مع جائحة "الكورونا" لا وضع أي مكان في هذا العالم يشبه الوضع الراهن في قطاع غزة، ولا وصف قادر أن يحيط بمعاناة أهلنا هناك، حتى وصف المكلوم الذي نقول دائمًا . وبِصفة عامة، حكاية الوضع في القطاع منذ أن استولت حماس على سدة الحكم بانقلاب عسكري عنيف على الشرعية، هي حكاية الجرح المفتوح، بنزف لا يتوقف حتى اللحظة، تضور على مختلف الأصعدة والمستويات، الاقتصادية، والأمنية، والإنسانية بأبسط تفاصيلها. عنف وقمع وضرائب تعسفية، وسجون ملأى، وتفاهمات مذلة مع دولة الاحتلال، لصالح دوام الانقسام البغيض، والتي لا تقود لغير خدمة "صفقة القرن" الترامبية التي لا تريد لِفلسطين وشعبها أي مستقبل حر وكريم!!!
ومع جائحة "الكورونا" تتضح حكاية الجرح المفتوح أكثر وأكثر، وحيث تعاملت حماس، وما زالت تتعامل مع هذه الجائحة، وفق ما يعرف عنها الناس بالتخبط والجهل والفوضى، رفضت الامتثال لحالة الطوارئ التي قررها الرئيس أبو مازن، وفقط من باب المناكفة السياسية، التي يبدو انها وفي هذا الاطار، أهم عندها من صحة الناس وعافياتهم!! أو لعل حماس – وسنفترض ذلك لجهة حسن النوايا- لم تصدق أن هناك جائحة، فرأت أنه لا ضرورة لحالة الطوارئ!! غير أنها حينما سمعت العالم يضج بأخبار الكورونا، وحينما باتت هناك إصابات بهذا الفيروس في القطاع، توالت إجراءاتها لمواجهة الجائحة، على نحو انفعالي، وبتخبط واضح، وبحجر صحي خلا من أيّة معايير صحية، بِشهادة من كانوا في هذا الحجر، وبعضهم ما زال فيه يعاني لا من الحجر ذاته، بل من إدارته الحمساوية التي لم تكن غير إدارة الزجر والعنف والتنمر !! الأدهى من ذلك وبدل أن تنحي حماس مناكفاتها السياسية مع السلطة الوطنية جانبًا، وتمد لها يد العمل المشترك لمواجهة الجائحة، ذهبت إلى جيش الاحتلال ليعينها بفحوصات مخبرية، وأرسلت أطباء من قطاع غزة إلى المشافي الإسرائيلية، قالت إنهم ليتدربوا فيها!! على سبل مواجهة جائحة "الكورونا" في تفاهم جديد مع الاحتلال لايقود لِغير التطبيع المذل!!
التقارير الواردة من قطاع غزة المكلوم، توجع القلب لِشدة قتامتها، وهي تنقل لنا صورًا معتمة للحياة هناك، والتي تخلفها سياسات حماس الأمنية والاقتصادية والصحية، ونقول الصحية مجازًا بعد أن سمحت سلطة حماس للمطاعم أن تفتح، وللتجمعات أن تكون، برغم أن جائحة "كورونا" ما زالت قائمة، وخطرها ما زال ماثلاً، طبقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية التي حذرت من تخفيف قيود الحجر وإجراءات الوقاية. إلى أين قطاع غزة مع حركة حماس وسياستها هذه التي لا تحدث بغير الوجع والتفكك، ولا تنذر بغير الخراب!! وإلى متى يظل ذلك ممكنًا، والتضور بات في أعلى درجاته، فالزاد بكل أنواعه قليل، وقليل جدًا، ولا نريد لهذا الوضع في هذه الطريق الموحشة أن يطول، وسلام الله على الإمام علي بن أبي طالب فهو الذي قال : آهٍ من قلة الزاد ووحشة الطريق .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها