في حملة التحريض المتواصلة، التي تمارسها حكومة نتنياهو على القيادة الفلسطينية وضد حملة المقاطعة (BDS)، التي يقودها انصار السلام مع ابناء الجاليات الفلسطينية والعربية في اوروبا واميركا وكندا ضد إسرائيل، تتسلح القيادات الاسرائيلية بعلاقاتها المميزة مع "الحلفاء" من اهل النظام الرسمي العربي. والاهم من ذلك، انهم باتوا يعلنون على الملأ، ان "الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، لم يعد اولوية عند العرب الرسميين". وامسى الصراع مع إيران، هو الاساس!.

ولزيادة الطين بلة، قامت وزارة الخارجية الاسرائيلية بتنظيم زيارة لعدد من الصحفيين العرب المقيمين في اوروبا واميركا. واطلق بعضهم مواقف سياسية تعكس تساوقهم مع الرؤية الاسرائيلية. وكأن لسان حالهم "تحميل ابناء جلدتهم من الفلسطينيين المسؤولية عن الاحتلال!!" من المؤكد نجح دوري غولد، مدير عام وزارة الخارجية في استقطاب عدد من الاعلاميين العرب، الذين يجهلون قضية الصراع التاريخي مع الحركة الصهيونية ودولة التطهير العرقي الاسرائيلية او انهم من الاعلاميين، الذين باعوا ضمائرهم الوطنية والقومية في زمن الارتداد المريع للمسألة القومية وتسييد الخطاب الديني والطائفي والمذهبي، الناجم عن الانهيارات القيمية والفكرية السياسية، وانتصار ثقافة التشرذم والانقسام وبيع مصالح الشعوب العربية بابخس الاثمان.

الاهم في ظل احتدام الصراع مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية مع الشعب الفلسطيني وقيادة منظمة التحرير، وقف دول شقيقة عملية التطبيع المجانية مع إسرائيل، وإعادة النظر في سياساتها الخاطئة والمتناقضة مع قضية العرب المركزية، القضية الفلسطينية. وبدل التطبيع والتعاون الامني والاقتصادي والدبلوماسي، على الدول الشقيقة البحث عن القواسم المشتركة مع باقي الاشقاء. وتعزيز العلاقات الاخوية. وعدم المبالغة في الصراع مع الجمهورية الايرانية الاسلامية، التي لم يعد مخفيا على احد اهدافها التاريخية، الرامية إلى فرسنة العرب من خلال التشيع، متسلحة بشعارات غوغائية عنوانها الابرز"المقاومة".

رغم هذا الادراك العميق للخلفية الايرانية، فإن إمكانية ضبط ايقاع الصراع مع جمهورية الملالي، هي إمكانية كبيرة من خلال تحصين الذات العربية، واستخدام ذات الاسلحة للرد على المنطق الايراني، وعدم الغرق في متاهة الصراع الطائفي، بل بالدعوة لتكامل شعوب المنطقة لحماية تراثها الحضاري، وتعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي والسياسي، ولقطع الطريق على إسرائيل، والتركيز على جوهر الصراع في المنطقة ضد دولة الاستعمار الاسرائيلية.

لذا على الاشقاء العرب الرسميين الانتباه الشديد لاخطار عمليات التطبيع والتعاون مع الدولة العبرية. لان ذلك يعني التخلي عن قضية العرب المركزية. وترك الشعب الفلسطيني لقمة سائغة لمخططات حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، ونهب الاراضي المحتلة عام 1967، وضرب خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وتأبيد الاستيطان الاستعماري، ولاستخدام تلك العلاقات غير الايجابية في وجه الدول والقوى الاوروبية والغربية عموما المتضامنة مع الشعب الفلسطيني وخياره السياسي، لثنيها عن توجهاتها.

اضف لما تقدم، ان دولة إسرائيل تستخدم تلك العلاقات لاختراق الساحات والشعوب العربية بهدف تمزيق وحدة دولها وشعوبها، لاسيما وان المخطط (الاميركو إسرائيلي) لتمزيق وشرذمة العرب ما زال على رأس جدول اعمالهم. ولم تتراجع لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل عنه. ومن يعتقد من العرب ان العلاقة مع إسرائيل، تخدم مصالحه وتحمي كرسي الحكم له، يكون مخطئا وساذجا، ولا يفقه الف باء السياسة. الامر الذي يفرض على الاشقاء العرب مراجعة الذات، وإعادة الامور إلى نصابها الطبيعي، وعدم الانجراف في متاهة إسرائيل.

كما ان العربي، الذي يريد دعم مبادرة السلام العربية والضغط على إسرائيل، لالزامها باستحقاق التسوية السياسية، عليه ان يوقف كل اشكال التعاون مع حكومة نتنياهو، لاستخدام تلك الاوراق للضغط عليها، حتى تستجيب للسلام، وإسقاط خيار الحرب وتمزيق وحدة شعوب ودول الامة العربية. فهل يراجع الحكام العرب سياساتهم غير الايجابية، ويعيدون الاعتبار لدورهم ومكانتهم وقطع الطريق على مخطط اميركا واسرائيل الجهنمي "الشرق الاوسط الجديد"؟