يثبت الإخوان المسلمون في كل يوم يمر على وجودهم في أي سلطة حاكمة في أي بلد أن الحكم بالنسبة لهم شهوة غرائزية لا يستطيعون السيطرة عليها أو التحكم بها، فتراهم يبلغون ذروتها كلما سنحت الظروف لهم لإطلاقها على عواهنها دون رادع أخلاقي أو قيمي أو قانوني، فنكثهم العهود والرجوع بلا مسوغات عن اتفاقيات والانقلاب على سلطة القانون ودساتير البلاد التي منحتهم فرص المشاركة في الحياة السياسية، بات سلوكًا خطيرًا يهدد المجتمعات التي يخترقونها لمهارتهم في استخدام الدين وتجيير المصطلحات والمفاهيم الدينية وتوظيفها لرفع أركان سلطاتهم الدنيوية، كتمهيد للسيطرة على البلاد وخيراتها وثرواتها التي يرونها كغنائم يستولون عليها بحرفية لصوص متمرسين، تحت غطاء القانون الذي يخفون وراءه نواياهم، بعد تخدير محكم للجمهور أثناء ممارسة الشعوب للعبة صناديق الاقتراع في الحياة الديمقراطية. 

لنا بما حدث عندنا في فلسطين وأقطار وبلاد عربية، وما زال يحدث ليس في الدائرتين المحلية والعربية، بل تتوسع في دائرة دولية يسيطر عليها الإخوان المسلمون بمسميات عديدة ومنها البراقة، ومنها المحمول على مصطلحات يظنها المرء عصرية منسجمة مع التقدم الحاصل في الحياة السياسية لكنها في حقيقتها موغلة في الظلام والظلم والجهل والجاهلية والعنف الفكري والجسدي والمادي إلى درجة يعجزون عن إخفائها، لذا تراهم يسارعون إلى الإفصاح عن نواياهم بلسان ساخن ملتهب كألسنة نار أخرجتها من مكامنها في الجمر ريح فجئية لا يمكن سترها أو التستر عليها في عتمة صحراء أو الدروب. 

أشقاؤنا العرب في بلادهم المنكوبة بفايروس الجماعات والأحزاب المستخدمة للدين على رأسهم الإخوان المسلمون يعيشون منذ أكثر من عشر سنوات في حالة انعدام وزن مرفوقة بمزاج سياسي عبثي لا يقيم وزنا إلا لمصلحة الجماعة حتى لو كانت على حساب إطاحة المصالح الوطنية العليا إلى الجحيم، ونعتقد أن أحداث الأيام الماضية قد كشفت للقاصي والداني حجم الدماغ الانقلابي غير القابل للتعايش مع دساتير بلاد عربية كانت إلى ما قبل سيطرتهم على حركة الشارع تحت ستار وشعار الديمقراطية من الدول المستقرة والنامية، فهبطت في عهد سيطرتهم على السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى ما دون المصنفة في قائمة العالم الثالث، بعد تدميرهم مقومات النظم السياسية في تلك البلدان، وتمزيق نسيجها الاجتماعي، وتوالي ضرباتهم على مقدرات وثروات البلاد حتى باتت تعاني من نزيف اقتصادي، يهدد بانهيار أعمدة وركائز الدولة التي يعملون على إضعاف مؤسستها الأمنية لضمان سيطرة أجهزتهم الأمنية السرية وميليشياتهم المتخفية والتي تظهر بكامل شراستها وهمجيتها في لحظات محسوبة بدقة بالنسبة لهم، يسفهون معارضيهم ويهدرون دماء كل من يعمل على إسقاط أقنعتهم وتعريتهم وإظهارهم على حقيقتهم للجمهور حتى لو كان الأمر موضوعيًا وقانونيًا ونظاميًا تحت قبة البرلمان، يمارسون الدكتاتورية تحت جنح الأغلبية النيابية بغض النظر عن نسبتهم ونسبة المصوتين لهم، أما المنافس  السياسي والشريك في الوطن فيصبح خائنا أو ليس ذا شأن وكأنه مجرد علامة سكون على حرف في كلمة لا يقدم ولا يؤخر. 

يذهب الإخوان المسلمون في تفسير نصوص الدستور الذي منحهم حق المواطنة والمشاركة في العملية الديمقراطية كمذهبهم في تفسير النصوص القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والسنة النبوية وتوظيفها في أشنع عملية استخدام للدين الحنيف، فتراهم يعتبرون الدستور مجرد حبر على ورق إذا تضخمت أطماعهم ولم يعد بإمكانهم تمريرها عبر مواده ونصوصه، تمامًا كفتاواهم التي يشددون عليها ويعتبرونها نصوصًا مقدسة إذا خدمتهم، ويستقدمون مقولة الضرورات تبيح المحظورات إن ابتغوا التستر على فسادهم في الأرض. 

يقلب الإخوان المسلمون المحبة والإنسانية في الدين إلى كراهية ووحشية، والسلم  بين أفراد المجتمع إلى عدائية مطلقة، ويستخدمون العملية الديمقراطية كزواج متعة يقضون في وقته القصير جدًا رغبتهم الجامحة ثم يرمون عليها يمين الطلاق.. وإن لم تصدقوا فاسألوا المجروحين النازفين من أشقائكم في مشرق بلاد الوطن العربي ومغربه.