من الطبيعي جدا ان نرى ونسمع هذا الصراخ الهستيري من اسرائيل والنخب السياسية اليمينية، دينية كانت او علمانية، التي استقطبها نتنياهو على امتداد حكوماته الاربع ضد قرار مجلس الامن الدولي رقم 2334، وضد خطاب جون كيري الاخير الذي تضمن رؤيا لاحلال السلام الشامل والدائم بشان القضية الفلسطينية وعمقها العربي والاسلامي والعالمي، وقدم فيها جون كيري شهادة من اعظم الشهادات التي حمّلت اسرائيل- اسرائيل نتيناهو وحكوماته- المسؤولية الكاملة عن تعرض حل الدولتين الى الخطر الحقيقي، مما يفتح الافاق نحو مرحلة جديدة،  ووصفها كيري بان اميركا لا تستطيع ان تدافع عن اسرائيل في ظل سياساتها الراهنة.

سبب الهستيريا الاسرائيلية، ان نتيناهو يريد التعامل مع المجتمع الدولي ومصالحه وحساباته الاستراتيجية بنفس مستوى النخب الاسرائيلية التي تعمل معه وتحت امرته، بانها نخب تافهة لا رؤى لها، تابعة او متحالفة مع الاستيطان الذي هو غير شرعي، ومتساوقة مع بؤر الارهاب اليهودي الآخذ في الانتعاش، بل ان نتنياهو الذي لايجد نفسه ملزما باي درجة من الاحترام لهذه النخب الاسرائيلية التي يقربها منه تارة ويقصيها ويحولها الى اصفار على الشمال تارة اخرى، يريد ان تكون هذه المعايير هي نفسها التي يتعامل بها مع المجتمع الدولي، وهذا امر مستحيل، وكل طرف عالمي يسأل نتنياهو ماذا يريد بالضبط، ماهو السلام الذي يقبل به، كيف ينسحب من اراضي دولة الشعب الفلسطيني؟ فان الأجوبة غير موجودة، يستعيض عنها نتنياهو بتمتمات مخجلة عن يهودية الدولة! لماذا يريد هذا الطلب الشاذ والغريب من الفلسطينين فقط؟!

لماذا حين حصلت على عضوية الامم المتحدة لم تنص على يهودية الدولة؟ واي دولة التي تريد يهوديتها؟ هل هي اسرائيل التي يوجد فيها مواطنون فلسطينيون اكثر من مليون ونصف المليون أما هي دولة المستوطنين في الضفة الغربية الذين يعيشون حياتهم ضد القانون الدولي والقانون الدولي الانساني؟ والاهم انهم يعيشون ضد حياة شعب كامل وهو الشعب الفلسطيني.

مشكلة نتيناهو انه وجد في اسرائيل نخب سياسية تعيش بافكار ومعايير المستعمرين القدماء الذين انقرض عصرهم وزمانهم، حتى اصبح الرجل يصرخ بجنون ويدعي ان العالم لا يفهمه، ومتآمر عليه، والحقيقة ان اكبر عدو للشعب الاسرائيلي في هذه المنطقة هو نتنياهو والتابعون له من جماعات تدفيع الثمن، ومجالس الحاخامات، ومجالس المستوطنين، والجيش الذي لايلتزم بقرارات المحاكم العليا الاسرائيلية، بل ان كيري سأله السؤال العسير كيف تريد اسرائيل ديمقراطية ويهودية في نفس الوقت؟ وماهي رؤاك لاكثر من ربع اسرائيل من غير اليهود؟

نتنياهو يخوض معركة فاشلة، لان النخب السياسية المتحالفة معه تقوم بالتطبيل والتزمير له، وتقرأ نصوصه المغلقة دون ان تعرف ما فيها، وتعظم من شأنه كزعيم أوحد!! ولعل هذا يكون أول السقوط.