لقاء الرئيس باراك اوباما أمس في البيت الأبيض مع بنيامين نتنياهو، يبدو انه: اولا اللقاء الأخير بينهما، مع ان الادارة الاميركية، التي ألحت على عقدها؛ ثانيا طي صفحة التسوية السياسية لعامين قادمين على أقل تقدير، إن بقيت موازين القوى، كما هي عليه الآن؛ ثالثا مناقشة التسهيلات المتاحة من وجهة نظر الحكومة الاسرائيلية للفلسطينيين؛ رابعا البحث في العمولة، التي تستحقها حكومة نتنياهو مقابل التوقيع على إتفاق 5+1 وإيران؛ خامسا البحث في ملفات اقليمية خاصة الملف المصري؛ سادسا خارج دائرة اللقاء، استثمار الزيارة لزيادة الاستقطاب لاعضاء المجلسين (النواب والشيوخ) في دعم إسرائيل، والتحريض على الفلسطينيين عموما والرئيس محمود عباس خصوصا.

باختصار، توجه رئيس الائتلاف الاسرائيلي الحاكم لواشنطن، ليس شوقا ولا حبا بالرئيس اوباما، ولا العكس صحيح، لان حبل الود غير موجود، لكنها زيارة تدارس العديد من القضايا في المنطقة، أضف إلى انها، زيارة حصاد نتائج الموقف الاسرائيلي، الذي قاده نتنياهو طيلة العامين الماضين ضد الاتفاق الايراني مع الاقطاب الدائمة في مجلس الامن زائد المانيا حول الملف النووي.

وكان يوسي كوهين، رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي التقى الخميس الماضي مع نظيرته الاميركية، سوزان رايس، وسبقه موشي يعلون، وزير الحرب الذي عقد جلسة محادثات مع نده الاميركي، كارتر، كما زار رئيس الاركان الاميركي إسرائيل وتباحث مع إزينكوت في الاحتياجات الامنية والعسكرية الاسرائيلية. وكل تلك اللقاءات الاميركية الاسرائيلية، كانت التمهيد لزيارة السمسار الكبير، نتنياهو، الذي يطمح لحصد اكبر عمولة في تاريخ إسرائيل.

ووفق المعلومات الاعلامية المتداولة من المصادر الاسرائيلية والاميركية على حد سواء، فإن إسرائيل تود الحصول على خمسين مليار دولار خلال العقد القادم بمعدل خمسة مليارات كل سنة، والحصول على طائرات F15 وF35 وغيرها من الأسلحة المتطورة، بما يخدم إدامة التفوق الاسرائيلي على دول الشرق الأوسط عموما والعرب خصوصا، لا سيما وان قادة اميركا المتعاقبين، تعهدوا للاسرائيليين بذلك.

اما موضوع التسوية، فحسمه الاميركيون، عندما اعلن اوباما ووزير خارجيته شخصيا، والناطقون باسم المؤسسات التنفيذية الرسمية، بان الظروف لا تسمح بأي حراك سياسي جدي. لذا طلبوا من رئيس وزراء إسرائيل، القدوم بمجموعة من التسهيلات الاقتصادية، التي دعا لها كيري في خطابه في معهد كارنغي، لذر الرماد في عيون القيادة الفلسطينية، التي يجري العمل على تهميشها ومحاصرتها كمقدمة لما هو اخطر، حيث يجري التحضير والتلميع للبدائل.

وحسب المعلن في وسائل الاعلام، فإن التسهيلات، التي يحملها زعيم الائتلاف الحاكم في إسرائيل، تسهيلات تافهة، ولا ترق للاستجابة للحد الادني من مصالح الفلسطينيين: إزالة بعض الحواجز، تسهيل حركة الفلسطينيين بين المدن، منح بعض المشاريع الاستثمارية التراخيص لاقامتها في المنطقة C، مع ان القيادة السياسية، لا ترفض من حيث المبدأ الحصول على اية مكاسب لصالح الشعب حتى لو كانت لوجستية، لحين تغير موازين القوى، لانها  تتعامل مع اشتراطات الواقع بحكمة ومن دون تطير او مراهقة.  إلا انها ترفض من حيث المبدأ الحل الاقتصادي او اية تجزئة للحل السياسي. ولم ينطلِ عليها (القيادة) بعض التصريحات الوهمية، التي يطلقها الاميركيون بين الفينة والاخرى، ويدعون فيها، انهم "يفضلون" خيار حل الدولتين؟ 

انطلاقا مما تقدم، الشعب والقيادة الفلسطينية، أمام سنوات عجاف جديدة، ما لم تحدث تحولات دراماتيكية على اي مستوى، لا يمكن الرهان على حدوث حراك جدي لدفع التسوية السياسية للامام. السيناريو الأكثر قربا من الواقع، هو بعض التسهيلات الاقتصادية الشكلية، لا اكثر ولا اقل. بسبب الاستعصاء والرفض الاسرائيلي لخيار التسوية، والتساوق الاميركي، واللامبالاة العربية، والحيرة والارباك الفلسطيني. مع ذلك ستبقى عملية تصعيد الهبة الشعبية، احد الخيارات الامثل، لحماية الرأس الفلسطينية من المخطط الاسرائيلي الاميركي.