جاء امر الرئيس الروسي بوتين بسحب جزء من قواته من سوريا بمثابة مفاجأة للكثيرين لا تقل عن مفاجأة تدخله العسكري السريع في سوريا ايضا. فبعد وقف اطلاق النار وبدء مؤتمر جنيف ربما رأى الروس ان بوسعهم تخفيف وجودهم العسكري حيث بات معلوما ان هناك تفاهما روسيا اميركيا يركز على تسوية سلمية في سوريا يتحاور بشأنها السوريون وان الاولوية لروسيا والولايات المتحدة واوروبا هي محاربة الارهاب فقط. فالانسحاب الروسي يشكل ضغطا على القوى السورية لكي تلتزم بالهدنة وتتفاهم باعتبار ان الاميركيين يؤيدون ذلك.

 اعتقد ان من اراد لما يسمى الربيع ان يتطور ويتمدد اراد تدمير كل ما يمكن تدميره ثم الانتقال الى مرحلة التفتيت او اعادة صياغة الدول المنكوبة على اسس فيدرالية كما في سوريا او اليمن وكونفدرالية كما في العراق وربما ليبيا، وليس مهما ان يكون ذلك في المصلحة العربية لأن العرب عمليا لا يلعبون في ملعبهم ولا ملعب غيرهم، ولعلنا نجد في مقابلة الرئيس الاميركي اوباما مع مجلة اتلانتيك ما يشير الى فقدانه الثقة بحلفائه التقليديين العرب بل اتهمهم باثارة الطائفية وتمويل الارهاب وكأنه يعلن تحالفه مع ايران في مواجهتهم. ولا اعتقد انه من المناسب لبعض الدول العربية مواجهة واشنطن ليس لعدم قدرتها فقط بل لأن السياسة الاميركية صارت تريد حلفاء اقوياء مثل اسرائيل وايران، وبات ضروريا لما تبقى من نظام عربي ان يعيد النظر الى حجم قواه الحقيقية وليس الافتراضية اي الانتقال الى حل الازمات العربية عربيا دون تدخلات خارجية وتمتين العلاقات الخليجية المصرية الاردنية. فتركيا التي اراد البعض الرهان عليها كقوة حليفة لبعض العرب سبقت الجميع لاسباب اقتصادية وسياسية نحو التودد لايران، فالبعض اراد الايحاء بان تركيا هي البديل لمصر وخاب امله. فالنظام العربي مهدد هو الآخر اذا لم يحاول تجميع مكامن القوة حتى لا تصله اصابع الفتن والمؤامرات.