لا تزال الإشارات والمحفّزات الإيجابية تتوالى وراء بعضها لتُعطي لقطار المصالحة زخمًا جديدًا من القوة، في التقدُّم إلى الأمام، وتحقيق كامل البرنامج المتَّفق عليه منذ الرابع من أيار 2011، والذي عاكسته آنذاك خياراتٌ دولية، واختراقاتٌ إقليمية، واستجاباتٌ محلية لتحريضات الآخرين الزائفة.
ومن أقوى الإشارات والمحفِّزات أنَّ وفدَي "فتح" و"حماس" أصبحا في القاهرة ليستكملا تنفيذ الاتفاق، بخطوات وقرارات وتفاصيل أعطى الرئيس أبو مازن كلَّ الأوامر الحازمة لتنفيذها، وأعطى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تعليماتٍ واضحةً للجهات الرسمية المنخرِطة في عملية المصالحة بمنح الاتفاق زخمًا إضافيًّا، هذا بالإضافة إلى أنَّ كلَّ الفصائل الفلسطينية التي وقَّعت على الاتفاق في الرابع من أيار 2011 تستعدُّ للوصول إلى القاهرة للتوقيع على كلِّ ما يتَّفق عليه الطرفان -"فتح" وحماس"- يعني أنَّ الحالة السياسية الراهنة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي تقول إنه لا تراجع إلى الوراء مهما كلَّف الأمر، وأنَّ الذين يتحدّثون عن مخاوف واختراقات محتمَلة، إنَّما هُم أعداء المصالحة أنفسهم، يُعيدون تدوير الزوايا ولكنَّهم يجدون أنَّ أبواب الإحباط مغلقةٌ تمامًا، فشعبنا بقيادته وعلى رأسها الرئيس أبو مازن يدرك أنَّ الوقت قد حان، وأنَّ الإمكانيات والإرادات متوفّرة، وأنَّ ردة الفعل الهستيرية ضدَّ المصالحة التي تصرف بها نتنياهو بما يشبه الجنون، قد جعلت كلَّ طرف مهما كان هامشيًّا يحسب حساباته بدقّة، بأنَّ أي تورُّط في العرقلة سوف يحسب على أنه سقوط مكشوف في شبكة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يتخبَّط رأسه، وهو نتنياهو، تخبطاتٍ عشواء، مرة بمحاولة استدراج العنف مثل الغارات والتوغلات شرقي المغازي وشرقي رفح في قطاع غزة، أو تصعيد الاقتحامات للأقصى، أو الإعلانات الصاخبة في الموافقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية وهدم البيوت، ومشاريع التهويد بالقدس، ومضاعفة حجم الاعتقالات، وفترات الإغلاق.
لكن الإشارات اللاطمة لنتنياهو تتوالى، وآخرها تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إصراره على جهوده للوصول إلى تسوية، وأنَّه لن ينقل السفارة الأميركية للقدس، وكأنَّ المدى الذي يتطلَّع إليه نتنياهو إلى جرّ الشعب الإسرائيلي إليه هو مدى خطير ومغلق في الوقت نفسه.
الإنجاز الأكبر الذي ينفتح على مدى واسع هو المصالحة، جميعنا يجب أن يدفع بإنجازها على خير وجه وبالسرعة المطلوبة، لأنَّ جنون نتنياهو وتحالفه اليميني العنصري هذه الأيام يُثبت أنَّ المستقبل ليس في أيديهم، وأنَّ الكفاءة والجاهزية الفلسطينية في تنفيذ برنامجنا الوطني ستكون حاكمةً في المرحلة القادمة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها