خاص مجلة القدس/تحقيق: وليـد درباس

تنفـرد السّاحة الفلسطينية بخاصية تعدُّد ألـوان الطيف السياسي، ولكن وإن تعدَّدت الآراء وتباينت المواقف من وقت لآخـر، بل حتى وإن غـرّد البعض حيناً خارج السرب، تبقى الوجهة من اجل فلسطين. وخطاب الرئيس "محمود عباس" في الامم المتحدة بنيويورك مؤخّـراً يأتي بذات الوجهة وفي سبيل الذود عن أبناء الشعب الفلسطيني وحقهم بالحرية والاستقلال. ومن هنا حملَت مجلة القدس بجعبتها أسئلةً حول قراءة خطاب الرئيس محمود عباس بالأمم المتحدة ودلالة رفع العلم الفلسطيني في مقر الشرعية الدولية في نيويورك في محاولة منها لاستطلاع مختلف الآراء والمواقف حول ذلك.


عضو قيادة "م.ت.ف" في الساحة اللبنانية "آمنة سليمان"
"لقـد أجمع الكثيرون على كون خطاب سيادة الرئيس "أبو مازن" خطاباً إنسانياً عاقلاً وسياسياً بامتياز ينم عن حكمة وحنكة ودراية وفهم حقيقي للواقع الذي تعيشه القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها وتعقيداتها.
تضمّن خطاب الرئيس الممارسات الإسرائيلية الهمجية التي ما زالت مستمرة منذ نشأة هذا الكيان العنصري الاحتلالي من قتل وتنكيل، واعدامات ميدانية وحرق الأطفال والعائلات من الشهيد محمد أبو خضير الى عائلة الدوابشة، وتوسيع الاستيطان وقطع الشجر واعتقال المناضلين الذين يقبعون في الزنازين الإسرائيلية منذ عشرات السنين، وتهويد القدس وتغيير معالمها، وسحب هويات المقدسيين ونسف بيوتهم، في محاولة لقتل كل أوجه حياة الفلسطينيين وتدمير أرزقاهـم.
ومن هنا فإن هذا الخطاب يشكّل فرصة سانحة لإعادة استنهاض الموقف الدولي وقراءة الواقع التاريخي للشعب الفلسطيني وحقه في الحياة في دولة حرة مستقلة وعاصمتها القدس بناءَ لقرارات الشرعية الدولية".
وتضيف عضو المجلس الثوري لحركة "فتـح": "لقد اشار الرئيس بخطابه إلى ان فلسطين بشعبها وقيادتها الوطنية التي قادت النضال منذ اكثر من نصف قرن لم تفقد الخيارات، ولم تعرف المساومة والهزيمة والتردد، وهي متمسّكة بإرثها النضالي وثوابتها الوطنية وبدم شهدائها، ومعاناة أسراها الذين يؤكدون ثباتهم على مبادئهم ووفاءهم الفلسطيني وإيمانهم الراسخ بعدالة قضيتهم وبأنهم على العهد والوعـد والقسم مستمرون".
وتزيد "إن تأكيد سيادة الرئيس على ان مضمون الخطاب هو مطلب البرلمان الفلسطيني وعموم شعبنا وبأن اللجنة التنفيذية هي حكومة فلسطين لهو مؤشر واضح على وحدة الشعب الفلسطيني بكل قواه المناضلة والمؤثّرة مما يقطع الطريق على مطلقي الشعارات والخطابات الاستهلاكية المشكّكة بصدقية  الخطاب، هـذا بالإضافة لتأكيد الرئيس بأن كل الاتفاقات الموقّعة مع إسرائيل لن تكون مُلزِمة للفلسطينيين طالما أنها لم تلتزم بتنفيذها، لأن إسرائيل ما زالت تعدُّ نفسها دولة فوق القانون ضاربة بعرض الحائط كافة قرارات الشرعية الدولية، كما يؤكّد الرئيس أن خيارنا الدائـم أن نكون مع أهلنا وأبنائنا وان ندافع بكل ما نملك وبكل الأشكال المتاحة لتحقيق أهداف شعبنا المشروعة".
وتختم رئيسة فرع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في لبنان بالقول: "إن رفع العلم الفلسطيني على مباني الأمم المتحدة لم يكن مجرد قطعة قماش كما رأى بعض المشككين والمحرضين، بل هو عنوان الشعوب وكرامتها، وهو تعبير واعتراف سياسي وقانوني ودولي. ورفع هذا العلم جاء نتيجة أثمان كبيرة من دم الشهداء والأسرى والجرحى ومعاناة شعب بأكمله، وما الهبة الفلسطينية الجماهيرية في كل أنحاء فلسطين إلا رد حقيقي وواقعي للدفاع عن الحق الفلسطيني، وبعد عشرين عاماً من المفاوضات العبثية لم يعُدْ هناك أمام الشعب الفلسطيني إلا المقاومة الشعبية لدحر الاحتلال ومواجهة قطعان المستوطنين وإنهاء الانقسام، وتصويب نضالنا الوطني ضد العدو الصهيوني لتحقيق أهدافنا في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
عضو المجلس الثوري لحركة "فتـح" جمال قشمر
"يُدرَج رفع العلم الفلسطيني بسياق الحراك السياسي الفلسطيني وما لاقه الفلسطينيون من حملات التأييد والدعم بالعديد من المستويات ومنها الدولية، وبذات الوقت هـو انجاز يُسجَل للتضحيات الجِسام من شهداء وجرحى وأسرى بالسجون في سبيل الحرية والاستقلال ويعـزّز مكانة فلسطين في العالم.
خطاب الرئيس ابو مازن بمناسبة رفع العلم الفلسطيني له ما قبله وله ما بعـده ويأتي في سياق الاستراتيجية الفلسطينية، ويهدف لرفع مستوى اعتراف الشرعية الدولية بفلسطين من دولة عضو مراقب لدولة كاملة العضوية، والانتساب إلى المؤسسات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية.
ولا شك أن خطاب الرئيس قدّم شـرحاً لواقع الحال، فقبولنا بـ 22%من أرضنا التاريخية لا يعني رضوخنا كفلسطينيين للضغوطات، واسرائيل ومستوطنوها ماضون بسياسات المضايقات والتهويد والاستيطان والتعدي على المسجد الاقصى وأجزاء من القدس، لدفع الفلسطينيين لمغادرة أرضهم من جهة، ولتحويل فلسطين لمجموعة من المعازل والكانتونات المنفصلة المتساوقة مع طروحاتها بالترويج للدولة ذات الحدود المؤقتـة من جهه اخرى، والنتيجـة واحـدة وهي "اسـقاط حـل الدولتين".
 من جهتنا سقوط حلم الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة على اراضي العام 1967 هو بمثابة نكبة جديدة، والـسؤال المنطقي ماذا نفعل؟!".
ويوضح "الرئيس صرّح بخطابه بوضوح وبدون لبس "نحـن شعب غاضبٌ.. لن نسمحَ بنكبة جديدة، وأنّ 77% من أبناء الشعب الفلسطيني دون الخامسة والثلاثين من العمر لم يعاصروا النكبة الأولى لكنّهم عاشوا تبعاتها من الأهوال ولـن يسمحوا بحدوث نكبة جديدة، وعطفاً عليه فإنَّ حالة الغضب التي شهدها الشارع الفلسطيني بعد الخطاب مؤشـر لوقوف الرئيس والقيادة الفلسطينية على نبض الشارع ودلالة لوجود علاقة جدلية تجمع مابين موقف الرئيس والقيادة والشارع الفلسطيني.
وبالتالي يمثّل خطاب الرئيس عباس اعلان بـدء مرحلة جديدة في الكفاح الفلسطيني، ويعيد الأمور إلى نصابها، بمعنى أن الاتفاقات من طرفين، وحين يتحلّل الاسرائيلي من التزاماته فبإمكاننا التحلُّل نحـن من التزاماتنا أيضاً، وخياراتنا بالمواجهة من خلال المقاومة الشعبية حق طبيعي تكفله المواثيق الدولية، وتتّسع المقاومة الشعبية لمشاركة أبناء الشعب الفلسطيني وكافة القوى الفلسطينية ولن تتوقّف بحدود الضفة وغـزة والقدس بل هي تطال أهلنا كما نلاحـظ هـذه الايام في أراضي العام 1948. وللمقاومة الشعبية قوة تأثير وفاعلية كبيرة وهي تلاقي الدعم والتأييد بأوساط الرأي العالمي خاصة الغربي منه، وحاجتنا لـه ضرورية وملحة وهـو جـزء من معركتنا دفع مؤخّراً برلمانات بعض الدول للاعتراف بدولة فلسطين، فيجب استقطابه وتجييره لصالحنا، لذا نرفض أسلوب العسكرة وعلينا الحرص على انتهاج اساليب المقاومة الشعبيه اياها".
ويختم قشمر بالتنويه إلى أن الرئيس محمود عباس بخطابه تنبّه للأحداث التي تشهدها بعض الدول العربية وانشغال الاخوة العرب بقضايا دولهم الداخلية، وتحاشى تحميلهم  المزيد من المسؤوليات الواجبة تجاه الفلسطينين بالوفاء بالالتزامات المعهودة والمقرَّة بجامعة الدول العربية ومنها المالية والاقتصادية والمعنوية وغيرها، "لكننا نقول"، والحديث لقشمر، "مطلوب من المجموعة العربية في الامم المتحدة مساندة الفلسطينين بطروحاتهم ودعم مطالبهم بالحصول على الحماية الدولية والوقوف بحزم لجانب المبادرة الفرنسية بتوفير الحماية للمسجد الاقصى والقدس، باعتبارها مقدمة يمكن البناء عليها وتعميمها بحال حصولها على المصادقة الأممية عليها".
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين خالد يونس
"نعتبر رفـع العلم الفلسطيني في مقـر الامم المتحدة بنيويورك وما يتبعها من مقرات بالعالم انتصاراً للشعب الفلسطيني ولشهدائه وأسراه بالسجون الاسرائيلية، ونتمنى تتويجه بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة العام 1967 وعاصمتها القدس.
وبالنسبة لخطاب الرئيس محمود عباس فقد كان جيّـداً، متشدّداً، رفـع السقف بالشكل والمضمون، وحمّل المجتمع الدولي مسؤولية وقوفه على الحياد تجاه العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وأيضاً وصول مسيرة التسوية إلى طريق مسـدود"، ويضيف "حبّـذا لـو طُبِّقت قـرارات المجلس المركزي وفي مقدّمها وقف التنسيق الأمني، والتنصُّل التدريجي من اتفاقية اوسلو بما فيها من قيود سياسية واقتصادية- خاصةً أنها حظيت بمصادقة كافة الفصائل الفلسطينية-  وتُوِّجـت لاحقاً بخطاب الرئيس عندها لكان وقع الخطاب أقـوى وأعطى الحركة السياسية الفلسطينية بالأمم المتحدة ديناميكية أعلى، لأن الناس تريد رؤية ولمس شيء على الأرض".
ويضيف مسؤول الجبهة الديمقراطية السياسي والتنظيمي في الجنوب "نحن كجبهة ديمقراطية لسنا ضد المفاوضات، فالشعوب عادة تناضل في سبيل الحرية والاستقلال وتُفاوِض، لكنها بذات الوقت تُقاتل بسبب حاجتها لوسيلة ضغـط لطرد الاستعمار العسكري..فكيف إذا كان الفلسطينيون يواجهون استعماراً استيطانياً قائمـاً على طـرد شعـب واحـلال آخـر مكانـه!
إنَّ الجبهة تُطالب وبشكل مستمر إطار القيادة الموحـّدة بالاجتماع على قاعـدة تطبيق قرارات المجلس المركزي وإنهاء الإنقسام وتوحيد الصف الفلسطيني وتقييم التجربـة بـدءاً من أوسـلو ولحينه. فإذا كان هناك جـدوى من المفاوضات فلنفاوض وإلا فلنبحث عن بـدائل ونحدد ماهية الاستراتيجية الجديدة في المواجهة وحيث لا بـد من المقاومـة الشعبية بأشكالها ووسائلها المتعددة وعدم حصرها بشكل دون سـواه، وبالجانب الآخـر القيام بحركـة دبلوماسية فلسطينية نشيطـة".
عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "عبـدالله الدنان"
"معركتنا مع العدو الصهوني في سبيل نيل الحرية والاستقلال على أرضنا هي معركة شاملة وبكافة الميادين وهـو ما أشار إليه الرئيس الشهيد ابوعمار بمقولته (عظمة هذه الثورة أنها ليست بندقية فقط وإنما هي بندقية ثائر وريشـة رسـّام ومبضع جـراّح...)، وهي تتطلّب برأينا ممارسـة كافة أشكال النضال بـدءاً من الدبلوماسي مروراً بالقانون الدولي ورمي الحجر واستخدام السكين ووصولاً حتى البندقية المقاومـة.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس عـرّى بخطابـه ادعاءات اسرائيل برغبتها بالسلام وعدم التزامها المعاهدات والاتفاقيات، وأوضح مـدى خرقها للقانون الدولي ومعايير حقوق الانسان"، ويضيف الدنان "الخروقات الاسرائيلية على مدار 22 عاماً من زمن التفاوض أكثر من أن تُعـدَّ وتُحصى، وما قاله الرئيس ليس سـوى جزء يسير، والخروقات بزمن أوسلـو تعدّت بكثيـر ما قبله، فالاستيطان على قدم وسـاق، إضافةً لبناء الجدار العنصري، وطرد الفلسطينيين من القدس، والتهويد والتعديات اليومية على المقدسات"، ولحينـه ما زالـت القضايا الأساسية ذات الصلة المباشرة بالحقوق الفلسطينية كاللاجئين والحدود والاستيطان، والمياه والقدس مؤجلـة، وأيـان يحين وقتها؟".
ويكمل الدنان فيقول: "الرئيس ابو عمـار صمدَ بوجه الضغوطات ورفض التنازل عن القضايا الأساسية وفي مقدّمها قضيتا اللاجئين والقدس، وأرسى ثوابت محددة وإن قضى دونها شهيداً، والسلطة الوطنية الفلسطينية تتعرّض للضغوطات وكذلك الرئيس ابو مازن ومن الراعي غير العادل للمفاوضات، واسرائيل لا تلتزم، وكنا نتمنى أن يُضمّنَ الرئيس خطابـه إعلاناً بانتهاء أوسلو خاصةً أننا كفلسطينيين نحن من يدفـع كُلفة الاحتلال".
ويردف الدنان"الأولوية اليوم هي أن نتوحـّد ميدانياً بالساحات في مواجهة العدو الاسرائيلي، فيكون كتف الفصيل هذا أو ذاك إلى جانب كتف أبناء الشعب الفلسطيني ومعاً يواجهون جنود الاحتلال ومستوطنيه الصهاينة، ويستشهد بمفاعيل انتفاضة الوطن العام 1987 التي أعادت اللُّحمة لصفوف المقاومة المنقسمة ابان حرب المخيمات في لبنان آنـذاك".
من ناحية أخرى يؤكّـد ان الشعب الفلسطيني ضاق ذرعـاً بالممارسات الإسرائيلية ولم يعد من أفـق وأمـل بالحرية من خلال المفاوضات، لافتاً إلى أن محاولات فرض اسرائيل لمشروعها بالتقسيم الزماني والمكاني للأقصى مؤخّـراً أثار حفيظة الفلسطينيين ومـس مشاعرهم الدينية والإسلامية ووضعهم في مواجهة تحديات استدعت ردات فعل كبيرة بأوساط الشباب، مضيفاً "هؤلاء الشباب الذين لم يتكوّن لديهم وعي سياسي كبير لكنهم يتحلون بما هو أكبر مما لدى العديد من القيادات السياسية او الفصائلية، وهو أنهم اصحاب حق ولديهم الايمان الكامل بهذا الحق وهو بحد ذاته ما يُديم الصراع مع العدو حتى النصر والحرية وان تخلّف البعض، ولا شك أن خطاب الرئيس عباس سـاهم بشكل أو بآخـر وبهذه الدرجة أو تلك بتأجيج روح المقاومة الشعبية بأوساط المنتفضين".
ويختـم بالقول: "لقد شكّل رفـع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة محطة مهمة بتاريخنا وعربون وفاء للتضحيات ولقوافل طويلة من الشهداء أمثال جمجوم وحجازي والقسام وابو عمار وابو علي مصطفى وكنفاني وياسين وكافة شهداء الثورة الفلسطينية".
الكاتب والمؤرّخ بمؤسّسة الدراسات الفلسطينية "مـاهـر الشـريـف"
"بدايةً لا بد من الوقوف أمام استخلاصات سياسية ثلاثة، الأول أن اتفاق أوسلو كان وهماً فلسطينياً وإعادة تنظيم للاحلال إسرائيلياً، والثاني أنه قد بات واضحاً اليوم أن الشعب الفلسطيني لا يملك شريكاً يصنع السلام معه، والمعضلة هنا لا تتعلّق بالمؤسسة الحاكمة في إسرائيل فحسب، بل تتعلّق كذلك بالمجتمع الإسرائيلي الذي يتحوّل بصورة مستمرة نحو مواقع اليمين القومي والديني المتطرف، والثالث: ثبوت فشل الاستراتيجية الفلسطينية التي استندت إلى المفاوضات المباشرة، برعاية أمريكية، كخيار رئيس، الأمر الـذي فرض على الفلسطينيين بلورة استراتيجية كفاحية بديلة.
لقد سلّم الرئيس عباس في خطابه بأن إسرائيل قد أوصلت "اتفاق أوسلو" إلى طريق مسدود، بيدَ أن هذا التسليم بقي مُلتبِساً، الأمر الذي دفع بعض المراقبين إلى الاستخلاص بأن الخطاب وضع أمام المجتمع الدولي "قنبلة سياسية" لكنه أرجأ سحب صاعق تفجيرها، فربط استمرار التزام الفلسطينيين بالاتفاق بالتزام إسرائيل الذي لا معنى له بعد عقدين من الزمن حيث ثبت أن حكومات إسرائيل المتعاقبة قد ضربت هذا الاتفاق بعرض الحائط، الأمـر الـذي حـوّل السلطة الوطنية الفلسطينية – وكما جاء في الخطاب - "إلى سلطة شكلية بدون سلطات حقيقية.
لذا فقيام الرئيس بإهالة التراب على "اتفاق أوسلو"، سيضفي معنى على قوله: (إن الشعب الفلسطيني يعلق الآمال على هيئة الأمم المتحدة لتمكينه من نيل حريته واستقلاله وسيادته)، ويعزّز مطالبته بأن تقوم هذه الهيئة بتأمين حماية دولية للشعب الفلسطيني وبسط ولايتها السياسية والقانونية على أراضي الدولة الفلسطينية الخاضعة للاحتلال بناءً على قرار الجمعية العامة رقم 19/67 لعام 2012 الخاص بالاعتراف بدولة فلسطين.
طبعاً، فإن إهالة التراب على "اتفاق أوسلو"، سيطرح على بساط البحث مستقبل السلطة الوطنية التي سيكون للإعلان عن حلها تداعيات كبيرة. لكن ألا يمكن في حال أصبحت هيئة الأمم المتحدة مسؤولة عن مصير الدولة الفلسطينية المحتلة أن تبقى السلطة الشكلية كما هو واقعها الحقيقي اليوم، وتكون اللجنة التنفيذية لـ"م.ت.ف" الحكومة المؤقتة لدولة فلسطين، ويكون المجلس الوطني الفلسطيني برلمانها، كما أشار إلى ذلك الخطاب؟
إن إسرائيل، في وضعها الحالي لن تقبل بشروط السلام العادل ما لم يُفرَض عليها، ومن هنا أهمية تدويل القضية الفلسطينية. بيـد أن هذا التدويل وخاصة في ظل انشغال القوى الكبرى بهموم في المنطقة غير الهم الفلسطيني، لن يكون ذا جـدوى ما لم ينجح الشعب الفلسطيني في تجميع عناصر القوة اللازمة، التي تسمح له بتوفير مقومات صموده فوق أرضه، وترتيب بيته الداخلي وتوسيع مقاومته الشعبية للاحتلال".