والآن، الشهداء بالمئات في كل يوم، والجرحى، والمشردون بالآلاف، والبنايات والبيوت ركام، وعشرة مستشفيات إلى الآن، باتت خارج الخدمة، وفي الضفة، رصاص الاحتلال يطارد شبانها بهدف القتل مع حملة اعتقالات تتواصل على نحو محموم ..!! إنها الحرب الشاملة، التي تشنها إسرائيل الاحتلال، والعدوان، والعنصرية، على فلسطين، وقضيتها، وشعبها، من الشمال حتى الجنوب، ومن الشرق حتى الغرب، وبغاية تصفيتها، وقتل كل أمل لها في الحرية، والاستقلال. ومع ذلك، وبرغم وضوح هذه الغاية الجهنمية لدولة الاحتلال، ثمة من لا يزال يهذي من على شاشات فضائيات الفتنة، بالشعارات الشعبوية، وثمة هنا من لا يزال لا يعرف طريقًا للوحدة الوطنية، ويتطرف بهذرمة انفعالية، وعلى نحو كأنه لا يريد سوى الإمساك برقبة الضحية، لقطعها، بعد لومها وتحميلها مسؤولية ما حدث، ويحدث في هذه الحرب الهمجية، فيما رقبة مشعل نيران هذه الحرب، حرة طليقة تتطاول على كل شيء في أرضنا! وفي هذا الإطار هناك – أيضًا- من يسأل: أين هو خطاب السلطة الوطنية، وموقفها في مواجهة هذه الحرب وضدها (...!!) ولا نعرف كيف لسؤال من هذا النوع أن يطرح، والقيادة الفلسطينية، ومنذ اليوم الأول للحرب، أعلنت بموقف الدولة، وسياستها، تنديدها ورفضها لعدوان إسرائيل وحربها، وقالت بحق شعبنا في الدفاع عن نفسه، وذهبت بحراك سياسي، ودبلوماسي، وما زالت في هذا الحراك، وعلى مدار الساعة تمامًا، تسعى لوقف الحرب على نحو فوري، وتأمين دروب المساعدات الإنسانية للقطاع المكلوم وأهله.
ولعلنا، ولأول مرة، نشهد حراكًا مكوكيًّا لسيادة الرئيس أبو مازن، في هذا السياق، من رام الله، إلى عمان، غير مرة، ومن عمان إلى القاهرة، وفي الإطار، عودته الفورية ليلة قصف مستشفى المعمداني، ملغيًا مع أشقائه في المملكلة الأردنية الهاشمية، وجمهورية مصر العربية، قمة كانت معدة مع الرئيس الاميركي جو بايدن، مشكلاً بذلك مع أشقائه، موقفًا حاسمًا ضد الإدارة الأمريكية، لأنها لا تتحدث عن ضرورة وقف هذه الحرب الهمجية.
نعرف أننا تحت الاحتلال، ولسنا أصحاب أي نوع من أنواع الترسانات الحربية، ولا حتى الاقتصادية، نتحرك، ونقاوم، بما نملك من إرادة، وقرار وطني مستقل، وسياسة لا تحيد في استراتيجيتها عن الثوابت الوطنية المبدئية. أجل، تحت الاحتلال لكنّا، وبمقام التحدي وقراره، لا بد من التصرف على نحو سيادي، وبصورة تؤكد للمجتمع الدولي، أن دولة فلسطين في السلوك السياسي حال واقعية، ولا ينقصها غير اندحار الاحتلال عن أرضها لتكون عامل استقرار هذه المنطقة وسلامة أمنها .
بلى، نحن تحت الاحتلال، لكنّا أعلنا الدولة، والدولة ليست مسؤولة عن فصيل بعينه، بل عن الكل الوطني، الموالي، والمعارض معًا، والعكس صحيح حين يكون الكل الوطني منضويًا تحت لواء النظام السياسي للدولة، والأهم فإن الدولة تظل هي المسؤولة عن الشعب برمته، والساعية بما تملك من مقومات، وقدرات، وتحالفات، لتأمين السبل الممكنة لعيشه الحر الكريم، ما يفرض عليها في المحصلة، الخطاب المسؤول، بلا استعراض ولا شعارات. وهذه هي الحقيقة، وهذا هو الواقع، وقرارنا: ولو أنّنا على حجر ذبحنا، لن نقول نعم للاحتلال.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها