ينتمون إلى بلادهم ومواطنهم الأصلية، ونقصد اليهود المواطنين في أقطار عربية مشرقية ومغربية، غررت بهم الوكالة اليهودية منذ العام 1920 واستهدفتهم بعمليات إجرامية منظمة بالتعاون مع حكومات نشأت تحت سلطات انتداب دول عظمى على الدول العربية في تلك العقود التي شهدت بدايات رفع ركائز المشروع الصهيوني (إنشاء إسرائيل) ككيان استيطاني احتلالي في ظل الدولة الاستعمارية بريطانيا تجميع يهود العالم رغم الخلاف الحاد في ثقافاتهم وأنماط تفكيرهم وأعراقهم.
يعتبر اليهودي العربي لاجئًا في دولة منظومة الاحتلال (إسرائيل) ذلك إنهم قد أُجبروا على الهجرة ومغادرة بلادهم تحت وطأة عمليات تفجيرية إجرامية وحملات عدائية مركزة نظمتها الحركة الصهيونية كي تنبذهم مجتمعاتهم الأصلية في العراق، اليمن، مصر، المغرب، وسوريا وتونس، فتلقفتهم الوكالة اليهودية كأحسن ذخيرة بشرية كانوا ينتظرونها مع بداية الإنشاء المتدرج لِكيان إسرائيل.
نحتاج كدول عربية وحكومات يملك قادتها رؤية بعيدة المدى للصراع الفلسطيني العربي الصهيوني، نحتاج إلى عمل كل ما أمكن لتبديد مخاوف ضحايا الحركة الصهيونية الاستعمارية العنصرية على كافة الصعد، القانونية، الثقافية، الاجتماعية بحيث تبدو طرق العودة أمام اليهودي العربي مفتوحة وآمنة، تحت سيادة مبدأ المساواة والعدل بين كل مواطني الدولة، وسواسية الجميع أمام القانون دون تمييز على أساس الدين.
يحق للمواطنين اليهود العرب العائدين إلى بلدانهم الأصلية، والعيش في مدنهم والاندماج في مجتمعات آبائهم وأجدادهم، ويحق لمجتمعات دول عربية تناضل لتكريس نظام الدولة الديمقراطية أن تلتمس طهارة ضحايا الصهيونية مما علق بهم من مفاهيم عدائية وعنصرية خلال حوالي مئة عام مورس عليهم التضليل الثقافي والسياسي حتى باتوا كمنقطعين من شجرة الإنسانية، وهذا امتحان مزدوج يتوجب على مواطني الدولة العربية الديمقراطية والعائدين إلى مواطنتهم الأصلية الفوز به بامتياز.
وضع ملف اليهود العرب للنقاش والبحث لأول مرة على جدول أعمال الأمم المتحدة، قبل نحو ثمانية سنوات (ملف "اليهود العرب اللاجئون" أو "اليهود العرب المطرودون") باعتبار أنهم مواطنون في دول عربية كانت قائمة بِكل عناصر ومقومات الدولة بمعايير القانون الدولي قبل إعلان تخليق دولة إسرائيل، وتعترف الأمم المتحدة بـ850 ألف عربي يهودي قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي حينها داني أيالون: إنهم لجأوا إلى إسرائيل منذ حوالي 65 عامًا مع الزيادة الطبيعية التي طرأت على هذا الرقم، فهذا يعني أنَّ أكثر من 50% من سكان إسرائيل "اليهود" هم في الأصل "عرب يحملون جنسيات دول عربية مشرقية ومغربية "لجأوا" إلى إسرائيل" وليسوا مواطنين أصليين كما يروج أرباب المشروع الصهيوني!
من هنا يمكننا الانطلاق عبر تمسك الدول العربية بعدم منح تعويضات كما تطالب منظومة الاحتلال لهؤلاء الضحايا إلا بعد عودتهم إلى مواطنهم الأصلية باعتبار أن أبواب بلدانهم مفتوحة لعودتهم واندماجهم من جديد، "العرب اليهود"  أو "اليهود العرب" ضحايا المشروع الصهيوني الصدامي مع مشاريع التحرر والاستقلال الوطنية العربية، كما أن العرب المسلمين هم ضحايا مشاريع الجماعات "الإسلاموية" الصدامية مع الثقافات الإنسانية، فالعرب اليهود تعرضوا لعملية خداع كبرى وظلم مبرمج، وغسيل دماغ في زمن إعادة تكوين دول المنطقة العربية، ورسم خرائط الأكثرية والأقلية على أُسس دينية وطائفية، حيث ساعد واقع التخلف الثقافي، والجهل الديني أواخر أيام الدولة العثمانية، نتج عنه تشدد وتطرف، ورعب في قلوب اتباع الديانات، فكانت رواية الحركة الصهيونية بمثابة المخلص لهم، ليكتشفوا فيما بعد أنهم استجاروا بالرمضاء من النار، فأحفادهم ما زالوا يزجون بميادين الحروب والصراع مع العرب الفلسطينيين أصحاب أرض فلسطين الأصليين، ليس هذا وحسب، بل مع اليهود العرب المواطنين الفلسطينيين الذين أدركوا مخاطر وإبعاد "التهجير القسري" للعرب اليهود من أوطانهم الأصلية.
قد تكون المعلومات الموجودة في خزائن المؤسسات الأمنية العربية عن عمليات تفجيرية عنفية دموية نظمتها الحركة الصهيونية بالتواطؤ مع أنظمة ذلك الوقت استهدفت يهود العراق ومصر والشام سببًا في انقلاب "طبخة إسرائيل" الحالية في الأمم المتحدة، ولعلها فرصة ليعرف المجتمع الدولي أي إرهاب فكري ومادي صهيوني قد مورس على العرب اليهود في ظل هيمنة بريطانيا العظمى وفرنسا الاستعمارية وإيطاليا الفاشية وألمانيا النازية، لانضاج طبخة "دولة يهودية" تسمى إسرائيل التي بدأت بوعد بلفور 1917 ليصبح بعد ثلاثين سنة بعد أن تمت تهيئة الذخيرة البشرية اللازمة من العرب والأوروبيين اليهود.
تتحمل الحركة الصهيونية المسؤولية عن مصائر مئات آلاف اليهود العرب، فالوكالة اليهودية لم توفر سبيلاً في الإغراء والإرهاب على حد سواء لدفعهم إلى قرار الهجرة من أوطانهم الأصلية، إلا ونفذته، مستغلة عوامل نفسية، ومشاعر عاطفية، وموجات عداء مدفوعة، و"الفرز السلطوي" الذي كان سائدًا على أُسس دينية وطائفية، أواخر أيام الدولة العثمانية.
تتحمل الأمم المتحدة والشرعية الدولية مسؤولية إرجاع كل مواطن إلى موطنه الأصلي، فيعود الفلسطيني اللاجئ الذي كان اسمه "الفلسطيني" وما زال وسيبقى فلسطينيًا، ويرجع المواطن العراقي أو المغربي اليهودي إلى العراق والمغرب كمثال مع الفارق أن الفلسطيني تم تهجيره من أرضه ونفي وجوده الوطني أصلاً، فيما اليهودي العربي كان ضحية انتمائه الديني فقط.
نشفق على العربي اليهودي.. لكن الظلم عينه المرفوض في كل الشرائع السماوية والفلسفات والقوانين الدولية أن يُطرد الفلسطيني ويُهجر، ليحتل بيته وأرضه وموطنه لاجئ وصل من وطن آخر، وهذا ما يجب أن يعلمه ضحايا الصهيونية من اليهود العرب أولاً، وسيبدأ الحل لقضيتنا وقضيتهم عندما يدركون وجوب عودتهم إلى أوطانهم، وأنهم بذلك يفتحون عيون العالم، ويعززون وعيه بحق الشعب الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين، وبحق اللاجئ الفلسطيني في العودة إلى وطنه أرض آبائه وأجداده منذ فجر التاريخ فلسطين.
هذا سبيل اليهود العرب للخلاص والتحرر من قيود حديدية، رُبطَت مصائرهم بآلة القوى الاستعمارية في المنطقة التي يحتاج أتونها الوقود من أبناء آدم ينتمون لكل الأديان والأعراق والأجناس.