بعد صدور كتابه الأول" الدبلوماسية الفلسطينية" الذي صدر عن دار الشروق في رام الله عام 2014، فإن الصديق العزيز الدكتور نبيل الرملاوي وهو دبلوماسي فلسطيني مخضرم ويعتبر واحدا من مؤسسي الدبلوماسية الفلسطينية، يعود ليصدر كتابه الثاني عن دار الشروق ايضا تحت عنوان "أيامي.. وأوراق دبلوماسية" في اثني عشر فصلا تداخلت فيها سيرته الذاتية مع دوره في العمل الوطني الفلسطيني بداية تحت عنوان حزب البعث، اما باقي المسيرة فهو تحت عنوان" فتح" التي جبت ما قبلها وصنعت قيامة الشعب الفلسطيني من جديد.

يسرد لنا نبيل الرملاوي رحلته من يافا التي ولد فيها عام 1937، والتي وصفها خليل السكاكيني الفلسطيني العريق حين قال في كتاب القراءة "بحر يافا ازرق وسماء يافا زرقاء" وبالفعل فان معنى كلمة يافا في اللغة الأرامية التي كان يتحدث بها الفلسطينيون القدامى "الجميلة"، ونبيل الرملاوي من هناك، اخذته النكبة في العام 1948 أولا الى مدينة القنطرة شرق في مصر، اخذته مع عائلته بثياب الصيف اذ كانوا يظنون حين خرجوا من يافا تحت تهديد الموت انها رحلة لن تطول سوى بضعة ايام، وها هي توغل في الزمن وفي العذاب ايضا، ومن القنطرة شرق الى قطاع غزة الى مخيم المغازي الذي بدأ –ويا للغرابة- بخيام سوداء، واقدام عارية للأطفال وهم ذاهبون الى مدارسهم، حيث مقاعدهم الدراسية كانت قطعا من الحجارة التي تمتص برودة الشتاء في الليل لتفرغها في اجسادهم في الصباح، ولقد عشت شخصيا هذه التجربة على بعد كيلومترات قليلة في دير البلح وسط قطاع غزة، حين كانت فصولنا الدراسية عبارة عن خيام تقبعها الريح العاتية متى شاءت، اما مقاعدنا فقد كانت اكياسا مملوءة بالقش.

وفي ذلك الزمن في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات لم يكن امام اللاجئ الفلسطيني الا خيار وحيد الحياة او الموت، وهكذا واصل نبيل الرملاوي حياته فذهب ليعمل في الكويت ليعيل أسرته، ثم عاد ليكمل دراسته الجامعية في المغرب ويعمل هناك في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية ثم في مركز التخطيط الفلسطيني في بيروت، ثم سفيرا لفلسطين في لندن وجنيف، واكتملت لديه خبرة دبلوماسية عالية، سواء الدبلوماسية المتعددة في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أو الدبلوماسية الثنائية.

الرحلة الطويلة لنبيل الرملاوي كما ظهرت في كتابه لا تخلو من المرارات سواء كانت تلك المرارات صناعة عربية او حتى صناعة فلسطينية وهو يمر عللى تلك المرارات بعمق وأدب جم في القسم الثاني من الكتاب الذي يشتمل على اوراقه الدبلوماسية والتي يشرح فيها بعمق لماذا اسرائيل –كما نرى كل يوم– لا تحب التعامل مع الأمم المتحدة مع انها في قلب الأمم المتحدة؟ كما يشرح استراتيجيتها القائمة على محورين:

المحور الأول: منع الأمم المتحدة من اتخاذ أي إجراء عملي من شأنه تعزيز الكيان السياسي والقانوني للشعب الفلسطيني.

المحور الثاني: إطلاق يد إسرائيل لكي تفعل ما تشاء على الأرض وتوفير الحماية اللازمة لها من أميركا حتى لو ارتكبت في ذلك كل انواع الجرائم المحددة في القانون الدولي.

لا غنى عن قراءة هذا الكتاب الجديد، ابحثوا عنه في دار الشروق وسوف تقرأونه بشغف.