سبق للمتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية أن علق على استدعاء وزارة الخارجية البرازيلية للسفير الاسرائيلي احتجاجا على العدوان الاسرائلي على غزة، بأن البرازيل "قزم دبلوماسي"، ويبدو أن حكومة الاحتلال تعاملت بهذا المنطق حين أعلن نتنياهو عبر تغريدة على تويتر في أغسطس الماضي عن تعيين "داني ديان" سفيراً لبلاده في البرازيل، متجاهلاً بذلك القواعد الدبلوماسية المتعارف عليها، والتي تحتم قبول الدولة للسفير المرشح إليها قبل الاعلان عنه، ناهيك على ما تحمله تغريدة نتنياهو من اساءة لدبلوماسية دولة البرازيل، الواضح أن الحكومة البرازيلية تحجم حتى تاريخه عن قبول أوراق اعتماد سفير نتنياهو، يأتي ذلك على خلفية أن "ديان" من مستوطني الضفة الغربية وسبق له أن عمل رئيساً للمنظمة الصهيونية للاستيطان، الأزمة الدبلوماسية بين البرازيل وحكومة الاحتلال على خلفية السفير المستوطن تصاعدت حدتها مع التحذير الاسرائيلي بتخفيض العلاقات الدبلوماسية في حال أصرت الحكومة البرازيلية على موقفها.

حكومة الاحتلال تمضي في مخططها الاستيطاني دون الاستماع حتى لنصائح أصدقائها، حيث كشفت وزارة اسكان حكومة الاحتلال عن نيتها تشييد وحدات استيطانية لاستيعاب ربع مليون مستوطن في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وشرعت الوزارة في إعداد التصاميم المتعلقة ببناء 3200 وحدة استيطانية شرقي مدينة القدس، في محاولة منها لربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بمدينة القدس، والذي من شأنه أن ينهي بشكل كامل حل الدولتين، حيث يهدف هذا التجمع الاستيطاني لخلق واقع ينهي التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية المحتملة، سبق لحكومة الاحتلال أن تراجعت عن مخططها في تلك المنطقة تحت ضغط من المجتمع الدولي، وها هي تعود إليه مرة ثانية في ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية مغايرة، المخطط الاستيطاني الواسع الذي تشرف على إعداده وزارة اسكان حكومة الاحتلال من شأنه أن يقضي نهائياً على سيناريو حل الدولتين الذي بنيت على قواعده التحركات السياسية لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على مدار السنوات الطويلة.

صحيح أن الاستيطان لم يتوقف يوما منذ احتلال باقي فلسطين في حرب حزيران 1967، وأن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة تسابقت فيما بينها على توسعته وتحويل التكتلات السكانية الفلسطينية إلى تجمعات منعزلة عن بعضها البعض، وصحيح أيضاً أن دولة الاحتلال ولدت من رحم الاستيطان، وصحيح أيضاً ان المجتمع الدولي والقرارات الأممية تتعامل مع الاستيطان الاسرائيلي في الأراضي التي احتلت عام 1967 بأنه غير شرعي وأنه يعيق التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتوجد هناك محاولات خجولة من المجتمع الدولي لمقاطعة المستوطنات الاسرائيلية، إلا أن الوطن الذي تنهش عظامه خلايا الاستيطان السرطانية بحاجة اليوم لتوحيد الجهد الفلسطيني لمواجهته أولاً قبل أن نطالب العالم بالتحرك الجاد لمناوئته، ألم يدفعنا انقسامنا البغيض للغوص في مناكفات أبقتنا بعيداً عن آلام الوطن؟ ألم يعد اهتمامنا في إحياء مناسباتنا الحزبية أضعاف ما نفعله حيال قضايا الوطن الجوهرية؟