يحاولُ البعض من أصحاب التثاقف الليبرالي هذه الأيام، أن يساوي بين التحريض الحمساوي ضدَّ الرئيس أبو مازن الذي تغوَّلت "حماس" في تصعيده في شعار "ارحل"، وبين التأييد الشعبي العارم للرئيس في حملة "اخترناك"!! وبتجرُّد أرستقراطي يكتب هذا البعض في مواقع إلكترونية أنيقة (!!) إنَّه لا مع "ارحل" ولا مع "اخترناك" بدون أن يرى، وكان لا بدَّ أن يرى، أنَّ حملة اخترناك حملة وطنية وشعبية، وإن كانت "فتح" بوطنيتها وشعبيتها الواسعة هي مَن قدحت شرارة هذه الحملة، وبمعنى أنَّها لم تكن حملة حزبية، استلَّت عنوانها من بطون التاريخ العربي الذي يزدريه هذا التثقاف الليبرالي!! و"فتح" على أيّة حال ليست حزبًا كي تنتج حملة حزبية، فهي أكبر من حزب، وحالها حال الجبهة الوطنية، كونها حركة التحرر الوطني الفلسطيني، والتي يشكل شعبنا قاعدتها الأساسية، ومحيطها الذي تعيش به وفيه ولأجل أن تسترد حقوقه المشروعة وتحقق كامل أهدافه العادلة في الحرية والاستقلال، ولهذا ليس كل الذين خرجوا في مسيرات التأييد للرئيس أبو مازن في مختلف محافظات الوطن وخارجه، كانوا فتحاويين فحسب، بل هؤلاء هم الفلسطينيون جميعًا وقد استشعروا خطر المؤامرة على الشرعية التي كرَّسوها بتضحياتهم العظيمة فخرجوا دفاعا عنها، بالتفافهم من حول رأس هذه الشرعية وقائد مشروعها الوطني.

ما يبعث على الأسف أكثر أنَّ هذا البعض بتثاقفه الليبرالي، لم يرَ أنَّ كلَّ هذا التحريض الحمساوي، هو تحريض جماعة الإخوان المسلمين بغاياتهم اللاوطنية وانحيازهم إلى جانب الحرب التي تشنُّها الإدارة الأميركية و(إسرائيل) ضد الشرعية الفلسطينية لتمرير صفقتها الفاسدة التي تسميها صفقة العصر. ولسنا في شك أبدًا أنَّ أكثر من ابتهج بشعار "ارحل" هم أصحاب هذه الحرب، وهذه الصفقة، ومختلف أدواتهم بخلاياها العاملة والنائمة معًا!! وعلى هذا النحو ولهذا السبب فإنَّ هذا الشعار، وبالإدراك الوطني لا سواه، هو شعار المؤامرة، مدفوع الأجر السياسي والمادي معًا، وما عادت خافيةً على أحد مصادر التمويل الإقليمية لمثل هذا التحريض.

إنَّه شعار الخبث التآمري الذي لن يستوي مع حملة اخترناك بطيب وصواب غايتها الوطنية فهل يستوي الخبيث والطيب؟! نعلم والناس يعلمون أنَّ ذلك غير ممكن أبدًا!! ولنا سؤال أخير وعاجل: لماذا لم نسمع ولم نقرأ شيئًا من هذا التثاقف الليبرالي عن إعدام حركة "حماس" لنصب الجندي المجهول في غزّة، وهو إعدام لذكرى الشهداء البررة عربًا وفلسطينيين، وضرب قيمتهم التاريخية والإنسانية، وجريمة تخلف وجاهلية ضد الثقافة في مختلف تجلياتها الجمالية!!