صدرت رواية "القبر رقم 49" للكاتب عاطف أبو سيف عن الدار الأهلية في عمان، وهي الرواية العاشرة للكاتب.
وتدور أحداث الرواية في غزة خلال حرب الإبادة التي يشنها العدو على الفلسطينيين هناك منذ 18 شهرا.
تبدأ الرواية بموت "حليمة" جدة الرواي في الخيمة غرب رفح بعد أن اضطرتها الحرب وتدمير منزلها في جباليا إلى النزوح جنوبا.
وفي مفارقة فإن حليمة التي وُلدت في يافا عام 1940 ولجأت من هناك إلى شمال غزة، عاشت طفولتها أيضاً في خيمة، لتموت في أخرى بعد 76 عاماً.
وفيما تأخذ الرواية القارئ في رحلة عميقة عبر بحر الماضي للاقتراب من حياة حليمة منذ طفولتها في يافا، وصولا إلى تفاصيل حياتها بعد اللجوء في غزة في مقاربة للتاريخ الفلسطيني الحديث ولسيرة الشتات والوجع الفلسطينيين، فإنها تعرض في الفصلين اللاحقين لحياة الناس في غزة خلال العقود الماضية، وصولا إلى الحظة الراهنة، 13 شخصا من جيران حليمة يحملون نعشها بحثاً عن قبر يدفنونها فيه.
وخلال مسيرة البحث عن القبر، تقدم الرواية مونولجا وحوارا داخليا لكل شخصية في استعراض وتحليل لنماذج مختلفة من المجتمع الفلسطيني في غزة خلال الحرب، فمن الحفيد الذي لم يبق من العائلة إلا هو بعد استشهاد كل العائلة ومن ثم موت جدته، إلى صديقة حليمة التي عاشت طفلة في المجدل ثم لجأت إلى غزة، ومن تاجر المساعدات إلى بائع الفاكهة الأشهر في المخيم ومن الشيخ إلى أستاذ الجامعة ومن الشابة التي تركت زوجها في الشمال، إلى الطالبة الجامعية والشابة ممطوطة الطول والمرأة وكنتها التي تنتظر زوجها أن يعود، ومن صاحبة الفرن إلى بائع التحف والأنتيكا.
نماذج مختلفة تقدم التناقض والصراع داخل المجتمع كما تقدم الأسئلة البسيطة التي تعكس عمق السؤال الأكبر حول المصير والمآلات والمستقبل والهوية والشخص والجماعة.
يواصل عاطف أبو سيف في هذه الرواية مشروعه الروائي الذي يحفر في التاريخ الحديث للشعب الفلسطيني منذ نهايات القرن التاسع عشر، مع توقف قلق ومربك أمام أحداث النكبة، وصولا إلى التحولات والتغيرات في بنية المجتمع والأفراد في العقود الأخيرة خاصة في المنطقة الساحلية التي تشكل يافا وغزة حدود جغرافية شخوصها.
تقع الرواية في 309 صفحات من القطع المتوسط، ولوحة الغلاف للفنان الفلسطيني وديع خالد.
وصدر لعاطف أبو سيف قبل ذلك تسع روايات، حظيت باهتمام نقدي واسع منها: "حياة معلقة" التي ترشحت للقائمة القصيرة لجائزة الرواية العربية (البوكر) عام 2015، و"الحاجة لكريستينا" التي ترشحت للقائمة الطويلة من الجائزة نفسها في عام 2016، و"قارب من يافا" التي فازت بجائزة كتارا عن فئة روايات الفتيان.
كما صدرت له ثلاث مجموعات قصصية آخرها "قصص من زمن درويش اليافاوي"، بجانب مجموعة من الكتب في العلوم السياسية والعلاقات الدولية منها: "علاقات إسرائيل الدولية" و"أوروبا والبحث عن دور: الاتحاد الأوروبي في القرن الحادي والعشرين". مؤخرا صدر لعاطف أبو سيف أيضا كتابان بعنوان: "استعاذات مقلقة: يوميات غزة، مائة كاتب وفنان من غزة يكتبون عن الحرب".
عمل عاطف أبو سيف وزيرا للثقافة خلال الأعوام 2019-2024، ويعمل الآن باحثاً زائراً في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا بإيطاليا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها