بقلم: زهران معالي

لم يكن يوم أمس، يومًا عاديًا لعائلة المواطن مراد قادوس في قرية عراق بورين جنوب نابلس، فمع ساعات العصر، تسارعت الاتصالات على العائلة حاملة نبأ الفاجعة، باستشهاد نجلها الرقيب أول مهران قادوس، أثناء تأديته الواجب الوطني، برصاص خارجين على القانون في مخيم جنين.

وقادوس الذي غادر منزل العائلة قبل قرابة أربعة أسابيع تلبية لنداء الواجب الوطني، وفق ما تحدث عمه عماد قادوس، أنهى الثانوية العامة قبل ثماني سنوات والتحق بجهاز الشرطة الفلسطينية، وحصل على دورات عسكرية عدة، وعاد ليلتحق بالدراسة الجامعية في تخصص الخدمة الاجتماعية وأنهى دراسته العام الماضي، ويتصف بالتزامه وإخلاصه لعمله.

ويضيف عم الشهيد: أن رصاص الغدر لم يمهل الشهيد قادوس (26 عامًا) لاستكمال حلمه ببناء منزل جديد وعقد قرانه، وحرمه من أشقائه الثلاثة ووالديه، مردفًا: مهران استُشهد في سبيل حماية الوطن والمواطن، ولبى نداء الوطن وخرج لدوامه قبل قرابة أربعة أسابيع لضبط الأمن والأمان في سبيل حماية الوطن، ونحتسبه شهيدًا عند الله.

وفي ساحة مستشفى رفيديا أمام ثلاجة الموتى، بينما كانت جماهير رسمية وشعبية مهيبة بانتظار انطلاق موكب تشييع الشهيد قادوس، اختلطت دموع محمد قادوس بكلمات الوداع الأخير لرفيق الطفولة وجاره الشهيد مهران.

وتحدث قادوس: "مهران زينة شباب البلد، دائم الابتسامة محبوب من أبناء القرية وحسن الخلق، قلبه أبيض، وكان مخلصًا لعمله وحبه للوطن".

يذكر أن الشهيد قادوس هو الشهيد الثاني من الأجهزة الأمنية منذ انطلاق حملة "حماية وطن"، حيث استُشهد زميله الشهيد مساعد أول/ ساهر فاروق جمعة ارحيل مرتب الحرس الرئاسي، يوم الأحد الماضي، أثناء أداء واجبه الوطني، إثر تعرضه مع زملائه لإطلاق نار غادر من قبل الخارجين على القانون في مخيم جنين.

وشيعت جماهير شعبنا بمشاركة شعبية ورسمية بمراسم عسكرية جثمان شهيد الواجب الوطني الرقيب أول قادوس، بجنازة عسكرية من مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس، وصولاً إلى مسقط رأسه في قرية عراق بورين جنوب المدينة، حيث أُلقيت نظرة الوداع الأخيرة عليه بمنزل ذويه، قبل أن يصلى عليه بمدرسة القرية، ثم يوارى الثرى في مقبرتها.

وشهد الموكب حضور المدير العام لجهاز الشرطة الفلسطينية اللواء علام السقا، وقادة ومدراء وممثلي الأجهزة الأمنية في نابلس، وممثلين عن الحرس الرئاسي، إلى جانب عدد من أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح، وأمين سر وكوادر حركة فتح في نابلس، وممثلي المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والفعاليات الوطنية والمجتمعية.

وتقدم محافظ نابلس غسان دغلس بأحر التعازي وصادق المواساة إلى ذوي الشهيد، والمؤسسة الأمنية الفلسطينية، مشدداً على أن هذه التضحيات  لن تذهب هدراً، مؤكداً أن شعبنا الفلسطيني سيظل متمسكاً بمسيرته نحو تحقيق الأمن والاستقرار، وفاءً لدماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن وحماية لأمن شعبنا ومقدراته.