استشهد الأسير سامي أبو دياك داخل سجون الاحتلال، لم ينهش المرض جسد الأسير، وإنما هي سياسات السجان الإسرائيلي، الذي لم يعد يأبه بأية قيم إنسانية، ولا أية قوانين وشرائع دولية، فعدا عن التعذيب الممنهج الذي يطيح بدفاعات الجسد، ليجعله نهبا لأمراض شتى، يبرز الإهمال الطبي الذي يتعمده السجان، كطعنة اغتيال قاتلة في الظهر، وهذا ما جرى تحديدا مع الأسير الشهيد أبو دياك.
اغتيال الأسرى في سجونهم ليس غير جريمة حرب، تماما كجريمة المحرقة النازية التي أدانها العالم وحاكم مرتكبيها وأنزل بهم القصاص العادل، فالأسير الذي خلف قضبان الحجز والمنع والحرمان، ووفق الشرائع الدولية والأخلاقية، إنما هو أمانة عند السجان إلى حين تحرره، لكن السجان الإسرائيلي لا يراه كذلك، بل يراه مشاعا لرغباته السادية، وحقلا لتجاربه الدموية، المأخوذة بفكرته العنصرية، التي توهمه أن القتل هو الحل الوحيد، لقهر إرادة الحرية عند الأسير، وبالطبع دون أن يدرك أن الروح مسكن الإرادة، وليس الجسد، والروح هنا هي روح الأسرى مجتمعين، وإرادة الحرية هي إرادة الشعب الفلسطيني بأسره، بأبنائه خلف قضبان المعتقلات الاحتلالية وخارجها، ما يعني في المحصلة حتمية انتصار هذه الإرادة بروحها العصية على القتل، وما يعني أيضا، وهذا مؤكد، أن مصير السجان الإسرائيلي لن يكون بعيدا عن مصير صناع المحرقة النازية.
لسنا نبالغ بذلك أبدا، فبقدر ما لا يرى الاحتلال الإسرائيلي ما يصنع بسياساته العنصرية الإجرامية، من مقومات نهاياته الحتمية، هزيمته التي لا مهرب منها، فإننا نرى ما تصنع الروح الفلسطينية، بإرادتها الحرة، وصمودها الراسخ، وخطابها العادل، من سبل المضي مع حركة التاريخ، وإنجاز المزيد من مقومات حتميته، حتمية الانتصار التاريخي لا حتمية سواها.
وهذا يعني وبكلمات أوضح وأكثر حزما وحسما، أن الإرادة الفلسطينية الحرة وقد تحصنت بقرارها الوطني المستقل، وسياساته الحكيمة، لا ترى ولن ترى حلا مع الاحتلال الإسرائيلي، سوى أن يرحل هو وسجونه وحواجزه ومستوطنوه، عن أرض بلادنا وعن مسارات حياتنا وفضاءاتها، وليس الأمر أمر رؤية فحسب وإنما هو أمر القرار الوطني، ببرنامج عمله، في إطار مشروعه التحرري، مشروع دولة فلسطين السيدة بعاصمتها القدس الشرقية وبالحل العادل لقضية اللاجئين.
سنبكي الشهيد سامي أبو دياك، سنبكيه بحرقة، لأن لنا قلوبا تحب أبناءها، مثلما تحب الحياة، ولأن الحزن دالة على إنسانية الإنسان، وهو قرار هذه الإنسانية النبيل، ضد النسيان، كي لاتذهب دماء الشهداء هدرا، وهذا هو عهدنا ووعدنا للشهيد سامي أبو دياك ولكل شهداء شعبنا، والعهد والوعد فلسطينيا كان، وفلسطينيا سيبقى، حتى يوم النصر الأكيد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها