يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني هو يوم أقرته وقررته الأمم المتحدة للتذكير بقرارها رقم 181 الذي اتخذته في التاسع والعشرين من تشرين الثاني، عام 1947 من القرن الماضي، كأول حل لها للقضية الفلسطينية، والذي بموجبه قسمت فلسطين إلى ثلاثة كيانات جديدة (!!) دولة عربية، وأخرى يهودية، وثالثة القدس وبيت لحم تحت وصاية دولية!!
والتذكير بهذا القرار أرادته الأمم المتحدة، تذكيرا بالحل الممكن للقضية الفلسطينية وتأكيدا عليه، لأجل تحريك عربة الحل الممكن، في إطار مفاوضات سلام، تحت قبة الشرعية الدولية، واستنادا إلى قراراتها، وهذا ما يستدعي تضامنا عالميا مع الشعب الفلسطيني، وبهذه الرؤية، وهذا الموقف، ولهذه الغاية، أقرت الأمم المتحدة عام سبعة وسبعين من القرن الماضي، أن يكون يوم التاسع والعشرين من تشرين الثاني كل عام، يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وبرغم أهمية الاحتفال الدولي، بهذا اليوم، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، ومكاتبها في جنيف وفيينا، بوصف هذا الاحتفال تمسكا بقرارات الشرعية الدولية فيما يخص فلسطين وقضيتها، إلا أن هذا الاحتفال وبعد اثنين وأربعين عاما تمر عليه اليوم، لم يعد كافيا لتضامن فعال مع الشعب الفلسطيني، خاصة وأن محاولات تصفية قضيته الوطنية، تتوحش اليوم بسياسات الإدارة الأميركية الراهنة، الصهيونية بغطرسة لافتة، وتنمر قبيح، فيما إسرائيل اليمين العنصري المتطرف لا تكف عن سياسات القتل والقمع والاضطهاد والاستيطان الاستعماري، ضد فلسطين وأرضها، وضد أبناء شعبها وأهلها، حتى الذين يحملون هويتها الزرقاء بعد أن أبرمت عهدها مع أكثر الأفكار العنصرية تطرفا وتخلفا، حين سنت "قانون القومية" الذي يحيل اليهودية من دين سماوي، إلى حزب وهوية قومية، ولمنتسبي هذا الحزب وحاملي هذه الهوية فقط حقوق المواطنة جميعها، وما عداهم ليسوا غير سكان من الدرجات المنحطة، وفي أحسن الأحوال ضيوف غير مرحب بهم دائما ويمكن طردهم في أي وقت كان!!
التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يحتاج اليوم أن نخلط مع الاحتفال الدولي، شيئا من الحراك السياسي الدولي، نحو تفعيل قرارات الشرعية الدولية، الضامنة لتحقيق الحل العادل للقضية الفلسطينية، خطابات وبيانات التضامن، شيء جميل وضروري، لكن وهذه الخطابات والبيانات كمثل دعاء المحتاج إلى الشفاء من مرض مزمن، دون ان يلجأ إلى الدواء، ستظل دون الفعالية المرجوة القادرة على تحقيق الشفاء المطلوب، وعلى رأي الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صادف أعرابيا يدعو ربه أن يشفي ناقته من الجرب، فقال له الخليفة العادل ضع قليلا من القطران مع الدعاء يا هذا.
والمعنى في المحصلة أن الحلول الشافية لا يمكن أن تهبط وحدها من السموات العلى دون فعل بشري يساند الدعاء بالعمل، وهذا ما تفعله فلسطين، وشعبها بصموده وتضحياته العظيمة، وبقيادتها الشرعية الحكيمة والشجاعة التي لا تكف عن العمل في كل اتجاه مع كل دعاء لها، وهي أشد إيمانا أن الله لا يخيب رجاء المؤمنين ولا يرد لهم دعاء وقد قال في كتابه العزيز "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإنّ الله على نصرهم لقدير" صدق الله العظيم.
قليل من القطران إذن مع الدعاء، وموقف فلسطين اليوم من قرارات الشرعية الدولية، أشد تمسكا ووضوحا وأبلغ مصداقية، كي تتحرك عربة التسوية الممكنة على دروب هذه القرارات، وسنقبل كما أعلن ويعلن الرئيس أبو مازن بتطبيق أي من هذه القرارات اليوم؛ لتصبح عملية السلام العادل ممكنة في إطار حل الدولتين الذي يفتح القرار الأممي 181 الأبواب أمامه بلا أية مواربة.
التضامن.. فعل وخطاب

30-11-2019
مشاهدة: 326
محمود ابو الهيجاء
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها