يعتقد قادة ائتلاف الصهيونية الدينية الحاكم في إسرائيل بإمكانية تحقيق هدف بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، لتعطيل إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة متواصلة جغرافيًا إلى غير رجعة، بعد فشلهم في فرض مخططهم (لليوم التالي) في قطاع غزة، على دول العالم المعنية بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، وبعد فشل الرهان على مستخدميهم ذوي الخطاب الإسلاموي السياسي، ومعهم أدعياء الخطاب الإصلاحي الديمقراطي كافة، في تحقيق هدفين، الأول: تدمير منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقنبلة حماس الفراغية، وضعف قدراتهم على تعميم نموذج الانقلاب على المشروع الوطني الفلسطيني كما فعلت حماس سنة 2007 لتوفير شروط انهيار مؤسسات السلطة الوطنية التي قررتها منظمة التحرير لتكون مرحلة انتقالية نحو الدولة، ونموذجًا يثبت جدارة الشعب الفلسطيني بدولة ومؤسسات. أما الهدف الآخر فهو: خلط أولويات الأهداف الوطنية الفلسطينية، عبر تقديم  التنافس على السلطة – تحت شعارات براقة خادعة، على حساب استكمال عملية الاستقلال والتحرر وبناء مؤسسات دولة فلسطينية، وترسيخ مكانة فلسطين كدولة في خريطة العالم (الجغرافية السياسية) التي واكبتها القيادة الفلسطينية بعملية ديمقراطية، تتبلور في سياقها طبيعة النظام السياسي الفلسطيني بعد انتزاع الاستقلال بدولة فلسطينية على أرض فلسطين – حسب وثيقة الاستقلال من المجلس الوطني الفلسطيني سنة 1988، وتحقيق مبدأ السيادة. أما وإن صفقة القرن لم تنجح في اخضاع القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني رغم ما فيها من إغراءات مادية، فكان لابد من إعادة تشكيل احتلال واستعمار فلسطين التاريخية، بعد تطويق مليوني فلسطيني وأكثر بقوانين عنصرية (قانون القومية) صدرت عن أغلبية صهيونية دينية وسياسية معادية للسلام تسيطر على كنيست (إسرائيل).

لا نرى جديدًا في تصريح رأس ائتلاف الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش حول نية دولة الاحتلال فرض السيادة على الضفة الغربية مع بداية سنة 2025 ولم يكشف سرًا، ولم يفاجئ ذوي البصيرة، فرغم تغليف دعايتهم بألف طبقة من التصريحات والبيانات الرسمية المضللة، لتمرير مقولة: "حرب إسرائيل ضد حماس" التي تم تعميمها منذ 400 يوم ونيف، وتثبيتها بكل أسف في أذهان نسبة من الجماهير الفلسطينية والعربية، فإن هذه المقولة تستعمل حتى اللحظة كغطاء لتمرير الأهداف غير المعلنة "للإبادة"، التي كان السابع من تشرين الأول من السنة الماضية ذريعة لإطلاق شرارة خطتها المبيتة، وأطلقوا عليها مسمى "حرب" رغم مخالفة الحقائق والوقائع على الأرض لتعريف الحرب في قواميس اللغات.

 لقد قرأنا جيدًا الصور والبيانات والتصريحات كافة، وركزنا حواسنا على ما بثته وسائل إعلام إسرائيلية، وعربية تبث وفق مخطط رسمته سلفًا استخبارات دولة عظمى، ظنوا أنه محبوك جيدًا، لكنه بدا مكشوفًا، يصيب المتماهين معه بالكسوف، وفي الدرجة الثانية انساقت وسائل إعلام فصائلية وأخرى ناطقة بلغة الضاد، مع مقولة المنظومة التي كررها بنيامين نتنياهو مئات المرات، وبثت عن جهل –لايعفيها من المسؤولية- دخان التمويه على الأهداف الحقيقية التي جهرنا برؤيتنا لها منذ الأيام الأولى، وطرقنا جدران ضمائر وعقول وحواس كل معني بالحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين، وقلنا قبل صدور قوانين كنيست منظومة الاحتلال بحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" والتعامل معها بحوالي سنة، أن قضية اللاجئين مستهدفة، ولم تكن سلطات الاحتلال قد أعلنت شيئًا عن علاقة موظفين بالوكالة بجماعة حماس، إذ يكفي قراءة أبعاد تركيز جيش منظومة الاحتلال على تدمير مخيمات اللاجئين في قطاع غزة بصفة خاصة، وتحويلها إلى أماكن يستحيل العيش–دون إغفال مدن كبيرة وبلدات في القطاع، حيث قتل أكبر عدد من النساء والأطفال–ثلثي الضحايا الشهداء من أصل حوالي 44 ألف مواطن–ليس في قطاع غزة وحسب، بل في الضفة الغربية، مع درجات متفاوته من حيث مستوى التدمير، ورأينا محاولات التهجير القسري للمواطنين الفلسطينيين إلى سيناء في جمهورية مصر العربية من قطاع غزة، والمملكة الأردنية الهاشمية من الضفة الغربية، هدفًا رئيسًا للحملة، دون إعلان أو تصريح رسمي إسرائيلي، ما يعني التمهيد بإبادة وتهجير المتبقين على قيد الحياة لإعادة تشكيل الاحتلال المباشر والاستعمار الاستيطاني الصهيوني لأرض فلسطين التاريخية والطبيعية كلها وحسب، واستعادة مفاتيح السيطرة على المنطقة وإرهابها بقوة ردع مدمرة غير مسبوقة  - جعلوا من غزة نموذجًا لتخويف وإرعاب وإرهاب دول عربية مجاورة لفلسطين، وأخرى في الشرق الأوسط كإيران. وتمهيدًا لاستكمال ما سمي (بالاتفاقات الإبراهيمية التطبيعية) تحت هذا الأمر الواقع. كآخر محاولة لطمس حقيقة الشعب الفلسطيني واسم وطنه التاريخي فلسطين، ولنسف أسس قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، وتوجيه ضربة حاسمة للشرعية الدولية.