بقلم: هدى حبايب

في زاوية بيت متواضع بضاحية شويكة شمال طولكرم، تجلس والدة الشهيد ساهر فاروق جمعة ارحيل، عيناها غارقتان في دموع الحزن والفخر. فقدت ابنها الذي رحل وهو يؤدي واجبه الوطني، لكنها تدرك أن روحه أصبحت جزءاً من حكاية الوطن.

ساهر، ملازم في جهاز أمن الرئاسة، ابن 36 عامًا، لم يكن مجرد جندي يحمل السلاح، بل كان عنواناً للشجاعة والتضحية. حلم منذ طفولته أن يكون جزءاً من القوة التي تحمي الوطن، وفي كل خطوة من حياته كان يؤكد أن الوطن أغلى من الروح.

قبل أسبوعين، زار ساهر عائلته مودعاً إياهم دون أن يدركوا أنها ستكون زيارته الأخيرة.
تقول والدته: "جهز حقيبته والتحق بعمله في جنين. لم أتمكن من التحدث معه كثيراً، لكنه أرسل لي رسالة يخبرني أنه مشغول". بعدها جاء الخبر المؤلم، ساهر استشهد أثناء تأدية واجبه الوطني بعد هجوم غادر على مجموعة من أفراد الأمن قرب مخيم جنين.

تستذكر شقيقته الكبرى رولا اللحظات الأخيرة مع شقيقها. كان ضحوكاً، محباً للحياة، حنوناً على الجميع، وخصوصاً على ابنه الوحيد زياد، ابن 13 عاماً. تقول: "جمعنا في بيت العائلة في إجازته الأخيرة، كان يضحك ويلعب مع الأطفال كأنه يشعر أن هذه اللحظات لن تتكرر".

ورغم مطالبات العائلة له بالزواج مجدداً بعد انفصاله، رفض لأنه كان يرى في زياد مستقبله الذي يسعى لرعايته.

زملاؤه في جهاز أمن الرئاسة يصفونه بالجندي المخلص، الشجاع الذي لم يعرف التردد أو الخوف. كان دائماً في الصفوف الأمامية، مقداماً في مواجهة أي خطر.

على جدار سور المنزل، علقت صورة ساهر، يحيط بها الأطفال، يتحدثون عنه كرمز للوطنية. يرددون اسمه بفخر، ويتحدثون عن الشجاعة التي غرسها في نفوسهم.

ساهر ارحيل لم يكن مجرد اسم في سجل الشهداء، بل قصة بطل خط بدمائه حدود الوطن وحفر مكانه في ذاكرة شعبه للأبد.

وكانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، قد بدأت حملة "حماية وطن"، لفرض الأمن وتطبيق القانون في مخيم جنين في الرابع عشر من الشهر الجاري.

 وتستند الحملة إلى رؤية أمنية وسياسية فلسطينية، لحماية مصالح شعبنا وقضيتنا الوطنية.

يذكر أن الشهيد ارحيل، ارتقى يوم الأحد، أثناء أداء واجبه الوطني، إثر تعرضه وزملاءه لإطلاق نار غادر من قبل الخارجين على القانون في مخيم جنين.