هزت سبع عمليات إرهابية الجمعة الماضي باريس، عاصمة النور، اودت بحياة 129 فرنسيًّا، وجرحت 352 آخرين، وجميعهم أبرياء مسالمون. وسبق ذلك بيوم انفجاران في الضاحية الجنوبية ببيروت العاصمة اللبنانية، أوديا بحياة 43 وجرح 239 من ابناء الشعب اللبناني الابرياء. ومسلسل الارهاب الاسرائيلي اليومي ضد ابناء الشعب الفلسطيني، الذي اودى خلال شهر ونصف الشهر بحياة قرابة التسعين شهيدًا، وما يقرب من التسعة آلاف جريح ومصاب من الاطفال والنساء والشيوخ الابرياء، الذين لم يفعلوا شيئا سوى تجذرهم في ارض وطنهم الام، ومحاولتهم بأبسط وسائل الكفاح السلمي الدفاع عن ذاتهم وهويتهم الوطنية، واعلنوا رفضهم للاحتلال والاستيطان الاستعماري، ونادوا بالحرية والاستقلال والعودة. كما طال الارهاب الاسرائيلي الاميركي التكفيري 224 روسيًّا من الابرياء، بتفجيرهم طائرة الركاب في الحادي والثلاثين من تشرين الاول الماضي.

إذا كما اكدنا سابقا، واكد كل انصار السلام والحرية والنور، أن الارهاب لا دين له، ولا هوية قومية خاصة به، ولا هو تيار فكري بعينه، بل يمكن ان يكون من اتباع كل الاديان والمعتقدات والنظريات الفكرية والانتماءات القومية المتطرفين والعصبويين. الذين لا يقبلون القسمة على الآخر، ويرفضون التسامح مع ابناء الشعوب والقوميات، التي يعيشون بين ظهرانيها، ويلفظون ثقافات بني الانسان. أضف إلى ان المولد الحقيقي للارهاب هو الدول الاستعمارية، بغض النظر عن شكل استعمارها قديما كما الاحتلال الاسرائيلي الجاثم على الارض الفلسطينية منذ نكبة عام 1948 ثم 1967 او حديثا كما تفعل الولايات المتحدة الاميركية في انتهاكها لابسط حقوق الانسان بحق الشعوب الضعيفة والفقيرة من دول العالم الثالث، ويشاركها في خلق المناخ المناسب لولادة الارهاب، الانظمة البوليسية والديكتاتورية، التي تمارس القهر الاجتماعي والسياسي والقانوني على ابناء دولها.

وحتى لا تبقى الشعوب والحكومات تذرف الدموع على ضحايا الارهاب الاسود، وكي لا تختلط الامور على بني الانسان، وتضيع المعايير بين مناهض حقيقي للارهاب ومتألم لمصاب المواطنين الابرياء من شعوب الارض المختلفة الشقيقة والصديقة، على العالم التحديد الدقيق لهوية الارهاب دون مواربة او مهادنة. وتوحيد الجهود الوطنية والقومية والاممية للتصدي لكل متطاول على حرية وحقوق الانسان ايا كانت قوميته او خلفيته الدينية او الطائفية. فالارهاب جذر الارهاب، يكمن في: اولا- الاستعمار بكل اشكاله. ثانيا- التعصب القومي او الديني. ثالثا- التطرف الفكري. رابعا- قهر الانظمة البوليسية والديكتاتورية.

للانتصار على الارهاب مطلوب العمل على: 1- تخليص العالم من كل اشكال الاحتلال، وفي مقدمتها الاحتلال الاسرائيلي، ومنح الشعب العربي الفلسطيني حقوقه الوطنية كاملة غير منقوصة. 2- إلزام الولايات المتحدة ومن لف لفها من دول الغرب الاوروبي بوقف سياساتها العدوانية ضد الشعوب المستضعفة والفقيرة، ووقف تدخلها المباشر وغير المباشر في مصير ومستقبل تلك الشعوب. 3- عزل الانظمة البوليسية كلها، بغض النظر عن ادعاءاتها اللفظية الكاذبة. 4- نبذ ومحاصرة الجماعات المتطرفة، وتجفيف مواردها ومصادر تمويلها؛ لتصفيتها كليا. 5- تعميم ثقافة التسامح، وتعميق الحرية والديمقراطية في اوساط الشعوب، ورفض كل اشكال التمييز العنصري. 6- وقف الحروب البينية بين الدول المختلفة، وحل القضايا الخلافية عبر منبر الامم المتحدة والمنظمات الدولية ذات الصلة. 7- اعتماد سياسة التكافل بين الشعوب الغنية والفقيرة، وتقليص الفوارق بين الطغم المالية وباقي الطبقات والفئات الاجتماعية؛ لبعث عولمة إنسانية مغايرة للعولمة الاميركية المتوحشة.

مرة اخرى كل التضامن مع ابناء الشعوب الشقيقة والصديقة، الذين تعرضوا للعمليات الارهابية، كما نطالب العالم بوقفة شجاعة ضد الارهاب الصهيوني المنفلت من عقاله، الذي استباح شعبنا، ونحذر القيادة الفرنسية من مغبة التساوق مع رقص نتنياهو القاتل على الجراح الفلسطينية.