بعد حصيلة غزوة غزة لحكومة التوافق التي افشلتها حركة حماس لم أشأ التدخل في الشؤون الانقسامية التصالحية, ولا في اي شأن انقسامي خلافي خلف خلاف داخلي باعتبار اننا سنظل مختلفين حتى لو اختلفت الأسباب المختلفة، فالفلسطيني صار له طبع مستحدث وهو الاختلاف أولا ثم البحث عن السبب، وهكذا عندما حاولت وزميلي عدلي صادق على فنجان قهوته في منزله صباح أمس الولوج الى مجامر الأزمة الفلسطينية تراجعنا عن الخوض في الأمر واتفقنا حسب اقتراحه على اصدار بيان مشترك من كلمة واحدة وهو أول بيان بلا ديباجة وبلا مقدمة ولا متن وبلا عجز .
وعند انتقالي الى مقهى رام الله كانت جمهرة المثقفين تناقش كل الأمور. . التوافق الذي فشل وتم افشاله. . والفرحة التي لم تتم. . والانقسام الذي يترسخ وضريبة التكافل الشبيهة بالخاوة.. ثم الى العقدة الحوثية ثم اليرموكية ثم رياح السموم التي تهب على مخيم عين الحلوة الذي تتربص بأبنائه ذئاب فصائلية وجماعات ومخابرات لالحاقه بركب المخيمات البائدة، ولم أنبس ببنت شفة حتى لا اختلف مع أحد.
لكن الفلسطيني يجد خلافا في الهواء وينحاز لثاني أكسيد الكربون فيما ينحاز زميله الى الأوكسجين. . وهكذا يندلع المعمعان بين نسل عدنان وقحطان، ولأن جهاز السامسونغ خاصتي سقط مغشيا عليه قبل أيام فقد صرت استخدم جهاز آي فون لابني لأن وكيل سامسونغ طلب 800 شيقل كتصليح، فقال زميل خليك على السام وقال آخر خليك على الآي لأن الاندرويد أسهل وهو الشائع أما الآي فهو معقد. . فتدخل آخر وقال الآي افضل. . وقال آخر لا السام أسهل. . فشعرت بأننا مقبلون على انقسام بين جماعة السامسونغ وجماعة الآي فون وبالصدفة قرأت خبرا على النت عن طوشة بين اميركيين في مدينة تلسا اسفرت عن نقلهما الى المستشفى بسبب خلاف حول اي الهواتف الذكية افضل هل هو االآي فون ام الأندرويد فاختلفا الغبيان حول ذكاء الموبايل, فانسحبت من نقاش الزملاء بسرعة حتى لا أشهد معركة انقسام جديدة، لأن خلافاتنا تبدأ هكذا من أشياء تافهة ثم يجري تضخيمها فتصبح وطنية مصيرية اذ انني ذات يوم شهدت معركة بين اثنين لأن احدهما قال ان غدا سيكون ممطرا فقال آخر لا. . المطر سيكون الاربعاء. . وتصايحا وتباطحا وتضاربا ثم جاءت فزعة لكل منهما في موقف السيارات حتى تم حل الاشكال ببوس اللحى، ولما عرف الفزاعون سبب الطوشة شعروا بالخجل وهم ينسحبون.