التحولات الدراماتيكية في المشهد الفلسطيني الإسرائيلي يوم السابع من تشرين أول / أكتوبر الحالي (2023)، وما أحدثه اقتحام أذرع المقاومة الفلسطينية للمستعمرات والكيبوتسات الإسرائيلية في غلاف غزة ولمسافة تصل 40 كيلومتر في عمق دولة الاستعمار الإسرائيلية من تهتك وسقوط البنائين الفوقي والتحتي الإسرائيلي، أدخل المنظومة السياسية والعسكرية والاقتصادية في حالة من الضياع والفوضى، مازالت تترك بصمات قوية ودامغة على قدرة المستويات كافة في التقاط أنفاسها، وأحدث شللاً في التقدير الدقيق للوضع الذاتي والموضوعي الإسرائيلي، وأفقد الكابينت المصغر والحكومة الموسعة على اتخاذ قرار الحرب البرية، رغم الإعلانات المتكررة منذ الساعة الأولى للحدث غير المسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عن شن الحرب البرية، بيد أنه مضى حتى الآن 22 يومًا من سعير الحرب، والذي فتح بوابات جهنم الصهيو أميركية والرأسمالي الغربي على قطاع غزة، ومازالت دورة الدم تستباح على مرآى العالم كله.
ما تقدم سعت واشنطن لاستغلاله في استحضار الحادي عشر من أيلول / سبتمبر 2001 في فرض إرهاب الدولة المنظم على الشعب الفلسطيني وقيادته وعلى النظام الرسمي العربي والاقليم والعالم عموما من خلال استجلاب حاملات الطائرات الأكثر حداثة في العالم وخاصة الحاملة فورد والعديد من البوارج الأميركية والأوروبية الغربية. فضلاً عن إرسال فرنسا لحاملة طائراتها "رعد" لشرق البحر المتوسط، والجسر الجوي لامداد إسرائيل بأسلحة الدمار الشامل الأحدث لتلقي حممها على رؤوس الشعب الفلسطيني في غزة.
ولكن فشلت في تحقيق ذلك بالمعنى الواسع للكلمة، لأن الأقطاب الدولية المنافسة للولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا لم تمر عليهم حملة الترهيب، ولم تأبه بها. كما أن العديد من دول العالم لم تخشَ العصى الغليظة الأميركية الأوروبية، وتعاملت معها برباطة جأش. إلا أن الدول العربية أسقط في يدها، ووقعت فريسة الرهاب والفزع مما قد تحمله تلك الحملة الصليبية الامبريالية على مستقبل أنظمتها، وتعيش حالة من الارباك والتوتر، أفقدها القدرة على استخدام أوراق القوة المتوفرة بيدها لوقف حرب الأرض المحروقة خشية التبعات، التي قد تصيب أنظمتها ودولها من نتائج، وسقطت عمليا في اختبار الدفاع عن نفسها، وعن شعبها الفلسطيني الشقيق. وأكتفت بالموقف السياسي والديبلوماسي الإيجابي فقط.
وعلى أهمية مواقف قيادة منظمة التحرير السياسية والديبلوماسية تجاه الحرب الفاشية، ورفضها الثابت لجرائم الحرب الإسرائيلية الغربية بقيادة واشنطن، ودفاعها الراسخ عن أبناء الشعب في محافظات الجنوب ضمن امكانياتها المتواضعة، إلا أن هناك حاجة ماسة لتطوير عملية التصدي للحرب، وحالة التغول المنفلتة من القانون الدولي الإنساني من خلال الاتي أولا العمل على ترتيب شؤون البيت الفلسطيني بما يعزز عوامل الصمود، ويعمق روح الوحدة الوطنية في أوساط الشعب ثانيًا استنهاض دور منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب، وتفعيل هيئاتها المركزية لتأخذ دورها بما يتناسب مع حجم وهول الحرب الجهنمية على القطاع؛ ثالثًا تطبيق فوري لقرارات المجلسين الوطني والمركزي، التي تنتظر منذ عام 2015 رؤية النور لخلق حالة من التوازن النسبي؛ رابعًا تصعيد المقاومة الشعبية وفق خطة وطنية شاملة في المحافظات والمدن والقرى والمخيمات كافة للجم انفلات إسرائيل وعصاباتها وقطعان مستعمريها وحكومتها الفاشية؛ خامسًا العمل على كسر الحواجز والاغلاقات وتقطيع الجيش الإسرائيلي اوصال المدن والقرى عن بعضها البعض بهدف الاستفراد بكل مدينة وقرية ومخيم، ومواجهة التحديات الإسرائيلية الغربية بإرادة فولاذية. لا سيما وان لدى الشعب تجارب عديدة في الانتفاضات السابقة في كسر هذه السياسات والانتهاكات الاجرامية؛ سادسًا مخاطبة الشعب من قمة الهرم السياسي وبث روح الوحدة والصمود، ورفع الروح المعنوية في أوساط السكان المكلومين من حرب الإبادة المفتوحة في محافظات الوطن عمومًا والمحافظات الجنوبية خصوصًا، حيث يتساءل ابناء الشعب اين انتم مما يجري في القطاع؛ سابعًا التكامل مع أبناء الشعب العربي الفلسطيني في ال48 في التصدي للعنصرية الصهيونية، ورفع سيف الإرهاب والترهيب عنهم، ولجم نزعات الاستفراد بهم، وأيضا تحمل لجنة المتابعة العربية العليا والمجالس القطرية وأعضاء الكنيست الفلسطينيين مسؤولياتها في اتخاذ ما يلزم من خطوات لكسر الرهاب المفروض عليهم؛ ثامنًا ضرورة الدعوة لعقد قمة عربية طارئة لرفع مستوى الدعم العربي الرسمي للشعب الفلسطيني، والالتزام بمحددات واولويات مبادرة السلام العربية، مع ما يعنيه ذلك، من وقف عمليات التطبيع المجانية مع إسرائيل اللقيطة؛ تاسعًا دعوة منظمة التعاون الإسلامي لذات الغاية، ومنظمة ال77 زائد الصين ومنظمة عدم الانحياز والمنظمات الأممية جميعها لرفع سقف دعمها للشعب الفلسطيني الأعزل.
وقف الحرب الاجرامية، وتأمين الحماية الدولية للشعب، وفتح الممرات الإنسانية لايصال المواد التموينية والدوائية والمستلزمات الطبية والوقود، والذهاب للحل السياسي لا يتم بالمناشدات، ولا بالبيانات السياسية، وانما بالعمل الجاد والمثابر، وتكامل الجهود الوطنية في مختلف المحافظات. قدم الشعب خلال ال22 يوما الماضية 105 شهداء في القدس العاصمة الأبدية والمحافظات الشمالية دون ناظم ووحدة المواجهة، الامر الذي يفرض إيجاد صيغ ملائمة لرفد المواجهة مع العدو الصهيو أميركي باطر وطنية جامعة. وهناك الكثير مما يقال في هذا الشأن، فلتتظافر الجهود الوطنية لتعزيز الوحدة الوطنية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها