أعدمَ جيشُ الاحتلال الإسرائيلي يوم الاثنين بدم بارد ومن دون أي مبرِّر شابين فلسطينيين عمرهما 20 عامًا وجرح ثالث. مثل هذه الجريمة تتكرَّر من وقت لآخر، فهي جزء من سياسة إرهاب الدولة الإسرائيلية.

ولكنَّ هذه الجريمة، التي يتحمَّل مسؤوليتها نتنياهو شخصيًّا، كونه وزيرًا للحرب، جاءت في سياق احتدام الحملات الانتخابية في (إسرائيل) بين نتنياهو وخصومه وفي وقت نزلت فيه اسهم اليمين المتطرِّف بسبب الاتهامات بالفساد. فالهدف من وراء هذه الجريمة هو حرف الأنظار عن فساد نتنياهو، ولكي يُحسِّن وضعه الانتخابي عبر سفك الدم الفلسطيني، والدليل أنَّه أصرَّ على إكمال جريمته من خلال أوامره بالإسراع بهدم منازل الشهيدين.

تاريخيّا اليمين الصهيوني العنصري لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني كشعب له حقوق سياسية، بل إنّه يعمل ليل نهار على تقويض هذا الوجود. فمن وجهة نظر هذا اليمين أنّ أي اعتراف بوجود الشعب الفلسطيني هو إنهاء لمشروعه الصهيوني التوسُّعي، وهو نوع من الانتحار الذاتي للحاضر والتاريخ اليهودي بالمنطق الصهيوني. هؤلاء يعترفون بوجود الشعب الفلسطيني فقط عندما يستخدمون هذا الوجود لترهيب وإخافة المجتمع الإسرائيلي لإبقاء سيطرتهم عليه، ويعترفون به عندما يسفكون دمه كوسيلة لتعزيز نفوذهم وفرص فوزهم بالانتخابات في كل مرة.

ما أُشيرَ إليه لا يحتاج لأي برهان فيمكن لمسه مع كل انتخابات إسرائيلية حيث تزداد وتيرة إرهاب الدولة وإرهاب المستوطنين واعتداءاتهم على المقدسات الإسلامية والمسيحية، أو عبر شنِّ الحروب على قطاع غزة وسفك دم المدنيين الفلسطينيين هناك، وعبر إعدامات ممنهَجة في الضفة وزيادة وتيرة الاستيطان والتهويد.

المشكلة في كلِّ ذلك ليس ما يقوم به المتطرّفون الصهاينة من جرائم حرب وإنَّما المشكلة في صمت المجتمع الدولي على هذه الجرائم المتواصلة دون انقطاع.

نحن ندرك تواطؤ الغرب الاستعماري مع (إسرائيل) ومنع أي محاولة لمحاسبتها، فهذا الكيان الصهيوني العنصري هو نتاج الرأسمالية العالمية وهو مشروعها الأكثر أهمية. ولكن ماذا عن الرأي العام ورأي النخب في هذا الغرب، فمَن يصمت على هذه الجرائم هو شريك بها، كما أنَّ صمته عنها هو طعن للمنظومة الأخلاقية الإنسانية.

فمَن يصمت اليوم سيكتوي غدًّا بهذه الجرائم.