ما حدث ويحدث في القدس، ودم أبنائها يعطر باحات الصلاة فيها، دفاعًا عن مكانتها المقدسة، وهويتها الفلسطينية، والعربية، والإنسانية، وهو يتصدى لغطرسة المحتل الإسرائيلي، وعنصريته المتوحشة، نقول ونوضح، ونؤكد أن ما حدث ويحدث في القدس العاصمة، يثبت وعلى نحو لم يعد يقبل أي جدل، ولا أي تأويل، صواب القرار الوطني، بحاضنته الشرعية، والذي قضى بتأجيل الانتخابات التشريعية، ما لم تكن القدس بأهلها في قلب هذه الانتخابات، ترشيحًا، وتصويتًا، ودعاية انتخابية، وبصناديق الاقتراع في بيوتها ودوائرها ومؤسساتها الفلسطينية.
ولعلنا لم نكن سنعرف ماذا علينا أن نقول للمرابطين في باحات الأقصى، وعند باب العامود، وفي حارات الشيخ جراح، وهم يخوضون معركة الدفاع عن القدس، والأرض، والهوية، والمقدسات، لو كانت القيادة الفلسطينية، قد خرجت في اجتماعها الأخير في مقر الرئاسة، بقرار غير قرار التأجيل ...!!!
كيف كان سينظر أهل القدس لهذه الشرعية، وقيادتها، لو قبلت بأمر الواقع الاحتلالي، وإعلان ترامب البغيض وقررت إجراء الانتخابات دون القدس ...؟؟
تخيلوا ماذا كان سيقول المقدسيون لقيادة تخلت عن حقهم في الانتخاب وهم في مدينتهم !! وأي مجلس تشريعي سيحترمون، وقد تنازل عن حق السيادة الفلسطينية في عاصمتها الأبدية!!! وقبل كل ذلك هل كان المقدسيون سينتفضون على هذا النحو البطولي الفذ، لو سلمت القيادة بواقع الأمر الاحتلالي، وقررت إجراء الانتخابات بلا قدس ولا مقدسيين!!! لا نقول إن اليأس والإحباط سينالان من عزيمتهم، وفلسطينيتهم، لكنهم سينتفضون لتصويب القرار والمسار السياسي الفلسطيني، ويعودون به إلى جادة الصواب الوطني.
ما حدث ويحدث في القدس، تأكيد مقدسي حاسم، أن مقاعد التشريعي بلا مقدسيين جاءوا من صناديق الاقتراع المقدسية، لا معنى لها، ولا لزوم. ولنفرض جدلًا أن قرار التأجيل، كان قرارا خاطئًا، فهل سيظل كذلك بعد هذه المعركة التي يخوضها المقدسيون لتثبيت حق فلسطين بعاصمتها، وحقهم في الحياة الحرة في مختلف حقولها، والتعبد والصلاة في مساجدها وكنائسها، والحفاظ على مكانتها السماوية، وتاريخها الحضاري العريق، بثقافته المتنورة بالتقوى، والمحبة، والتسامح، والسلام.
لا جدال بعد الآن عن مكانة القدس في القرار الوطني المستقل، لا جدال أنها أيقونة هذا القرار، وأساسه الراسخ في مشروع التحرر الوطني، وبرامج عمله النضالية، كما أنه أساس السياسة الفلسطينية بقيادتها الشرعية، في حراكها القانوني والدبلوماسي الاشتباكي، ضد الاحتلال، وسياساته العنصرية العنيفة، في مختلف الساحات، والمحافل العربية، والإقليمية، والدولية.
وحدها القدس من يجعل الصراع بالغ الوضوح، بكونه صراع إرادات،لا صراع موازين قوى هي حتى اللحظة مختلة لصالح الاحتلال، وحلفائه، وإرادة شعبنا الفلسطيني التي تشرق اليوم بمزيد من آيات الصمود والتحدي في القدس، وحدها التي ستكون منتصرة، لأنها إرادة الحق والعدل والسلام، وهي لا تنفك تنازل بالهتاف الوطني، وبلا أي تردد، ولا أي وجل، إرهاب الاحتلال وبطشه المسلح، لتبقى الصلاة حاضرة بحرية وأمان في باحاتها المقدسة، ولتبقى شوارعها وحاراتها مالكة لأمرها، ولتبقى فلسطين على موعدها مع القدس عاصمة لدولتها المستقلة.
تحية لفرسان القدس، شيبًا وشبابًا، فتيانًا وأطفالًا، نساءً ورجالًا، وهم يرفعون اليوم راية القدس الحرة ويأكدون سيادتها الفلسطينية، في مختلف شوارعها وحاراتها، وعند بواباتها، وفي باحات الصلاة المقدسة فيها، والحرية لأبطالها المعتقلين، والشفاء العاجل لجرحاها البواسل، ومع القدس تنتصر فلسطين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها