يدفع الصحفيون ثمنًا باهظًا لتغطية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المتواصل منذ 74 يومًا، إذ استُشهد حوالي 95 منهم، آخرهم فجر اليوم عادل زعرب، كما أصيب العشرات، واعتُقل آخرون، بعد استهداف الاحتلال لهم في مناطق متفرقة من القطاع.
يواجه الصحفيون خطر الموت في ظل القصف الإسرائيلي المتواصل للقطاع فضلاً عن الصعوبات في الاتصالات والقلق على أسرهم، ونقص المستلزمات الأساسية للبقاء من غذاء وماء.
وقالت الصحافية هند الخضري: "عملنا هو توثيق الحرب لنُطلع العالم على ما يحدث".
وتابعت: "تركت قطعة من قلبي" بعدما أُرغمت مثل نحو 1,9 مليون من سكان غزة على الفرار إلى جنوب القطاع، فتوجهت في البداية إلى مستشفى الشفاء الذي لجأ إليه آلاف آخرون، ومن ثم إلى رفح عند الحدود الجنوبية المغلقة مع مصر، لكنها لم تتوقف قط عن توثيق أهوال الحرب".
لكنهم يعرفون أن لذلك تكلفة باهظة. فيوم الجمعة، استُشهد مصور الجزيرة سامر أبو دقة أثناء تغطيته القصف في جنوب قطاع غزة.
وبينت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن عدد الصحافيين الذين قُتلوا في حرب غزة خلال هذه الفترة القصيرة يفوق عدد القتلى في أي نزاع شهده العالم منذ 30 عامًا على الأقل.
وقال المصور الصحفي معتز عزايزة: إن "كل يوم هو مسألة حياة أو موت بالنسبة إلينا"، فأنا ألتقط محنة النازحين لأريها للعالم، كوني شاهدًا على هذا العدوان ومشاركًا لهذه المحنة، فأنا أقوم بسحب الجثث من تحت الأنقاض أو نقل الأطفال الجرحى إلى المستشفى".
وقال مدير منظمة "مراسلون بلا حدود" في الشرق الأوسط جوناثان داغر: إن "ما يحدث في غزة هو خنق للصحافة".
منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قام رامي أبو جاموس، الصحافي والمنسق لدى الكثير من وسائل الإعلام الفرنسية، بتوثيق الحياة في غزة في ما يسميه بأنه أمر "واجب". وبين فيديوهات الجثث ومناشدات الجرحى، وينشر الصحافي أبو جاموس لقطات يلعب فيها مع ابنته ليخطف منها ابتسامة.
وجميع الصحافيين، دفنوا أحد أحبتهم أو قريبًا لهم أو صديقًا منذ بداية الحرب.
في بعض الأحيان تقع المأساة أثناء أدائهم عملهم، فمدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح علم أثناء بث مباشر أمام الكاميرا باستشهاد زوجته وطفليه في غارة إسرائيلية.
وقال حينها: "خوفي الأكبر لم يكن أن أؤدي وظيفتي أبدًا، بل أن أفقد أسرتي ... أسرتي التي استُشهدت ولم أرها منذ أن اندلعت الحرب على قطاع غزة حتى يوم الاستشهاد، ودعتهم قبل أن أذهب إلى الحرب، ثم ودعتهم عندما واريتهم الثرى".
وأضاف الدحدوح الذي أصيب الجمعة أيضًا في ذراعه خلال الغارة التي قتلت المصور أبو دقة: أن "الصحافي الفلسطيني وجد نفسه في أتون المعركة مرغمًا لا راغبًا، وبات يدفع ثمنًا باهظًا، ومثل أي مواطن فلسطيني عادي بات يخشى على نفسه، على حياته، على عمله وعلى أسرته وأحبابه وأقاربه، وهو عاش مثلهم حياة النزوح والتشرد والتهجير القسري".
منذ بداية الحرب، شجبت منظمة "مراسلون بلا حدود" عجز إسرائيل عن حماية الصحفيين العاملين على الأرض، والذين ليس لديهم ملاذ آمن.
وبينما يعاني الجميع في غزة نقص الوقود والغذاء والماء، فإن الصحافيين في حاجة ماسة إلى الكهرباء لشحن الهواتف والكاميرات وأجهزة الكمبيوتر، وهم يعانون انقطاع الكهرباء المستمر والانقطاع المتكرر للاتصالات.
وقال داغر من منظمة "مراسلون بلا حدود": أنه "من خلال قطع الإنترنت، تمنع السلطات الإسرائيلية الصحافيين من العمل، إنه انتهاك للحق في الحصول على المعلومات".
واضطر الصحافيون إلى اللجوء إلى أساليب مبتكرة لمواصلة العمل، مثل الصعود إلى أسطح المنازل لالتقاط إشارة لإرسال موادهم مع تكرر الانقطاع.
وحثت منظمة "مراسلون بلا حدود" السلطات على فتح أبواب معبر رفح الحدودي مع مصر، حتى يتمكن الصحافيون أخيرًا من الدخول والخروج عبر جانبي الحدود.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها