قناة "الجزيرة" قناة إعلامية غير مهنية، فهي لا تنقل الحقيقة بل تزورها بما يخدم أجندتها، وتقوم بالتدخل بالشؤون الداخلية للدول، وفي فلسطين كانت هناك استباحة في التدخل، بمعنى تستميت في دعم حماس بكافة الأشكال، وتقف بطريقة عدوانية ضد فتح، ومنظمة التحرير الفلسطينية وكل ما هو وطني فلسطيني، وهي مع انفصال قطاع غزة ما دامت حماس تسيطر عليه، وهذا بالتأكيد ليس عملاً إعلاميًا مهنيًا.
وعندما نعود لفترة الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006، نتذكر أن الجزيرة تدخلت وبشكل سافر ودعمت حماس علنًا بالتقارير والأخبار، ودست السم في تقاريرها التي تتعلق بفتح والسلطة الوطنية. ولعبت دورًا في أن تكون النتيجة كما جاءت عليه، وبعد ذلك واصلت دعم حماس حتى بعد انقلابها العسكري والدموي في قطاع غزة وعملت على الانقسام وتعميقه. وكانت تجاهر بأنها نصير حماس ضد فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية.
وإذا وسعنا دائرة البيكار قليلاً، سنلاحظ بأنها لا تخفي دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، وهذا الدعم يمثل هوية القناة الفعلية. وهي تدعم وبشكل أقل حركات الإسلام السياسي الأخرى في تغطيتها الإعلامية، وكان هذا التوجه أكثر وضوحًا خلال ما يسمى بثورات الربيع العربي في بداية العقد الثاني من القرن الحالي.
وكان بإمكان المتتبع أن يكتشف ببساطة دور الجزيرة في تفتيت الدول العربية وتقسيمها ونشر الفوضى فيها، وتعزيز النهج الإسلاموي على حساب الهويات الوطنية والقومية للشعوب العربية.
وإذا ذهبنا إلى زمن أبعد قليلاً من "الربيع العربي"، فإن قناة الجزيرة كانت تعمل بشكل منهجي على تعميق الانقسام الفلسطيني، وتقوم بحملة منظمة لإطالة هذا الانقسام ودعم هيمنة حماس على قطاع غزة، والجزيرة غذت شعبيتها في الشارع العربي على حساب الدم الفلسطيني، واستخدمت رصيدها لتنفيذ أجندتها في عموم المنطقة العربية لتعزيز تيارات الإسلام السياسي.
وكانت الجزيرة في تونس مع حركة النهضة ضد التيارات الوطنية والعلمانية الأخرى. وكانت في مصر مع جماعة الإخوان ضد الدولة المصرية، وفي ليبيا كانت مع طرف ضد طرف آخر، وهكذا في كل الدول كانت "الجزيرة" أداة للفوضى.
قد يُطرح السؤال: كيف تغلق السلطة الوطنية الفلسطينية عبر مؤسساتها القانونية قناة قامت إسرائيل بإغلاقها؟ الجواب بسيط، قناة "الجزيرة" لا تؤثر على الرأي العام الإسرائيلي لا من قريب أو بعيد، فالجمهور الإسرائيلي يتابع فقط القنوات العبرية، عندما تغلق إسرائيل الجزيرة إنما تعزز دورها في أوساط الشارع الفلسطيني والعربي، فالمنع بهذا المعنى دعم لقناة الجزيرة لتقوم بالدور المنوط بها في تفتيت الشعب الفلسطيني وتعميق الانقسامات في أوساطه، وكذلك الأمر في باقي الدول العربية، حيث تبدو أنها مع المقاومة ولذلك إسرائيل أغلقتها وبالتالي يزداد تعلق الجمهور بها أكثر ومن خلال عملية الخداع هذه تقوم الجزيرة بتمرير أجندتها الجهنمية.
الدليل على ذلك أنه بالرغم من المنع الإسرائيلي واصلت الجزيرة عملها، ولكن أي عمل؟ العمل الذي يؤجج ويحرض الشارع الفلسطيني على ما تبقى له من كيانية سياسية معترف بها دوليًا، فإذا هدمت هذه الكيانية فلن يكون هناك عنوان معترف به للشعب الفسطيني، وهو ما يصب في مصلحة إسرائيل مباشرة. والسؤال هنا: لماذا أقدمت السلطة الوطنية الفلسطينية عبر مؤسساتها القانونية على منع الجزيرة؟ لأن القضية الفلسطينية تمر في مرحلة حرجة جدًا، وأن على السلطة الفلسطينية عبر مؤسساتها القانونية التصرف بمسؤولية وطنية هي في غاية الأهمية، ومن مسؤوليتها أن تعبر بالقضية الفلسطينية المرحلة من دون تصفية، والشعب الفلسطيني من دون تهجير، وأن يكون الفلسطينيون وقضيتهم داخل الترتيبات للمنطقة وليس خارجها، من هنا تأتي أهمية ضبط الوضع الفلسطيني الداخلي، ومنع انتشار ظاهرة الفوضى والتشرذم.
في المقابل، هدف أجندة الجزيرة هو إظهار السلطة الوطنية وكأنها عاجزة عن ضبط الوضع، لذلك تشجع التمردات هنا وهناك، وتشجع الفوضى والانقسام، بهدف إزاحة فتح ومنظمة التحرير من المشهد وإظهار وكأن حماس وحدها من يستطع ضبط الوضع، وقد يكون الهدف فقط نشر الفوضى خدمة للمشروع اليميني في إسرائيل وتمرير مخططه بتصفية القضية الفلسطينية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها