لسنا بكل تأكيد في حال يسمح لنا بالتراشق الإعلامي، مع مَن يختلفون معنا، ونختلف معهم، ولأن الحرب التي تواصلها إسرائيل الاحتلال والعدوان، هي حرب إبادة للقضية الفلسطينية، قبل، وبعد كل شيء، فلا خيار أمامنا سوى العض على الجرح، وتجاوز ثرثرات الشعبويين، والمضي نحو تمكين الوحدة الوطنية سلاحًا أمضى، وأجدى في مواجهة هذه الحرب الهمجية، التي تستهدف روحنا قبل أجسادنا لجعلنا مجرد ركام بشري، بلا أية ملامح طبيعية، ولا أية هوية معمارية وطنية، تمامًا، كمثل ركام البنايات والبيوت التي دكتها طائرات الاحتلال الحربية، وما تزال تدكها في قطاع غزة المكلوم، وما زالت جرافاته تدك البيوت في الضفة المحتلة، وتدمر الطرق، وتقطع سبل الحياة اليومية فيها...!!     

لن نكون مأخوذين باللحظة الانفعالية، لنرد على الثرثرات الشعبوية،  ولا حتى على من لا يزال يسعى لإشعال نار الفتنة بين صفوفنا بالأكاذيب والادعاءات ذاتها...!! 

همنا الوطني في هذه اللحظة، هو وقف فوري لهذه الحرب الهمجية، وغير المسبوقة في وحشيتها، ولوقف الحرب، ليس ثمة سبيل سوى تصعيد الحراك السياسي، والدبلوماسي في مختلف ساحات القرار الدولي والعربي، وهذا ما بدأه الرئيس أبو مازن، مع أركان القيادة الفلسطينية، وحيث أبقى اجتماعاتها قائمة، منذ اليوم الأول للحرب، وما زال هذا الحراك وهذا العمل السياسي متواصلًا في كل اتجاه، وقد تصدى سفراء فلسطين، في العديد من العواصم الأوروبية، لمهمة  نقل خطاب هذا الحراك السياسي، والرد على الفبركات الإسرائيلية، وأسئلة الأحابيل الدعائية الاستعمارية، في العديد من وسائل الإعلام الغربية، حتى كرسوا الموقف الوطني الفلسطيني، واضحًا وضوح الشمس، ضد الحرب، ولأجل وقفها، ولا بد هنا من الإشارة مع التقدير للسفراء حسام زملط، ومنى أبو عمارة، وهالة أبو حصيرة، فقد أفاضوا بالخطاب الوطني، والسياسي، والأخلاقي، والإنساني الفلسطيني، بأفضل الكلمات، وأصدقها. 

لم يرَ سيادة الرئيس أبو مازن منذ اللحظة الأولى للحرب، سوى حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، وحيث رأى وأركان القيادة الفلسطينية، الحرب بأنها حرب إبادة ضد شعبنا، وقضيته الوطنية، فلا بد من السعي الحثيث لاجهاضها، ووقفها، حتى لا تستكمل غاياتها الإجرامية، ولا بدّ هنا من التذكير بدعواته التي أطلقها غير مرة، ومن على مختلف المنابر الدولية، بضرورة توفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، لردع فاشية الاحتلال، وتنمره العدواني، واليوم فإن  ثمانية آلاف شهيد، ويزيد، حتى الآن، مع آلاف الجرحى، والمشردين في قطاع غزة المكلوم، ما يؤكد حق الدعوة، وصوابها، بل وما  يجدد ضرورتها.

سيظل الموقف المخزي، هو موقف من لا يسعى في دروب وقف هذه الحرب الهمجية، ومن يعمل على تمزيق الوحدة الوطنية، وهذا هو موقف من يحاول اليوم إشعال نار الفتنة، ويحرض على تمزيق اللحمة الوطنية، بالأكاذيب التي طالما كان يرددها ضد السلطة الوطنية، وهو يبهرها بشعارات اللحظة العاطفية، دون أن يلتفت، مجرد التفاتة، ولا بكلمة واحدة، للدم العزيز الذي تواصل إسرائيل الاحتلال والعدوان والعنصرية،  سفحه مع سبق الإصرار والترصد، في قطاع غزة المكلوم، وفي الضفة الفلسطينية المحتلة ..!!