يوم الخميس الموافق 19/12/2024م ترجل فارس من فرسان حركة "فتح" وقائداً من قادتها الذي أفنى عمره من أجلها، وشيخ الأسرى، وأحد أعمدة نضالنا الوطني بعد حياة حافلة بالعطاء والتضحيات في سبيل القضية والشعب.
ولد المناضل فؤاد حجازي محمد الشوبكي في حي بني عامر بمحلة الدرج بمدينة غزة بتاريخ 12/3/1940م، لأسرة وطنية مناضلة، قدمت العديد من أبنائها خلال مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة.
أنهى دراسته الأساسية والإعدادية والثانوية في مدارس قطاع غزة.
سافر إلى مصر والتحق بالجامعة والتي حصل منها على شهادة البكالوريوس في التجارة.
التحق منذ نعومة أظفاره بحركة "فتح" في أوساط ستينيات القرن الماضي عن طريق شقيقه الأكبر المرحوم/هندي الشوبكي (أبو زهير) والمرحوم/أبو أسامة محمد جرادة.
غادر القطاع بعد حرب حزيران عام 1967 إلى الأردن حيث تفرغ في صفوف الحركة وعمل في مالية "فتح" مع كلاً من الأخ أبو أسامة محمد، والأخ أبو معين القيشاوي.
خلال أحداث أيلول الأسود المؤسفة عام 1970 تم اعتقاله وكنا سوياً في معسكر سلاح الهندسة بالزرقاء.
بعد الإفراج عنه عاد إلى أحراج جرش وكان مسؤولاً عن الرواتب وحتى أحداث تموز عام 1971 حيث أعتقل مرة ثانية وكنا سويًا في مطار المفرق العسكري ولحين الإفراج عنا، حيث توجه إلى سوريا، وهناك عين مسؤولاً عن دائرة المخصصات في حركة "فتح".

بعد أحداث حزيران عام 1976 مع السلطات السورية انتقل إلى لبنان حيث مارس عمله كمدير لدائرة المخصصات وحتى الخروج من بيروت إثر اجتياح إسرائيل للبنان صيف عام 1982 وانتقل إلى طرابلس عام 1983 حيث دافع عن القرار الوطني المستقل ضد المنشقين.
وفي نهاية عام 1983 عين مدير للإدارة المالية المركزية في تونس.
وانتقل من تونس إلى صنعاء بعد انتقال مقر الإدارة المالية المركزية.
أشتهر الأخ أبو حازم بالحزم والصمت والعطاء في كل الساحات النضالية التي خاضتها الثورة الفلسطينية.
ولعل أصعب الظروف التي كانت تمر بها الحركة هي المال وكيفية إيصاله إلى المناضلين في الساحات دون المرور على النظام البنكي الدولي، حيث كان يتصرف وإخوانه بتلبية تلك الأموال بالعديد من الطرق.
كان الأخ فؤاد الشوبكي من المقربين من الشهيد الرمز ياسر عرفات.
ومع عودة قوات الأمن الوطني الفلسطيني إلى أرض الوطن عام 1994 وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، عاد إلى قطاع غزة عام 1995 وعُين مديراً للإدارة المالية العسكرية بقوات الأمن الوطني الفلسطيني.
تم إنشاء مؤسسة الصخرة في غزة وكان رئيس مجلس الإدارة.
الأخ فؤاد حجازي الشوبكي عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" وعضو المجلس العسكري الأعلى، الذي ساهم في إنشاء لجان الإصلاح وتعزيز السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني.
والذي كان ديوانه أحد بيوت الإصلاح لحل قضايا الدم في المجتمع الفلسطيني.

* المهام التي أوكلت للواء فؤاد حجازي الشوبكي في حركة فتح والثورة الفلسطينية:-

- عضو المجلس المالي للحركة
- عضو المجلس العسكري الأعلى
- عضو المجلس الثوري للحركة
- عضو مؤتمرات حركة فتح الرابع عام 1980 والخامس عام 1989
- عضو المجلسين الوطني والمركزي في (م.ت.ف)
- عضو قيادة لجنة لبنان بعد الخروج من بيروت
- مدير عام الإدارة المالية العسكرية
- رئيس مجلس إدارة مؤسسة الصخرة الاقتصادية
- رئيس اللجنة العليا المركزية للإصلاح الاجتماعي
- إنشاء مزرعة الصخرة ومصنع الألبان في دير البلح
- أحد مؤسسي ميناء غزة البحري للصيادين
- رئيس الاتحاد الفلسطيني للفروسية
- رئيس بلدية مدينة الزهراء
- رئيس نادي الدرج الرياضي

ويُذكر أن اللواء فؤاد الشوبكي متزوج وله من الأبناء ستة ولدين وأربعة بنات أكبرهم حازم.
كان يتنقل ما بين غزة والضفة لمصلحة العمل.
عام 2002 استطاعت قوات خاصة إسرائيلية السيطرة على سفينة في البحر الأحمر كانت تنقل أسلحة تعرف باسم (كارين إيه – Karine A) حيث أتهم الأخ أبو حازم بأنه العقل المدبر لنقل الأسلحة ويتحمل المسؤولية الأولى والمباشرة عن عملية تمويل وتهريب سفينة محملة بالأسلحة.
عقب ضغوطات دولية وإسرائيلية على السلطة الوطنية الفلسطينية، بعد عملية (السور الواقي) التي نفذتها إسرائيل في مارس 2002، وفرضت في وقتها حصاراً على مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله.
تم التحفظ على الأخ أبو حازم في سجن أريحا بحراسة أميركية وبريطانية وذلك كونه مطلوباً للاحتلال بتهمة المسؤولية عن محاولة تهريب أسلحة إلى الأراضي الفلسطينية. ومكث الشوبكي في سجن أريحا أربعة أعوام.
وبتاريخ 14/3/2006 اقتحم الجيش الإسرائيلي سجن أريحا وتمكن من اعتقاله، حيث قضت محكمة الاحتلال بسجنه مدة عشرين عاماً، خفضت لاحقاً إلى 17 عاماً.
لقد تعرض الشوبكي منذ لحظة اعتقاله إلى انتهاكات جسيمة ومعاملة لا إنسانية، وأخضع لتحقيق قاسٍ، ولصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، واودع زنازين ضيقة ومعتمة لشهور طويلة، وتنقل معصوب العينين ومكبل اليدين ما بين سجون عدة أبرزها المسكوبية وعسقلان وهداريم إلى أن استقر به الحال مؤخراً في معتقل النقب الصحراوي.
عاش أبو حازم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية حياة آلاف الفلسطينيين المعتقلين من قبل السلطات الإسرائيلية، حيث لم يكن يتوفر لهم الحد الأدنى من الاحتياجات الطبية.
أبا حازم شيخ الأسرى كما كان يحلو لرفاق الأسر أن يطلقوا عليه فهو أكبرهم سناً، حيث بلغ مرحلة متقدمة من العمر.
ومع مرور الزمن اتسع الجرح وتفاقم الوجع فحالته الصحية ازدادت سوءاً وحالته النفسية تأثرت بوفاة زوجته ورحيل رفيقه عمره (أم حازم) في العاشر من كانون الثاني عام 2011م تلك المرأة الفاضلة والمناضلة.

الجنرال العجوز أو شيخ الأسرى كما يطلق عليه الأسرى، رجل تعرفه فلسطين وقائد تشهد له الساحات المختلفة وعلم من أعلام الثورة الفلسطينية واسم لمع في سماء فلسطين فحفظته الأجيال المتعاقبة.
كان مؤمناً برسالة الحركة ومدافعاً عن مبادئها وقيمها وأهدافها وكرس حياته لخدمتها.
كان شاهداً على كثير من المحطات في تاريخنا المعاصر.
عمل بكل جد وإخلاص ليل نهار لبناء مؤسساتنا الوطنية.
أبا حازم شاب شعر رأسه واكتساه اللون الأبيض وهرم قبل أن يرى اللحظة التاريخية التي لطالما حلم بأن يشهدها، وهموم الدهر أثقلت حركته داخل زنزانته، وتقدمه في السن.
عانى من سرطان البروستات وضغط الدم والسكري وجفاف العين والبواسير وضعف عضلة البطن بالإضافة إلى أمراض الشيخوخة المختلفة، وبالرغم من ذلك فأن السلطات الإسرائيلية رفضت الإفراج عنه إلا بعد قضاء فترة حكمه.

* خلال وجوده في السجن أرسل رسالة هذا نصها:-

(اليوم يا سادة وبعد أن تجاوزت الثمانين من العمر ولم يتبقى لدى من العمر إلا أياما معدودات، أود أن أذكركم بأنني قدمت نفسي قرباناً لقضية وطن يرزح تحت نير الاحتلال وكنت الأكثر تضحية في الوقت الذي احتاجني فيه أبنائي واخترت الوطن عن الابن والأهل، وتحاملت على نفسي ورفضت الانصياع للمعتقل من أجلكم).
وخلال وجوده في المعتقل، توفيت زوجته أم حازم.
توفى شقيقه الأكبر المرحوم هندي حجازي الشوبكي (أبو زهير) مسؤول لجنة غزة بالقطاع الغربي، وكيل وزارة الزراعة في عهد السلطة الوطنية.
توفى ابن عمه وزوج أخته اللواء خميس الشوبكي (أبو الوليد).
توفى ابن شقيقه الدكتور محمد هندي حجازي الشوبكي.
وتم الإفراج عنه في شهر آذار عام 2023 ومنذ ذلك التاريخ وهو يعالج من جراء التعذيب والأمراض التي أصيب بها بعد مضي 17 عامًا في السجن.
لقد سجل الأخ أبو حازم في تاريخه صفحة مجد وشرف، هذه الصفحة وهذا السجل الوطني لشعبك الثوري المليء بالبطولات لشهدائنا وجرحانا وأسرانا البواسل.
اللواء أبو حازم قائد فلسطين عصى على الكسر من نمط فريد وصاحب المهام الصعبة.
منذ أيام أدخل إلى المستشفى في رام الله بسبب وضعه الصحي.
عصر يوم الخميس الموافق 19/12/2024 فاضت روحه إلى بارئها بعد أن أعياه المرض عن عمر يناهز 84 عاماً.

رحل بعد حياة حافلة بالعمل الوطني المتواصل، مسيرة نضالية لم يتوان خلالها عن تأدية دوره النضالي والطليعي في الدفاع عن شعبه وحقوقه الوطنية المشروعة.
صباح يوم الجمعة الموافق 20/12/2024 نقل جثمانه الطاهر من المستشفى إلى مقر الرئاسة الفلسطينية الساعة 10.30 صباحاً وسجى في قاعة القائد الراحل أحمد الشقيري، حيث تم إلقاء نظرة الوداع عليه من قبل قيادة حركة "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم تمت الصلاة على جثمانه الطاهر في مسجد العين برام الله وشيع إلى مأواه الأخير في مقبرة البيرة القديمة.
وشارك في مراسم التشييع أعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة "فتح" ورئيس الوزراء وأعضاء من المجلس الثوري وعدد من المحافظين والوزراء وقادة الأجهزة الأمنية وأقارب الفقيد وذويه.
فلسطين تودع أبنها المناضل الكبير اللواء فؤاد حجازي الشوبكي (أبو حازم) بعد مسيرة من العطاء في صفوف الثورة الفلسطينية، كان مناضلاً وطنياً كبيراً، دفع الكثير من حياته من أجل حرية شعبه ووطنه وثورته، كيف لا وهو من سماه رفاقه في الأسر بشيخ الأسرى، حيث كان أكبرهم سناً.
رحل الحبيب أبا حازم إلى مثواه الأخير جنة الفردوس، رحل أبو الفقراء وأبو المساعدات وأبو الغلابة.
فلسطين اليوم حزينة وهي تودع هذا الرمز الوطني الكبير. رحم الله اللواء والأسير المحرر فؤاد حجازي محمد الشوبكي (أبو حازم) وأسكنه فسيح جناته.