ريم سويسي
وُلد علاء الدالي (26 عاما) في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة عام 1997، فجاءت طفولته مع بداية الانتفاضة الثانية (أيلول 2000) ليعيش أول سنوات عمره محاطا بأصوات طائرات الاحتلال وصورايخه ورصاصه واجتياحاته، بالشهداء والجرحى والقصف.
حين أصبح فتى في العاشرة من عمره، تعرض القطاع لحصار لا مثيل له في العالم، حيث أكثر من 2.17 مليون فلسطيني يعيشون في مساحة (365) كيلو مترا مربعا، محاصرون منذ 16 عاما.
منذ صغره، أحب علاء ركوب الدراجات الهوائية، إلى أن أصبح أحد أشهر من يركبونها في القطاع، وحائزا على العديد من الجوائز والميداليات، إذ تُوج "الأول" في مسابقات الدراجات الهوائية في قطاع غزة.
لطالما حلم علاء بالسفر خارج فلسطين، ليرى العالم ويتفاعل معه، ويمارس هوايته في مسابقات عربية ودولية، لكن الحلم تصادم بالمزيد من العقبات التي خلقها الاحتلال لخنق القطاع وشبابه، إلى أن بدأ المشاركة في المسيرات السلمية على الشريط الشرقي بين القطاع وأراضي عام 1948، وفي عام 2018، أصيب علاء برصاصة في ركبته بترت قدمه اليمنى وحلمه أيضا.
"تلقيت دعوة من دولة الجزائر مرتين للمشاركة في تمثيل فلسطين في مسابقة ركوب الدراجات الهوائية، وبسبب الحصار لم أتمكن من الخروج من غزة، وحصلت بعدها على دعوة أخرى من جمهورية مصر العربية للمشاركة في السباق ذاته ولم أستطع للمرة الثالثة الخروج من غزة، وفي المرة الأخيرة، تلقيت دعوة من جاكرتا لتمثيل فلسطين وأيضا لم أتمكن من المغادرة، وهنا نهشني اليأس ووصلت إلى حد فقدان الأمل، فحياتي هي هوايتي". يقول علاء.
قرر علاء المشاركة في المسيرات بدراجته الهوائية ممارسا حلمه على أمل أن يساعده أحد في الخروج من غزة وكأنه في سباق مع المصير، وبعد أن وصل علاء إلى المكان بعشر دقائق، استهدفه قناص إسرائيلي في ركبته، الأمر الذي أدى إلى بتر قدمه اليمنى.
يقول: "عدت مرة أخرى إلى المسيرات بدراجتي الهوائية التي ما زلت أركبها رغم إعاقتي، حاملا ورقة بيضاء مكتوبا عليها: "فقدت قدمي لكنني لم أفقد إرادتي"، وهي رسالة إلى القناص الإسرائيلي الذي استهدفني".
يئس علاء من كل ما يجري، قبل أن يصبح بطل فيلم بعنوان: (حلم مبتور) للمخرج الغزي عامر أبو عمرو (39 عاما من حي الشجاعية شرق مدينة غزة) الذي يحكي قصة إنسانية تختصر فصول المعاناة التي تعيشها غزة.
"حلم مبتور" فاز قبل عدة أيام بجائزة دولية كأفضل فيلم وثائقي قصير خلال مهرجان "Dexbsif" العالمي للأفلام القصيرة الذي أقيم في دولة الإمارات، في مسابقة تنافس فيها 173 فيلما من 21 دولة.
يصور الفيلم قصة علاء الذي عاد بحلمه مبتورا لكنه رغم الإعاقة والحصار استطاع أن يسافر بفيلمه وحلمه وقصته الإنسانية خارج غزة، بل وأن يفوز بجائزة دولية قد تحرك ضمير هذا العالم.
يروي الفيلم كيف أضحى علاء معاقا بقدم مبتورة مكث على إثرها عامين ونصف العام طريح الفراش، لكنه لم يستسلم، بل استطاع أن يحصل على طرف صناعي ويعود مرة أخرى لممارسة هوايته في ركوب الدراجات الهوائية.
يصور الفيلم (على مدار أربع دقائق وعشرين ثانية) ما حدث مع علاء، وفيه يرى المُشاهد علاءً إنسانا عاديا يرتدي بنطالا وحذاءً طبيا، ثم يكتشف المشاهد أن إحدى القدمين طرف صناعي، وسبب الإصابة رصاصة إسرائيلية غادرة بترت حلم علاء في ممارسة هوايته، ورغم ذلك يعود مرة أخرى لممارسة هوايته في تحدٍ لجلاده.
يقول مخرج الفيلم عامر أبو عمرو: "الفيلم هو رسالة إلى العالم أجمع بأن رصاص الاحتلال لا يمكنه أن يقتل الحلم الفلسطيني حتى وإن كان مبتورا تماما كما قدم علاء".
ويضيف: "رأيت في قصة علاء زاوية مختلفة من المعاناة، وددت أن أضعها أمام العالم وكنت أتوقع صدى لهذا الفيلم، فهو صوت غزة الذي يجب أن يسمعه العالم، وكانت فرحتي غامرة ولا توصف حين أخبرني القائمون على المهرجان بفوز الفيلم الذي استغرق تصويره يومين بعد أن حددت فكرة الفيلم وشخصيته الرئيسة".
ويتابع: "قبل أن يكون الفوز إنجازا لي، فهو إنجاز لعلاء الذي وعدته بأن أسافر بحلمه خارج غزة، وأن يمثل فلسطين رغم الإعاقة، وهو أول شخص تواصلت معه بعد إخباري بفوز الفيلم الذي كان مترجما".
ويختم: "على المخرج الغزي مسؤولية كبيرة، لأن قضية غزة الإنسانية التي خلّفها الاحتلال يجب أن تصل إلى كل العالم".
المصدر: وكالة أنباء وفا
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها