عشية الذكرى التاسعة والخمسين لاستقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي، التي حلت بالأمس، وبعد خروج تونس الحرة الديمقراطية من تحت جناح حركة النهضة الاخوانية وحلفائها بالتفافها حول القوى الوطنية والديمقراطية بزعامة الرئيس الباجي قائد سبسي، شاءت قوى الارهاب الأسود، التي فتحت قوى التكفير الاسلاموية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين، ان تعيد عجلة النهوض التونسية للوراء، فقامت مجموعة مارقة بالهجوم على متحف باردو، الذي كان يعج بالسياح من كل الجنسيات، بهدف ارتكاب مجزرة بحق الدولة والشرعية الجديدة والسياح على حد سواء. غير ان تنبه الحكومة للأخطار الارهابية، جعلها تتعاطى بقوة وردع حاسم لقطع الطريق على المخطط الارهابي، الذي وضع عدة مدن تونسية سياحية على جدول جرائمه، ما نتج عن ذلك سقوط 22 ضحية و47 بجروح، جلهم من السياح الاجانب ومنفذي الجريمة الارهابية ورجلي أمن.
استهداف متحف باردو، الذي يقع في مدينة باردو التونسية، التي تبعد 4 كم عن العاصمة تونس، لم يكن بمحض الصدفة، بل وفق تخطيط مدروس، لا سيما وان المتحف، يعتبر ثاني متحف في العالم بالنسبة لفن الفسيفساء الرومانية بعد متحف زيوغما التركي. ويضم في جنباته آلاف اللوحات الفسيفسائية، التي يعود تاريخها للقرن الثاني قبل الميلاد حتى القرن السادس بعد الميلاد، وبالتالي اراد الارهابيان ومن يقف خلفهما اولا تدمير الآثار التاريخية، وضرب القيمة والأهمية التاريخية للمتحف المذكور، الذي تم انشاؤه عام 1888؛ ثانيا ضرب هيبة الدولة والحكومة، لا سيما وان المتحف مجاور لمبنى البرلمان، الذي كانت ست لجان بما فيها لجنة الدفاع تناقش قضايا تطوير عمل المؤسسات الحكومية المختلفة. وايضا هناك عدد من مؤسسات الحكومة الرئيسية؛ ثالثا ضرب ركائز الاقتصاد الوطني التونسي، الذي تحتل السياحة نصيبا رئيسيا في مكوناته، وتبلغ حصتها وفق المعطيات 60%؛ رابعا ارسال رسالة للقوى الديمقراطية والوطنية عموما، ان لا استقرار في تونس في ظل حكومة تعمل وفق المعايير الديمقراطية؛ خامسا دفع تونس المتعافية إلى دوامة العنف والارهاب والحرب الأهلية، لتمزيقها أسوة بليبيا وغيرها من دول "الربيع العربي"، التي تفشت في اوساطها الجماعات الارهابية
غير ان تونس، التي أعادت الاعتبار للثورات العربية من خلال تجربتها الديمقراطية، وملاحقة قواها حتى في ظل حكم الترويكا الاخوانية ومن لف لفها القتلة الارهابيين، كانت بالمرصاد للارهابيين الجبناء ومن يقف خلفهم، ومن يغذيهم ويدعمهم، ويقدم الخدمات اللوجستية لهم من دول الجوار العربي أو دول الاقليم او العالم. تونس بقيادة الباجي قائد السبسي وحكومته بقيادة الصيد، كانت وفية لمنطلقاتها الديمقراطية، وحريصة على حماية المجتمع المدني، وأمينة على تراث النظام، الذي أصل له الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، والمعنية ببناء مستقبل مشرق لتونس الثورة، وحاملة راية النهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتحقيق اهداف الثورة، لم تهادن القتلة، ولم تعطهم فرصة تحقيق اي مكسب شكلي، لأنها ارادت ان تؤكد لكل العالم، ان تونس بخير، ولن تسمح للارهاب المتربص بها، ان يمد جذوره في التربة الوطنية، والبلد كان وسيبقى منارة للسياحة والتعايش الامن. 
في الذكرى التاسعة والخمسين للاستقلال تونس تؤكد انتصارها لحريتها وديمقراطيتها وسلمها الأهلي ونهوضها الاقتصادي، لبناء مستقبل واعد لكل التونسيين، ولتشكل بريادتها منارة للاشقاء العرب ولدول العالم اجمع. مبروك لتونس ذكرى الاستقلال، ومبروك لها سحقها الارهارب ومخططه الاجرامي.