توقف المراقبون عند الحراك السياسي الذي يسجل داخل مخيم عين الحلوة، والذي تعبر القوى الفلسطينية في المخيم من خلاله عن رفضها للتضخيم الإعلامي لبعض الحالات الأمنية في المخيم عبر ربطها بأحداث أمنية كبرى شهدها لبنان او بتنظيمات إرهابية عالمية.

الرفض الفلسطيني لهذا التضخيم الاعلامي ترافق أيضاً مع حراك سياسي لبناني باتجاه المخيم، تضامناً معه ولدعم جهود القيادة السياسية الموحدة للمخيم في تحصين ساحته وحرصها على توحيد وجهة بوصلته نحو فلسطين.

وبحسب اوساط فلسطينية متابعة فإن القوى الفلسطينية في المخيم تبدي قلقاً حيال هذا الضخ السياسي والإعلامي من بعض الجهات ضد المخيم، وتتخوف من أن يكون ذلك مقدمة لشيء ما يحضر للمخيم.

وتستغرب هذه الأوساط التركيز الإعلامي على الفلسطيني توفيق طه وتضخيم حالته وتقديمه كخليفة مفترض لزعيم كتائب عبد الله عزام ماجد الماجد الذي فارق الحياة بعد أيام على اعتقاله من قبل السلطات اللبنانية.

إعادة تسليط الضوء على عين الحلوة كانت بدأت بعد تفجيري السفارة الايرانية في بيروت، اللذين نفذهما انتحاريان أحدهما فلسطيني، وما اعقب ذلك من ترويج لمعلومات عن لجوء فلسطيني آخر هو بهاء حجير تردد انه متورط في هذين التفجيرين الى عين الحلوة، ثم تصاعدت وتيرة التركيز الإعلامي على المخيم مع بعض الأحداث الأمنية والاغتيالات التي شهدها، مروراً بحادثتي الاعتداء على الجيش اللبناني في الأولي ومجدليون وما أعلن عن أن أحد أفراد المجموعة المهاجمة فلسطيني من عين الحلوة هو بهاء السيد، وانتهاء بإلقاء القبض على ماجد الماجد وما رافق ذلك من ضخ لمعلومات لم يتم اثبات صحتها عن ان الماجد كان في عين الحلوة وان توفيق طه كان على علاقة به وقد يخلفه على رأس كتائب عبد الله عزام التابعة للقاعدة.

حالات أمنية.. ومطلوبون

وترى مصادر فلسطينية مطلعة في هذا السياق انه اذا كانت القوى الفلسطينية في عين الحلوة مجتمعة ترفض هذه الحملات على المخيم، فإن سبب تلقي القوى الاسلامية القسم الأكبر من هذا الضغط السياسي والإعلامي هو كون معظم المطلوبين من قبل الدولة في قضايا أمنية موجودون في مناطق خاضعة لنفوذ الاسلاميين.. وأن هذه القوى وتحديداً الحركة الاسلامية المجاهدة وعصبة الانصار وحماس والجهاد أبدت أكثر من مرة ولا تزال مسؤولية عالية في الحرص على أمن المخيم والجوار من خلال مسارعتها الى ضبط الوضع بعد أي حادث أمني في المخيم، وفي تأكيدها تحييد العامل الفلسطيني عن اي تجاذبات لبنانية داخلية، والأمر نفسه ينطبق على باقي الفصائل والقوى الفلسطينية وبطبيعة الحال "فتح".

ولكن بحسب هذه المصادر، فإن القوى الاسلامية في المخيم تتعاطى مع موضوع تسليم أي من المطلوبين في المخيم بكثير من الحذر، ليس لأنها لا تريد التعاون في هذا السياق، ولكن لعدم قدرتها على ذلك من جهة وتخوفها من ان يؤدي تسليم المطلوبين الى توريط أكبر للمخيم من جهة ثانية. ولسان حال هذه القوى - وفق المصادر نفسها - ان مداخل المخيم من كافة جهاته وكذلك اسواره خاضعة لنفوذ السلطات اللبنانية ومن حقها منع دخول أو خروج أي مطلوب وتوقيفه لكن مسألة ملاحقة وتسليم المطلوبين داخل المخيم من قبل القوى الفلسطينية فيه دونها تعقيدات ومخاطر قد تجره الى اقتتال فلسطيني داخلي سينعكس بالتالي على الجوار اللبناني خاصة والجميع يعرف ان في المخيم ما فيه من المجموعات التي قد تدار من الخارج وتتقاطع بها ملفات داخلية ولبنانية واقليمية.

والحل بحسب المصادر عينها، راهناً، ضبط هذه الظواهر ومعالجتها بهدوء حتى تصبح الظروف مؤاتية لاجماع فلسطيني على نبذها وإبعادها عن المخيم.

في المقابل تستعجل السلطات اللبنانية تسليم المطلوبين في المخيم حتى لا تفاجأ في أي وقت بعمل أمني مصدره هذه المجموعات او افراد منها... وهو ما بدا واضحاً من الرسالة التي كانت وجهتها الدولة اللبنانية عبر مخابرات الجيش في الجنوب الى وفد لجنة المتابعة الفلسطينية نهاية العام المنصرم بضرورة تسليم مطلوبين بارزين الى الدولة اللبنانية من بينهم طه وهيثم الشعبي وبهاء حجير، وتوجيه هذه الرسالة مباشرة الى القوى الاسلامية عبر ممثليها في اللجنة ممن كانوا في عداد الوفد.

زيارات استطلاعية وتضامنية

حملت بداية السنة اهتماماً سياسياً وإعلامياً بالمخيم، وزيارات لبعض القوى السياسية الفلسطينية واللبنانية اليه، إما استطلاعاً وإما تضامناً, بدأت بزيارة وفد من تحالف القوى الفلسطينية ولقائه القوى الاسلامية في المخيم. ثم زيارة وفد من هيئة علماء المسلمين ولقائه هذه القوى أيضاً، وتوجت امس الأربعاء بزيارة وفد الجماعة الاسلامية الذي تقدمه مسؤولها السياسي في الجنوب الدكتور بسام حمود وضم عضوي اللجنة السياسية محمد الزعتري واحمد الحبال والتقى على التوالي كلاً من قيادة حركة حماس وجبهة التحرير الفلسطينية وحركة فتح والقوى الاسلامية وجرى التأكيد على التزام الفلسطينيين سياسة النأي بالنفس عن التجاذبات اللبنانية الداخلية وعدم الانجرار وراء أي فتنة تحاك من أي طرف كان...

حمود

قال حمود: "نحن هنا اليوم لنرفع الصوت في وجه كل المؤامرات التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني وفي وجه الحملة الاعلامية الظالمة التي توجه الى مخيم عين الحلوة بغية تصويره بؤرة امنية تخرج كل خارج عن القانون. ونحن ندرك الدور الكبير الذي تؤديه كل الفصائل الفلسطينية خاصة في هذا المخيم على مستوى النأي بالنفس عن ما يحصل في لبنان وعن السياسة اللبنانية والخلافات اللبنانية وفي نفس الوقت الجهد الكبير الذي يبذل من اجل ضبط الامن والاستقرار في مخيم عين الحلوة وقد استطاعوا بفضل تكاتف كل القوى الفلسطينية وحرصها على هذا الامن والاستقرار تحقيق نتائج كبيرة وملموسة في ظل الاوضاع وفي ظل حالة اللاستقرار التي يعيشها لبنان بشكل عام، وفي ظل التداعيات الاقليمية التي تلقي بثقلها على الساحة اللبنانية ومن ضمنها المخيمات الفلسطينية... إننا نعتبر أن مخيم عين الحلوة هو جزء أساسي من صيدا بالمقابل لا يتحمل المخيم مسؤولية اي حدث امني حتى لو قام به فرد من داخل المخيم... هناك تعاون ما بين القيادة الفلسطينية المجتمعة في المخيم ومع الجيش الللبناني ونحن نثني على هذا التعاون لما يعود بالمصلحة على أهالي المخيم وعلى منطقة صيدا كما نتمنى على قيادة الجيش اللبناني أن تتعامل مع المخيم بما يعطي للشعب الفلسطيني حقه ولا يشعر بانه يتم التعامل معه بطريقة عنصرية أو أن يحاسب ويؤخذ الجميع بسبب البعض... نحن ندرك ان قيادة الجيش في منطقة الجنوب حريصة على التعاون مع كل القوى اللبنانية والفلسطينية ولكننا أيضاً حريصون على أن لا يقع اي ظلم على اي انسان تحت اي عنوان كان أمنياً كان أم سياسياً أم إعلامياً".

شبايطة

قال امين سر منطقة صيدا لحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية العميد ماهر شبايطة: "هذا التواصل اللبناني - الفلسطيني هو الذي يحطم كافة المؤامرات التي تستهدف هذا المخيم الذي يحاول البعض تحويله من مخيم عاصمة حق العودة ومخيم فدائيين الى مخيم إرهابيين، فنقول إن هذه الزيارة تؤكد أن هذا المخيم مخيم الفدائيين والمناضلين ومخيم الشهداء وسيبقى عنواناً لحق العودة وهذا الائتلاف بين كل القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية وبينها وبين القوى اللبنانية في هذه المنطقة هو الذي يفشل كافة المخططات التي يحاول البعض تمريرها داخل المخيم... ونقول لبعض الاعلاميين كفى بالزج بهذا المخيم".

اليوسف

قال عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية صلاح اليوسف: "هناك هجمة اعلامية ضد المخيمات الفلسطينية والعين اليوم على عين الحلوة بما يمثل من رمزية سياسية كونه مركزاً للقرارالوطني الفلسطيني وعاصمة للجوء والشتات الفلسطيني. في المقابل هناك اجماع شعبي فلسطيني من كل ألوان الطيف السياسي الوطني والاسلامي على عدم التدخل بالشؤون الداخلية اللبنانية وعدم الانجرار وراء اي فتنة تحاك من اي طرف كان، واليوم نؤكد ان مخيماتنا الفلسطينية أكثر أمناً وأماناً من اي وقت مضى وخاصة مخيم عين الحلوة نتيجة التوافق الفلسطيني والاجماع الفلسطيني ونتيجة الحكماء والعقلاء في هذا المخيم, وهناك مبادرات شعبية ولقاء شبابي وكل الفصائل الفلسطينية تعمل على تحصين أمن المخيم والجوار اللبناني".

القيادة السياسية الفلسطينية

عقدت القيادة السياسية للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في منطقة صيدا لقاء في قاعة مسجد خالد بن الوليد في مخيم عين الحلوة خصص للتداول في المستجدات وانعكاسها على المخيم والوجود الفلسطيني واصدرت في ختامه بياناً اكدت فيه: "ادانة جميع التفجيرات التي حصلت على الاراضي اللبنانية والتي لا تخدم سوى العدو الصهويني، الحرص على أمن وسلامة المخيمات واستقرارها ودعم لجنة المتابعة المنبثقة عن كافة القوى الفلسطينية، ادانة بعض وسائل الإعلام التي تحاول جاهدة زج الوضع الفلسطيني في اي عمل مخل للأمن في لبنان والتأكيد على الحرص على أمن لبنان واستقراره، رفض استعمال المخيمات الفلسطينية كساحات تصفية حساب لبعض القوى المتصارعة على الساحة اللبنانية والتأكيد على الانتماء الوطني للقضية المركزية فلسطين، وأخيراً دعم الحل السياسي لأزمة مخيم اليرموك وفق المبادرة الموقعة من كافة الاطراف الفلسطينية والعمل على إعادة أهله النازحين بعد تطبيق بنود المبادرة".