احتاجت المرأة إلى سنوات كثيرة، خاضتها بنضالات صعبة، وعديدة، وإنجازات لافتة، كي تحظى بيوم واحد لها في السنة، يسمى باسمها، ويكون لها دليلاً على اعتراف المجتمع الدولي عبر منظمته الأممية، بقيمتها البناءة والمعمارية إن صح التعبير، وضرورة تحصيلها لحقها في المساواة، مع شريكها الرجل، وقبل هذه السنوات، ومنذ فجر التاريخ البشري، وبعد العصور الحجريّة، ومع بدايات التحضر، بعد اكتشاف الزراعة، والمعادن، سجلت نساء عديدات حضورًا لافتًا في التاريخ، كملكات، وأديبات وعالمات، وفارسات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، زنوبيا ملكة تدمر، وبلقيس ملكة سبأ، وزبيدة بنت جعفر زوجة الخليفة هارون الرشيد التي عرفت بحكمتها وكياستها، وخولة بنت الأزور الفارسة والشاعرة من قبيلة أسد، وتماضر السلمية الشهيرة بالخنساء، ونسيبة بنت كعب الأنصارية الصحابية التي قاتلت إلى جنب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في العديد من غزواته، كما شاركت في حروب الردة، مقاتلة وممرضة، وفاطمة الفهرية القرشية التي يقول التاريخ عنها إن إشعاعها العلمي وصل إلى أوروبا في القرون الوسطى، وهي التي أسست مع شقيقتها مريم جامعة القرويين في المغرب، التي تعد أول جامعة في العالم، ولن ننسى بالطبع "ماري كوري" أول امرأة تحصل على جائزة نوبل في العلوم، كما لا يمكن أن ننسى سميرة موسى، عالمة الذرة المصرية، ولا عنبرة الخالدي، ذات الحضور الاجتماعي والثقافي الباذخ في لبنان، ولا المصرية لطيفة النادي، أول قائدة طائرة عربية وأفريقية في العالم، ولا هدى شعراوي رائدة الحركة النسوية في مصر، ولا زها حديد العراقية، أيقونة الهندسة المعمارية، ولا نازك الملائكة رائدة الشعر الحديث، وعشرات الأسماء التي يصعب حصرها هنا.
أما نساء فلسطين الرائدات فلهن السبق في العديد من حقول الإبداع والنضال، والتربية الوطنية، وهي التي وصفها إعلان الاستقلال بأنها حارسة بقائنا، وهذه بعض من أسماء القائمة الأيقونية للنساء الفلسطينيات الرائدات: أسمى طوبي، حلوة جقمان، انتصار الوزير، جميلة صيدم، ربيحة ذياب، زليخة الشهابي، زكية شموط، سلوى أبو خضرا، سلافة حجاوي، سميرة محمد أبو غزالة، سميرة عزام، سميحة خليل، سلافة جاد الله، شادية أبو غزالة، فدوى طوقان، طرب سليم عبد الهادي، فاطمة موسى البديري، لواحظ عوني عبد الهادي، كريمة عبود، مهيبة نهاد خورشيد، مها أبو دية، مريم جريس بواردي، سلطانة دانيل غطاس، هند الحسيني، يسرى إبراهيم البربري، ساذج نصار.
ولا حصر في هذه القائمة التي ستبقى تطول، وهناك العشرات من الأسماء التي يصعب حصرها هنا أيضًا، إذ أن المرأة الفلسطينية بحضورها الإبداعي في مختلف حقول الحياة والنضال الوطني والاجتماعي، ستظل تثري هذه القائمة، وتزينها بالأسماء التي لا تنسى، أسماء الحارسات كجداتهن الكنعانيات، والسليلات كبنات بني عبد مناف، وباختصار هذه قائمة لن تغلق، وفلسطين ولادة نساء رائدات حارسات، ورجال فرسان.
ويبقى أن يوم المرأة العالمي، سيظل فلسطينيًا بامتياز، لأن نساء فلسطين هن النساء اللواتي يؤكدن مع كل صبيحة بصبرهن وصمودهن، وتحديهن لبطش الاحتلال الإسرائيلي، يؤكدن حقيقة قيمة المرأة، ودورها حارسة لجذوة الحياة، وينابيع تنورها، كي تمضي الحياة في دروب الحرية والعدل والكرامة والسلام. مثلما يؤكدن جماليات المرأة في عطائها الحميم، فهن كمثل الماء الذي ذكر في القرآن الكريم بأنه "قد التقى على أمر قد قُدِرَ".
خالص التحية، والمحبة، والاحترام، للمرأة الفلسطينية، ولكل امرأة على امتداد هذه البسيطة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها