فلسطينيون أبرياء بالآلاف، معظمهم أطفال ونساء، تطحنهم حملة الإبادة الدموية الإسرائيلية، ما بين مسننات المقترحات والردود عليها، خلال دوران جولات المفاوضات العقيمة، بين جماعة حماس وحكومة الصهيونية الدينية في إسرائيل، فيكشف المشهد للناظر ببصيرته، تبادل أدوار بين الطرفين، حيث يبادر أحدهما لإنقاذ الآخر، أو منح مبررات وذرائع جديدة، لاستمرار دوامة الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، فمنظومة الاحتلال تستخدم مصطلح "الحرب" للتمويه على جرائم الابادة الجماعية، والتهجير القسري، في أفظع استغلال، لمواقف حماس، التي تهيئ للرأي العام الفلسطيني والعربي زورًا وبهتانًا، امتلاكها  قرار الحرب باسم الشعب الفلسطيني، بأسلحة استراتيجية، ستغير المعادلة على الأرض. ستمكنها من فرض شروطها، كما قال أحدهم الصغير، المستكبر بوهم القيادة: "ما زال لدينا الكثير من الأسلحة الحاسمة لم نستخدمها بعد".

بينما واقع الأمر، أن قادة حماس يضجون مسامع أهل الأرض، وهم يستغيثون، ويهيبون بالمجتمع الدولي للتدخل، ليس لحماية الشعب الفلسطيني، وإنما لإنقاذهم من ورطة السقوط المتسارع منذ (7 أكتوبر) رغم أنهم حتى الساعة، يرفضون الإقرار والاعتراف بالشرعية الدولية، وتسليم قطاع غزة للشرعية الفلسطينية، ويبحثون عمن يكافئهم، على قدرتهم على الخداع، وتوزيع الوهم مجانًا على جماهير ظلت تصدقهم، حتى انكشفوا وبدت سوأتهم، فلغة قادة حماس في العلن وعلى الطاولة، غير لغتهم بين الجدران المكتومة وتحت الطاولة، فهم يفاوضون على ضمان أمنهم وسلامتهم، لذلك يحاولون الرجوع إلى مسلك (آدم بوهلر) مبعوث الرئيس الأميركي ترامب لشؤون الرهائن، حينما باعوه استعدادهم للابتعاد عن المشهد السياسي ظاهريًا، مع استمرار نفوذهم في حكم قطاع غزة، وتسليم سلاحهم، مقابل عدم ملاحقتهم،، وضمان ألا تُصَادَر أموال وثروات حماس المقدرة بمليارات الدولارات، مليارات جمعت بعمليات الاستثمار في دماء ومقدرات الشعب الفلسطيني، والعمل كوكيل وذراع مسلح، لدول قوى إقليمية، على رأسها إيران وجماعة الإخوان المسلمين، ومما نهبوه من مليوني مواطن فلسطيني في قطاع غزة، تحت عناوين (الضرائب) اللا قانونية، منذ انقلابهم الدموي، وسرقة المساعدات الإنسانية وإعادة بيعها للنازحين بأثمان باهظة، فهؤلاء لا يكترثون إلا لمصير ومصالح اعضاء الجماعة، كما قال عضو مكتبهم السياسي محمد نزال: "مال حماس لحماس"، وتأمين قادتها ومسلحيها في الأنفاق، أما ملايين المواطنين المدنيين فليذهبوا لجحيم الإبادة، التي منحوا منظومة الاحتلال ذريعة تنفيذها في يوم الخطيئة والكفر الأعظم بمصالح الشعب الفلسطيني العليا، اليوم المسمى (7 أكتوبر) فهذا نائب رئيس مكتبهم السياسي في الخارج موسى أبو مرزوق، قد أكد: "أن الأنفاق لحماية حماس والمقاومة، أما سكان غزة، وثلثاهم من اللاجئين فهم من مسؤولية دولة الاحتلال اسرائيل، والأمم المتحدة".

ولا عجب من مضيهم بالخداع والتضليل كما لم يفعله قبلهم ضال، ودجال، وكذاب من شعوب وأمم الأرض كافة، فيرددون شعار: "سلاح حماس لحماية الشعب الفلسطيني"، وللتعمية على نواياهم وخططهم المبيتة ينعتونه بمصطلح "سلاح المقاومة" لإخضاع وقهر مليوني مواطن فلسطيني في قطاع غزة، ما زالوا أحياء، نازحين، جوعى، مرضى، جرحى، وكثيرهم دون أطراف، أو عيون، أو باتوا عاجزين عن الحركة، وأطفالاً أيتامًا، ينامون في خيم ممزقة نصبت في ممرات المقابر، يحاصرهم الموت من كل ناحية، وتضيق على أرواحهم وآمالهم آفاق الحياة، حتى أن بعضهم بات يتمنى الموت مرة واحدة، بدلاً من الموت نزوحًا مرات، كل منها أمر وأشد قسوة من سابقتها. وكأن أصوات مئات آلاف الجماهير في القطاع الصارخة: "كفى" و"بدنا نعيش" و"حماس لا تمثلني" و"حماس برا برا" ليست من الشعب الفلسطيني. فعن أي خط أحمر يتحدثون، والخطوط الحمر الأخلاقية والإنسانية والقانونية استبيحت؟ عن أي قداسة لسلاحهم يتحدثون؟ ومن أي عقيدة دينية أو سياسية، استنبطوا قداسة السلاح، ليقدموه ويفضلوه على قداسة نفس الإنسان؟.

فسلاحهم فقد طهارته وشرعيته منذ انقلابهم 2007 بقتلهم مئات المواطنين الفلسطينيين، أما السلاح في المبادئ الوطنية الثابتة، فليس أكثر من مجرد وسيلة وأداة، متلائمة مع الظروف الزمانية والمكانية والموضوعية، أما نفس إنساننا الفلسطيني، سر وجودنا في أرض وطننا (فلسطين) فهي الأقدس، وإحياؤها هو الواجب المقدس. وما عدا ذلك خرط كلام.