بلا جدوى، وبكل ما في هذه الكلمة من معنى. كأن الشرعية الفلسطينية هي العدو الاستراتيجي لحركة "حماس" فلا تسمع منها شيئًا، ولا تقبل منها فكرة، ورؤية، وسياسة، وموقفًا. تقبل بحوار المساومات الخطيرة، والتنازلات الكبيرة، مع الإدارة الأميركية، ولا تحاول أن تقيم حوارًا مع الشرعية الفلسطينية، الحوار الذي تريده الشرعية أن يكون قارب نجاة لها. تسعة عشر شهرًا من المقتلة الكبرى، أكثر من مئتي ألف شهيدة وشهيد، وجريحة، وجريح، ولا تصحو "حماس" على الحقيقة، ولا تنظر إلى الواقع، لكي تطرق أبواب الشرعية، فتنهي تدحرج الكارثة النكبوية على أقل تقدير، حين تعلن وتقر بولاية السلطة الوطنية، على قطاع غزة، وحين تنهي موضوع المحتجزين الإسرائيليين، على نحو حاسم، ومرة واحدة، كي لا تواصل حكومة نتنياهو حربها الظالمة ضد قطاع غزة وأهله.
تسعة عشر شهرًا لم يستطع سلاح "حماس" الذي تقول عنه إنه سلاح المقاومة، أن يزحزح "نتنياهو" قيد أنملة عن مخططه الرامي لتدمير قضية فلسطين من أساسها، وبكل تفاصيلها، تسعة عشر شهرًا وشلال الدم الفلسطيني، في القطاع والضفة الفلسطينية المحتلة، لا يتوقف، ومع ذلك ما زال ناطقها العسكري يكرر كلام المكابرات، والتصديات اللفظية، التي لا تسمن ولا تغني من جوع. لا وحدة وطنية مع هذا العبث، الوحدة الوطنية الجامعة، هي وحدة التعقل، ووحدة التفهم، والتخلص من اللغو الشعبوي، ووحدة المصالح الوطنية الفلسطينية العليا، ووحدة القرار الوطني المستقل، ووحدة السلطة الوطنية، بولايتها على المحافظات الشمالية والجنوبية معًا، وحدة الكل الوطني حين هذا الكل تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، هذه هي الوحدة الوطنية الجامعة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها