مؤلم ما تشهده العلاقات العربية العربية، من تنافر وتمزق وتشتت، يصل إلى حد التعارض والتناقض ...الخ، من صور التفسخ في النسيج الوطني والقومي، في ظل التحديات التي تواجه العرب دولاً ومجتمعات.
يقول المثل العربي ((أنا وأخوي على إبن عمي، وأنا وإبن عمي على الغريب)) يا ليت العرب اليوم يأخذون بهذا المثل كي يستطيعوا أن يحددوا أولوياتهم، وأعداءهم من أصدقائهم، ويصيغوا مواقفهم تجاه أنفسهم وقضاياهم على هذا الفهم والأساس، لم يعد هذا المثل يحكم سلوك العرب السياسي، بل بات مقلوبه يفسر واقع العلاقات بين الكثير من العرب أفراداً أو دولاً ليصبح ((أنا وإبن عمي على أخوي، وأنا والغريب على إبن عمي ..!!))، كيف يفهم هذا الوضع العربي الشاذ ؟! كيف يترك للغريب فرصة الدخول إلى بيوت العرب، ويخرب علاقاتهم الداخلية ؟! ويمزق أفراد الأسرة الواحدة، ويجعلهم في حالة من التناحر والإقتتال..!!
أرجو أن لا يفهم من هذه العجالة، أنني أدعو إلى عصبية جاهلية لا سمح الله، تدخلنا في صراعات مع غير العرب، بقدر ما أتطلع بحسرة وألم على واقعنا العربي الذي بات لا يسر صديقاً، ولا يغيظ عدواً، كيف لهذا الإنسان العربي أن يخرج من هذه الحالة المأزومة، وهذه الدوامة، ويعيد تركيب صورته، وتحديد مفاهيمه عن ذاته وعن الآخر، حتى لا يبقى هذا الإنسان عدواً لنفسه، ووطنه وأمته، ومطية سهلة للغير، وأداة بيده لتخريب بيته، أو الإساءة لأخيه ولإبن عمه.
لابد من وحدة الأشقاء داخل الأسرة الواحدة، كذلك لابد من الإنسجام والتنسيق والتضامن بين مجموعات الدول والمجتمعات المختلفة، حتى يسود التضامن والسلام بين أفرادها، فالإصطفاف مع الذات أولاً ثم مع الأشقاء ثانية، قاعدة ذهبية لتحقيق التضامن والوحدة في مواجهة التحديات التي تواجهها هذه المجموعات مجتمعة وفرادى، وهذا ما تحتاجه المجموعة العربية.
من هنا جاء العتب بين الأشقاء، فمن حق المملكة العربية السعودية أن تعتب على الشقيق لبنان، حين إمتنع وزير خارجيته عن إدانة الإعتداءات التي تعرضت إليها البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران، ولا يوجد مبرر في مثل هذه الحالة للشقيق لبنان للنأي بالنفس عن مثل هذه الأفعال التي أدانها المجتمع الدولي، لمخالفتها لأبسط قواعد إتفاقية فيينا الدبلوماسية، وقواعد التضامن العربي والأخوي.
نعم، موقف لبنان خاطيء، والتراجع عنه فضيلة، وتصحيح الموقف الذي يجب أن يقفه لبنان وجميع الدول العربية، بدءاً من الإدانة لهذا الفعل المشين، وصولاً إلى التضامن والمساندة للمملكة العربية السعودية، في مواجهة هذا التحدي، والتي وقفت دائماً إلى جانب أشقاءها سواء لبنان أو غيره من الدول العربية وكانت وستبقى المملكة تضطلع بدورها التاريخي والطليعي في مساندة الأشقاء العرب، والحاضنة للهموم العربية، ولا سيما في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ الأمة، التي تتفاقم فيها التحديات الداخلية والخارجية الجسام، التي تستهدف وجودها وكينونتها وإستقرارها ونموها.